ان تسير فى الشارع أمر طبيعى يتبعه احتكاك مباشر وغير مباشر بكافة أطياف المجتمع ما بين سلام واستئذان وبيع وشراء ومناقشات ومناوشات وشد وجذب قد يصل الى حد الاشتباك ..هذاهو السيناريواليومى للتعامل الانسانى فى الشارع المصرى الان. انعدام اخلاقي بداية يرفض اللواء ضياء عبد الهادى الخبير الامنى ومساعد وزير الداخلية السابق والمحامى بالنقض وصف حالة الشارع المصرى بالانفلات الاخلاقى ، بل يؤكد ان البعض وصل الى درجة الانعدام الاخلاقى وارجع اسباب ذلك الى الثقافة والفهم الخاطئين والمختلطين للامور وما عكسه ذلك على فهم معنى الثورة التى اعتقد البعض انها مبرر لفوضويتهم خاصة ممن لديهم مشاكل اقتصادية الى جانب الامية وغياب الخطاب الدينى فقد فهم هؤلاء معنى الثورة على انها اللا قانون واللا اخلاق وهو مفهوم خاطئ بالطبع لمعنى الثورة فتجد مبررا لمن يسير فى عكس الاتجاه بقوله "اننا فى ثورة " ومن يبنى فى الارض الزراعية او يفترش الشارع ويعطل المرور "اننا فى ثورة" و كأن الثورة نضحت منا بأسوأ ما فينا من وجهة نظر اصحاب الفهم الخاطيء طبعا ليكون الانفلات الاخلاقى عنوانا لحالة الشارع الآن وخاصة ان الشرطة لم تتعاف بعد أو تستعيد قوتها والمفترض أنها تواجه هذا الانفلات والا سيتحول إلى جرائم وخاصة أن الشرطة حينما شرعت فى التعافى وجدت نفسها تواجه مرضا خطيرا وهو ضغوط الارهاب وغيرها. واضاف عبد الهادى ان الانفلات الاخلاقى استشرى الى ان وصل لبعض البرامج الحوارية ليشكل ظاهرة جديدة علينا وهى ظاهرة التراشق بالالفاظ وارتفاع الصوت على الهواء وتبادل السباب والشتائم امام الجمهور مما يعكس الفهم الخاطيء للبعض من النخبة بان مفهوم الثورة هو الفوضى والا ما تطاولوا على بعضهم البعض بهذه الطريق مما يعكس قلقا جديدا على الاجيال القادمة التى قد تخرج وتتربى على هذا الانفلات مما يسبب رعبا داخليا للآباء على الابناء لذلك فالاخلاق هى الحل الاول والرئيسى لما نحن فيه فهى نقطة البداية والانطلاق للانتاج والبناء فالالتزام والانضباط الاخلاقى هما اللبنة الاولى لأى مجتمع رشيد . واضاف عبد الهادى انه من الضرورى ايضا وجود جهاز امنى قوى وعادل فى ذات الوقت ليحاسب كل من يخطئ من خلال نظرية الردع الخاص وهذا ما يعنى ان العقوبة عقوبة شخصية بمعنى ان من يرتكب مخالفة يحاسب عليها وهذا بالتبعية سيؤدى الى الردع العام بحيث يعى المجتمع ان من يخالف سيعاقب وبالتالى يتجنب المخالفة حتى يتجنب العقاب . اما وسائل الاعلام المسموعة والمرئية فهى التى ستساهم فى "الردع الجمعي" ولابد ان نعرف ان الفوضى ستجرنا للخلف لذلك لابد ايضا من تفعيل الخطاب الدينى فى المساجد والكنائس و التوعية فى مؤسسات التعليم حتى نشكل الوعى الجمعى و نعود الى الانضباط . تفعيل القانون اما الدكتور رشاد عبد اللطيف استاذ تنظيم المجتمع ورئيس قطاع كليات الخدمة الاجتماعية بالمجلس الاعلى للجامعات .. فقد اكد ان عدم تفعيل القانون هو السبب الاول للانفلات