استكمال مسابقة 30 ألف معلم.. 8 تصريحات ل وزير التعليم أمام النواب    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة (بداية التعاملات)    هاريس: الديمقراطيون مستعدون إذا حاول ترامب استباق نتيجة الانتخابات بإعلان فوزه    «الشناوي أم شوبير»؟.. الحضري يكشف الحارس الأفضل لعرين الأهلي أمام الزمالك بالسوبر    القنوات الناقلة لمباراة مانشستر سيتي وسبارتا براج في دوري أبطال أوروبا    محمد العدل عن هدم القبة التراثية: «خلوني زي النعامة أحط راسي في الرمل»    بريطانيا: ضربات روسيا بالبحر الأسود تؤخر إمدادات الحبوب للفلسطينيين ومصر    عشرات الغارات يشنها الاحتلال على بيروت ومناطق متفرقة في لبنان    ثروت سويلم: ما حدث عقب مباراة الزمالك وبيراميدز إساءة والدولة مش هتعديه دون محاسبة    تصعيد إسرائيلي في «غزة» يسفر عن شهداء ومصابين وتدمير واسع    قبل أيام من الكلاسيكو.. رودريجو يوجه رسالة لجماهير ريال مدريد بعد إصابته    الكومي: فرد الأمن المعتدى عليه بالإمارات «زملكاوي».. والأبيض سيتأثر أمام الأهلي    منصور المحمدي يُعلن ترشحه لمنصب نائب رئيس اتحاد الطائرة بقائمة مخلوف    رياح وأمطار بهذه المناطق.. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم ودرجات الحرارة    خبير يكشف موقف توربينات سد النهضة من التشغيل    بحفل كامل العدد|هاني شاكر يتربع على عرش قلوب محبيه بمهرجان الموسيقى العربية|صور    يسرا تدير الجلسة الحوارية لإسعاد يونس في مهرجان الجونة    أمن كفر الشيخ يكشف لغز العثور على جثة شاب ملقاه بترعة في بيلا    مصرع طفل أُغلق على جسده باب مصعد كهربائي بكفر الشيخ    حسام المندوه يكشف سبب تأخر بيان الزمالك بشأن أزمة الثلاثي |تفاصيل    بدلا من الذهب.. نقابة المصوغات والمجوهرات تنصح المواطنين بالاستثمار في الفضة    مصرع شخصين في حادث تصادم سيارة فنطاس فى التجمع    دوللي شاهين تطرح برومو أغنية «أنا الحاجة الحلوة».. فيديو    إذا كان دخول الجنة برحمة الله فلماذا العمل والعبادة؟ أمين الفتوى يجيب    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    بينها عادات سيئة .. هؤلاء الأشخاص أكثر عُرضة لالتهاب الجيوب الأنفية    أدباء وحقوقيون ينتقدون اعتقال الخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق    5 آلاف في الساعة.. التحقيق مع أجنبية متهمة بممارسة الدعارة في القاهرة الجديدة    تشريح جثة طفل عثر عليها ملقاة بالشارع في حلوان    ضبط 5 أطنان دواجن فاسدة داخل مجازر غير مرخصة في بدمياط    البطريرك يلتقي عددًا من الآباء الكهنة والراهبات في روما    أرباح لوكهيد مارتن خلال الربع الثالث تتجاوز التقديرات    وزير المالية: 3 أولويات لتعزيز البنية المالية الإفريقية في مواجهة التحديات العالمية    الهجوم على إيران.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يعقد اجتماعًا الليلة    الفنانة عبير منير تكشف كواليس تعارفها بالكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة: "عشنا مع بعض 4 سنين"    إنفوجراف| أبرز تصريحات الرئيس السيسي خلال لقائه مع نظيره الروسي    أوكرانيا تبحث مع استونيا تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد    محافظ البحيرة تعقد ثاني لقاء موسع مع الصحفيين لتسليط الضوء على قضايا ومشاكل المواطنين    حلوى الدببة الجيلاتينية التى تباع في آلات البيع الألمانية تحتوى على سم الفطر    احذروا الوقوف طويلًا أثناء فترات العمل..