في الوقت الذي يسقط فيه الشهداء من ضباط الشرطة دفاعا عن الوطن، هناك عناصر سيئة تنتسب لهذا الجهاز العريق وتسئ له. ولا خلاف علي أن الشرطة هي صمام الامان في المجتمع وبدونها تنتهك الأعراض ويروع الآمنون ويضيع الحق، وقد أجبر القانون أعضاء هذا الجهاز علي السير في طريق محدد ، بدايته القوة والحزم وآخره رد الحقوق والدفاع والذود عنها وبذل الغالي والرخيص في سبيل ذلك ، ولكن لكل قاعدة شواذ فهناك من يرتكب الجرائم منهم ويكون مثالا سيئا لباقي زملائه. وعلي سبيل المثال لا الحصر، هناك ضابط مرور الحوامدية الذي تم القبض عليه بعد قيامه بانهاء رخص القيادة للمواطنين بعد الحصول علي مبالغ مالية لنفسه، وضابط المرور الذي ارشد الارهابيين عن تحركات الشهيد محمد مبروك ضابط الامن الوطني وكان سببا رئيسيا في اغتياله بدم بارد، وايضا ضابط الشرطة الذي تم ضبطه يتعاطي الهيروين بطريق مصر السويس واخيرا ضابطان يقومان بتلقي مبالغ مالية علي سبيل الرشوة من مقاول ويتم ضبطهما بعد تسجيل لقاءاتهما بالصوت والصورة. وكان من الاحري بدلا من ان تترصد الداخلية لعناصرها وتضبطهم متلبسين ان تمنع مثل هذه الجرائم فهي المنوط بها تقويم عناصرها حتي تصل الرسالة صحيحة الي المواطن ولا تتشوه «البدلة الميري» بأفعال هؤلاء. مصدر أمني بوزارة الداخلية يعلق علي تلك الوقائع الاجرامية التي يرتكبها المنوط بهم حماية الوطن قائلا ان كل هذه الاحداث سببها الرئيسي هو تراجع دور وزارة الداخلية في تقييم ضباطها وافرادها والسماح بتفشي ظاهرة امين الشرطة الذي اصبح يتحكم بنصيب الاسد في سير العملية الامنية بمصر، وتساءل اين دور جهاز التفتيش وشئون الضباط ماذا تفعل فهاتان الجهتان الاصل في انشائهما هو الحفاظ علي الكيان الشرطي وحماية العناصر الشرطية من شر انفسهم وتقويمهم والتدخل في الوقت المناسب حتي لا تقع الجريمة ممن هم مانعوها . لا يتوقف الامر عند هذا الحد بل اكد المصدر الامني ان وزارة الداخلية منذ اندلاع ثورة يناير ومع تعاقب وزراء الداخلية كانت تحال القيادات الامنية ذات الخبرات الميدانية للمعاش وتحل مكانها قيادات هزيلة وضعيفة تفتقد للخبرة وكأنه مخطط للقضاء علي الكيان الشرطي في مصر ، واوضح ان الاصلاح لم يصل في الاصل الي وزارة الداخلية وان كانت التصريحات تتحدث عن انه لا عودة الي ماقبل ثورة يناير فان الواقع يقول عكس ذلك. وفجر مفاجأة بان اهتمام الضباط بجرائم الارهاب فقط جعلهم يغفلون القضايا الجنائية وهي اصل معني شعور المواطن بالامان فلا تحقق فالجرائم الا التي يكون احد عناصرها الجماعة الارهابية ، واهتمت القطاعات الأمنية المختلفة بتأمين مقارها ضاربة بعرض الحائط حق المواطن في ان يسير في الشارع او حتي يدخل منزله الذي تصادف ووجد بجانب قسم شرطة. هذا بالاضافة الي ضعف القيادات الامنية الحالية وما يستتبع ذلك من استهانة الضباط بهم وبقراراتهم وايضا العلاقة السيئة والتي تفاقمت بين الضابط وامين الشرطة فالأول يمارس الزعامة، والثاني يبتز المواطن ، فاصبح الامر ينذر بثورة جديدة علي الظلم قد تخسر فيها كل الاطراف . وحول مرتكب الجريمة وكونه ضابطا وما اذا كان ذلك يعد ظرفا مشددا للعقوبة يقول المستشار رفعت السعيد رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق انه اذا ارتكب الضابط جريمة اعتداء علي مواطن بصفته الوظيفية مستخدما سلطته في ذلك كالاعتداء علي احد المتهمين في قضية يجري فحصها بمعرفة الضابط او علي احد المحبوسين بقسم الشرطة فان هذا التعدي يعتبر جريمة اطلق عليها المشرع المصري جريمة استعمال القسوة بدلا من جريمة التعدي بالضرب وانواعها ، اما لو ارتكب الضابط جريمة بصفته الشخصية كمواطن عادي ولم تكن اعتمادا علي وظيفته فانه يعاقب كما يعاقب المجرم العادي . وعن حق الضابط في الاضراب او الامتناع عن العمل يقول المستشار السعيد ان الضابط مقامه مقام الموظف العام من حقه طبقا لمواثيق حقوق الانسان ان يضرب او يمتنع عن العمل ولكن هناك وظائف عامة اذا امتنع موظفوها عن العمل وترتب عن ذلك تعرض مواطن للايذاء فان الموظف يحاكم علي جريمة "الترك" مثلما عوقب مبارك فتركه للاحداث الدامية اسقط الضحايا فكان عقوبته المؤبد حسبما ترتب علي تركه من جريمة ، فلو مثلا قام احد المجرمين بقتل احد المواطنين بينما يمتنع الضابط عن اداء وظيفته في منع وقوع الجريمة فانه يعاقب علي جريمة "الترك" . واضاف المستشار السعيد انه يتم حبس الضابط المتهم احتياطيا داخل وحدات عسكرية مخصصة لذلك اما بعد صدور الحكم النهائي فانه يتم ايداع الضابط بالسجون العادية والليمانات اذا كانت عقوبته مشددة.