الاخلاقى فى الشارع المصرى حيث لم يظهر اى نوع من العقاب للمخطئ او المخالف فتجد مظاهر متعددة لهذا الانفلات الذى يعرف على انه كل امر يتعارض مع القانون او القيم او الاعراف وهنا يعتبر معيار غير اخلاقى مثل البناء على الاراضى الزراعية او الاساءة وعدم الاعتذار او بعض الاحتجاجات وتعطيل العمل الغير مبرر او التحرش وغيرها . وما يستنكره الدكتور عبد اللطيف هو وسائل الاعلام التى تعرض الافلام او الدراما عامة التى تصور المنحرف اخلاقيا بانه شخص له قيمة بان ينال الثراء او يتزوج الجميلات او غيرها من دوافع تقليد هذا المنحرف مما يجعل لذلك دورا فى زيادة الانحراف الاخلاقى اما الامر الاخر الذى يزيد الظاهرة فهو ما حدث لبعض الاسر المصرية من تفسخ اجتماعى حيث اصبحت غير قادرة على مراقبة او متابعة ابنائها اضافة الى نظرة بعض الابناء الى ابائهم على انهم دقة قديمة وغير مواكبين لتطورات العصر. اما الامر الاخطر كما يصفه الدكتور رشاد - والاهم من وجهة نظره - هو غياب او الافتقاد الى الانتماء الوطنى حيث ان هناك كثيرين لا يعرفون قيمة هذا الوطن الا حينما يتركوه ويتغربون لذلك لابد من تنمية الحس الوطنى لانه اذا علا فستجد من يحمى هذا الوطن من اى انفلات لا لشيء الا لأنه يحبه. ويرى الدكتور رشاد ان الحلول من وجهة نظره تبدأ بايجاد فرص عمل حقيقية للشباب لأنه حينها سيبدأ الانتماء الحقيقى والمحافظة الفاعلة على هذا الوطن الى جانب ضرورة عودة هيبة الوطن بتطبيق القانون بعدالة مع ضرورة القضاء على الاستبعاد الاجتماعى للفقراء والمهمشين . ظاهرة متراكمة ويرى الدكتور سعيد الصادق استاذ علم الاجتماع السياسى ان هذه الظاهرة كانت موجودة قبل الثورة ولكنها زادت واستشرت بعدها وهذا يرجع الى ضعف الادارة المركزية والامن المجتمعى الغائب ولكن كل ذلك يعد من الظواهر الطبيعية بعد الثورات وذلك بسبب الاستهتار بالعقاب وخاصة فى ظل اجراءات التقاضى البطيئة فقد اصبح شيوع السلوك السيء أمرا منطقيا حتى فى التعامل العادى بين الاشخاص فى الشارع . و يرى الدكتور سعيد ان الانفلات لابد ان يواجه بعنف شديد بالا تكون العقوبات ضعيفة وغير رادعة فالعقوبات الهينة كانت قد تجدى اذا كان الامر فى بدايته ولكنها الان اصبحت ظاهرة مستشرية لذا لابد ان تكون العقوبة رادعة سواء مادية او بالحبس حتى لايقدم على هذه الافعال أحد . ويضيف ان لا أحد ينكر ان الوضع السياسى له دخل فالأنظمة التى تفقد الشرعية ورضا الشعب تهتم بالامن السياسى لضبط الشارع ولذلك فهى مسيطرة ولكن بعد سقوط النظام استشرى الانفلات الاخلاقى حيث يكون اتجاه مرتكبيه بأنه إذا لم يكن هناك عقاب فما المانع من ارتكاب الخطأ . ولكن اكد الدكتور سعيد ان هذا الوضع «مؤقت» ولكنه سيأخذ وقته حتى ينتهى لانها ظاهرة متراكمة ستنتهى قطعا ولكن لابد للاعلام من دور ليساعد على نهايتها واضاف ان استقرار الوضع السياسى سيؤدى الى ايجاد حل مؤكد للانفلات الذى سينتهى تدريجيا شيئا فشيئا.