يسبب الإصابة بالجلطات    حلواني بدرجة مهندس معماري| ساهر شاب بحراوى يفتتح مشروعه لبيع «الفريسكا»    أرسنال يعود لسكة الانتصارات بفوز صعب على شاختار دونيتسك    عمر خيرت يعزف أجمل مقطوعاته الموسيقية بحفل جسور الإبداع بين مصر واليابان    الفنان عبد الرحيم حسن: "فارس بلا جواد" كان علامة في حياتي ودوري فيه كان تحدي    القاهرة الإخبارية: 4 غارات إسرائيلية على مناطق برج البراجنة وحارة حريك والليلكي في الضاحية جنوب لبنان    انفراجة وإصدار التراخيص الفترة المقبلة.. مقرر لجنة إعداد قانون البناء يكشف التفاصيل    تفاصيل ضبط طالب لقيادته سيارة وأداء حركات استعراضية بالقطامية    هل الإيمان بالغيب فطرة إنسانية؟.. أسامة الحديدي يجيب    نائب الرئاسي الليبي يبحث مع مسؤولة أممية التطورات السياسية في ليبيا    شتوتجارت يسقط يوفنتوس بهدف قاتل فى دوري أبطال أوروبا    رئيس جامعة الأزهر يتابع أعمال التطوير المستمر في المدن الجامعية    الكويت تنضم رسميا إلى البروتوكول المعدل لاتفاقية مراكش المؤسسة لمنظمة التجارة العالمية    نشرة المرأة والمنوعات: الوقوف لساعات طويلة يصيبك بمرض خطير.. أبرز أسباب مرض داليا مصطفى.. سعر غير متوقع ل فستان ريهام حجاج    وزير الشؤون النيابية: نحن في حاجة لقانون ينظم شؤون اللاجئين بمصر    نواب البرلمان يعددون مكاسب المصريين من التحول للدعم النقدي    قومي المرأة يهنئ المستشار سناء خليل لتكريمه في احتفالية "الأب القدوة"    هل قول "صدق الله العظيم" بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تربية الأبناء تحتاج إلى صبر واهتمام.. وعليك بهذا الأمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان: حوار الأقنعة المتعددة

توقع السودانيون جميعا شماليين وجنوبيين بعد استفتاء عام2011، والذى انتهى بإنفصال الجنوب، أن يدخل البلدان فى حقبة تاريخية جديدة خالية من النزاعات الأهلية المسلحة، والمشكلات الإقتصادية.لكن لسوء حظهم، تزامن هذا الحدث العظيم مع إندلاع الانتفاضات الشعبية مدشنة ما يسمى «الربيع العربي».
فتحولت أنظار العالم إلى هذه المنطقة، ولم يهتم أحد بما يدور فى السودانيين شمالا وجنوبا. وتعرض البلدان لإهمال كامل. ظل السودانان فى الظل حتى هذا الأسبوع حين رأينا (جون كيرى) وزير الخارجية الامريكية، يتجول فى شوارع (جوبا) عاصمة دولة جنوب السودان. حتى تفاقمت الأزمات فى الشمال والجنوب، ولأن النخبة الحاكمة فى الجنوب مقاتلة أصلا كان من الطبيعى أن تلجأ فى تسوية أزمتها بلغة السلاح ،وهذا ما حدث بين الرئيس(سلفا كير) ونائبه(رياك مشار). لكن حزب (المؤتمر الوطنى) الحاكم فى الشمال، أطلق مبادرة لما سماه (الحوار الوطني). وهذا ما سوف يركز عليه هذا المقال باعتبار هذه الخطوة هى محاولة أخيرة لتجاوز الأزمة وللخروج الآمن للنظام السودانى، والتحلل من مسئولية أى أخطاء سابقة.
كان خطاب الرئيس (عمر البشير) فى 27 يناير2014 والذى أعلن فيه عن حوار شامل للجميع، بمثابة طوق نجاة لنظام عاجز ومعارضة حائرة. فقد دخل كل العمل السياسى فى دولة السودان، فى ورطة ومأزق استنفد كل المناورات والمحاولات. ورغم أن الخطاب جاء خاليا من أى إجراءات عملية لبناء الثقة أو تهيئة الأجواء بإطلاق الحريات وإبطال قوانين الطوارئ، إلا أن المعارضة- بالذات الأحزاب التقليدية- هرولت سريعا لانتهاز الفرصة.ومرت على الخطاب حتى الآن ثلاثة أشهر، ولم تعلن عن آليات هذا الحوار. وقد انشغلت الساحة السياسية السودانية تماما بهذه الكلمة التى صارت مبهمة لعدم وجود تغييرات ملموسة تبشر بالخروج من الأزمة.وتثبت قرائن الأحوال كل يوم،أن النظام يناور ويكسب وقتا لهندسة انتخابات عام2015 بطريقة تضمن فوز الرئيس (البشير) والحزب.
