مع دعوة مقال الخميس الماضي الي حركة عربية نشيطة علي الصعيد الدولي تحول دون إتمام اسرائيل لمخطط تهويد القدس وجعلها عاصمة وإكسابها شرعية زائفة كأمر واقع. دعا المقال في هذا السياق إلي تشكيل لجنة الحكماء العرب والمسلمين من الملوك والرؤساء بخصوص القدس. ويمكن للجنة تشكيل وفود رئاسية تتناوب علي زيارة العواصم الدولية في مختلف القارات لتدعو الي تعبئة رأي عام دولي مناصر لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إعلان دولته وعاصمتها القدس وبهدف أساسي هو أن تظل القدس قضية ساخنة في الأممالمتحدة والمحافل الدولية الاخري. ولا عجب فقد سبقنا جيل الأجداد علي هذا الدرب منذ ثلاثينيات القرن الماضي حيث انبري عدد من فقهائنا وخبرائنا إلي تناول الإطار القانوني لمسألة القدس منذ أن بدأ ظهور الأطماع الصهيونية في الأراضي المقدسة قبل إعلان قيام اسرائيل عام.1948 ولا ننسي دفاع فقهائنا القانوني أمام اللجنة الدولية التي بعثت بها عصبة الأمم في يونيو/ يوليو1930 لبحث مسألة حقوق العرب في مكان البراق الشريف الذي يطلق عليه خطأ اسم الحائط الغربي أو حائط المبكي وتتناسي وسائل إعلامنا الاسم الأصلي والصحيح, وتشكلت اللجنة الدولية من فقهاء سويسرا وهولندا والسويد وأطلق عليها اسم لجنة البراق واستمعت اللجنة الي الطرفين العربي واليهودي واطلعت علي بياناتهم خلال ثلاث وعشرين جلسة استمعت خلالها لاثنين وخمسين شاهدا بينهم اثنان وعشرون قدمهم الجانب اليهودي وثلاثون من الجانب العربي وواحد من موظفي حكومة الانتداب البريطاني وبعد استماع اللجنة لمرافعات الفريقين أقرت بملكية مكان البراق للمسلمين وحدهم لكونه جزءا من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف, ومع هذا فقد سمحت اللجنة لليهود بممارسة ما اعتادوه من البكاء الي جانب الحائط نظرا لموافقة الحكام المسلمين علي ذلك من قبل, وتأكيدا لإقرار اللجنة للملكية العربية الإسلامية لمكان البراق تم عقد المؤتمر الإسلامي العالمي للدفاع عن المقدسات الإسلامية بجوار المسجد الأقصي عام.1931 هكذا واكب العنصر القانوني التحرك الدبلوماسي والإعلامي العربي والاسلامي بشأن القدس منذ وقت مبكر ومن هنا تقع المسئولية التاريخية الكاملة علي المدرسة القانونية وهي مدرسة لها مكانتها الدولية المعروفة, ومع ذلك فإن الجانب القانوني لقضية القدس لا يحظي إلا بكتابات ودراسات عربية قليلة نسبيا. ومن ناحية أخري فإنه علي الرغم من دورية القمم العربية والإسلامية العادية وانعقاد القمم الطارئة بين حين وآخر, إلا أن قضية القدس تدرج دائما في أجندة تلك القمم مع عشرات القضايا الاخري الرئيسية والفرعية القديمة والجديدة والمستجدة دون ان يتفرغ صناع القرار العربي والاسلامي لقضية القضايا العربية المعاصرة وهي قضية القدس. وفي تقديري ان قضية القدس دون سواها من القضايا الشائكة والمعقدة والعاجلة لا تحتمل التأخير أو التأجيل أو الاكتفاء بإدراجها ضمن جدول أعمال مزدحم بالقضايا الأخري مثل جدول أعمال القمة العربية المقرر عقدها بمدينة سرت السبت القادم. وما أحوج قضية القدس أن تكون لها قمة دورية خاصة كل شهرين أو كل ثلاثة أشهر, ومثل هذا الاقتراح سوف يكون أكثر مصداقية لو تم عقدها في إطار قمة عربية اسلامية بالتنسيق بين الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي حتي تكون الأمة العربية الإسلامية ظهرا وسندا للمفاوض الفلسطيني الذي يخوض معركة صعبة أمام حكومة نيتانياهو الحالية وغطرسة تصريحاته الأخيرة خلال زيارته للولايات المتحدة ويكرر نيتانياهو هنا ما ذهب اليه أرييل شارون قبل أن تصيبه الغيبوبة منذ سنوات, ولايزال أسيرا لها. وفي سياق الدعوة إلي قمة دورية عربية إسلامية للقدس تبدو أهمية تعيين57 وزيرا لشئون القدس( بعدد الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي ومنهم ال22 دولة عربية), ومثل تلك الخطوة من شأنها لفت أنظار العالم كله الي ان قضية القدس ليست قضية فلسطينية فحسب وإنما هي قضية عربية إسلامية تمتد علي جبهة عريضة من العالم العربي الإسلامي من جاكرتا شرقا الي طنجة غربا, ومما يدعونا الي الإسراع باتخاذ تلك الخطوة الرد علي الإجراء الذي اتخذته اسرائيل مبكرا منذ احتلالها القدس بتعيين مسئول ثم وزير دولة مكلف بملف القدس أو شئون القدس, وما أحوجنا, ونحن أصحاب حق ثابت موثق تاريخيا وتكفله الشرعية الدولية, ما أحوجنا الي57 وزيرا لشئون القدس غيورين علي المدينة ومقدساتها يكونون عونا للوزير الفلسطيني المعني بالقدس في المحافل الدولية وفي سياق التحرك الدبلوماسي والإعلامي العربي المطلوب من أجل إنقاذ القدس. [email protected] المزيد من مقالات د. أحمد يوسف القرعى