لكن يبدو أن كل الأطراف السياسية لها فهمهما الخاص للحوار.فقد تحدثت بعض القوى السياسية المعارضة وبالذات ما يسمى بالقوى الحديثة - عن الحوار كوسيلة لتفكيك النظام، مستغلين أيّ انفتاح نسبى فى الحريات.ولكن رد عليهم نائب الرئيس السابق (نافع على نافع) بأن حزب (المؤتمر الوطني) الحاكم من الذكاء بحيث لن يسمح بتفكيكه من خلال الحوار. وحذر آخرون من الإنتحار أو التفكك الذاتي.أما (حسن مكي) الإسلامى الصريح، فقد قال مباشرة «... فالحوار رغم الاستبشار به لا اعتقد انه يمكن ان يؤدى الى نتائج، بل هناك اجندة خاصة يتم التمهيد لها تتعلق باعطاء الرئيس فترة رئاسية جديدة». (الرأى العام 25 ابريل2014). وبدأ الشك يدب فى صدور بعض أحزاب المعارضة التى شكلت «قوى الإجماع الوطنى»، فأعلنت صراحة رفضها للحوار فى مثل هذه الأجواء غير الديمقراطية.
دأب النظام السودانى على شق صفوف معارضيه بتقديم اغراءات يصعب على الكل مقاومتها، خاصة حين يتعلق الأمر بالوزارات والحكم.وأغلب الأحزاب بعضها فى الحكم والبعض الآخر يعارض.وهذه المرة كان الصيد ثمينا، فقد نجح النظام فى سحب أكبر الأحزاب من صفوف تجمع المعارضة. وفى نفس الوقت، تعرض بعضها للانشقاق لرفض أجنحة داخلها لقرار الدخول فى الحوار بلا شروط. وكان آخر هذه الانقسامات فصل حزب الأمة لأمينه العام بايحاء من رئيس الحزب. ولكن من دهاء التاريخ، أن سلاح الإنقسام ارتد للنظام الحاكم نفسه، ودارت معارك استخدمت فيها كل الأسلحة، بين المعارضين والمؤيدين للحوار. وكان من أخطر وسائل تصفية الحسابات داخل الحزب الحاكم، الفضح المتبادل لممارسات الفساد.وهذه أعاصير لابد أن يحاول النظام احتواءها سريعا.
يعيش الوضع السياسى السودانى حالة من التيه، وانعدام أى بوصلة تحدد الاتجاه أو الأهداف.وتتحرك كل القوى السياسية «خبط عشواء»، ويتساوى فى ذلك الحكومة والمعارضة. وفى نفس الوقت ، تتصاعد التحديات الكبرى ولا توجد استجابة تماثلها. فالأزمة الاقتصادية تتفاقم يوميا ويعيش الناس حياة معيشية مزرية، والانتاج متوقف تماما رغم بداية الموسم الزراعى بسبب العجز عن التمويل وشح مدخلات الانتاج، ووصلت العملة المحلية أدنى مستوى لها منذ سنين طويلة.وفى الوقت نفسه، توقفت جهود السلام فى دارفور التى ترعاها دولة (قطر) المشغولة بمشاكلها الخاصة. وقد أدى هذا الفشل فى تحقيق السلام سريعا، الى عودة الميليشيات والجنجويد، وهم أكثر تسليحا هذه المرة. وليس من المبالغة فى شيء، القول بأن دارفور تسير سريعا نحو تقرير المصير، لأن هذه المعاناة لا يمكن أن تستمر للأبد.
يواجه السودان مستقبلا قريبا قاتما، ولا تتحمل أوضاعه المناورات واللعب السياسى العبثى الذى تعودت عليه القيادات والنخب.وهذه هى الفرصة الأخيرة فعلا ، فالسودان بلد الفرص الضائعة بامتياز- فى كل المجالات.
فقد كان رائدا للديمقراطية بين الدول حديثة الاستقلال. وكان يبشر بأن يكون سلة غذاء المنطقة، والآن تضربه المجاعات كل عام. فهل يمكن تحويل الحديث المجانى المرسل عن الحوار إلى فعل حوار حقيقى وواقعى؟
لمزيد من مقالات حيدر إبراهيم على


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.