ظاهرة انتشار الباعة الجائلين فى الميادين والشوارع العامة أصبحت مشكلة تؤرق المجتمع المصرى بكامله وتهدد الاستقرار وأمن الوطن، مما أدى إلى حدوث اختناقات فى معظم الميادين المهمة والشوارع الرئيسية فى العاصمة مثل ميادين «طلعت حرب» و«العتبة» و«روكسي»، وكذلك شارعا 26 يوليو وطلعت حرب (سليمان باشا). هؤلاء الباعة الجائلون اسما والمقيمون فعلا - احتلوا الشوارع والأرصفة دون وجه حق وكأنها ملك لهم، وعندما تهاجمهم شرطة المرافق نراهم يفرون هربا ببضائعهم ثم يعودون لأماكنهم مرة أخرى عندما تختفى الشرطة عن المشهد وكأنه لم يحدث شيء. وكان يتندر المواطنون على لعبة «الكر والفر» التى يطلقون عليها «لعبة القط والفأر» وحتى هذا المشهد كاد يختفي، الأمر الذى أدى إلى عدم السيطرة على الباعة الجائلين حتى وصل الأمر الأخطر إلى أنهم يتشاجرون مع أصحاب المحال التجارية محاولين فرض سيطرتهم على الشوارع وأيضا الزبائن وكأنه حق لهم، ومن هنا تقع المشاجرات التى تصل إلى حد القتل بين الباعة الجائلين وأصحاب المحلات التجارية الذين يعانون أشد المعاناة للوصول إلى مدخل محالهم أو نقل بضائعهم، وذلك بسبب افتراش الباعة الجائلين الذين يمارسون أعمال الشغب والبلطجة على المجتمع ككل. وفى محاولة من الحكومة الحالية لإحتواء أزمة الباعة الجائلين وتخفيف وطأة الاختناقات المرورية التى تسببها عشوائية افتراش الأرصفة والشوارع ببضائع الباعة الجائلين جاءت فكرة بناء «باكيات» فى أهم الميادين وتأجيرها للباعة فى مكان واحد لهم بعيدا عن أصحاب المحال التجارية. ومن هنا يشرح أحمد حسين نقيب الباعة الجائلين أن سبب أزمة الباعة الجائلين ترجع إلى 30 عاما وتراكمت سنوات تلو الأخرى عندما وعدت حكومة الرئيس الأسبق حسنى مبارك بحل المشكلة وتوفير أماكن لهم، ولكن لم يحدث شيء إلى أن جاء قرار رئيس الوزراء إبراهيم محلب بإيجاد أماكن أو بناء باكيات صغيرة المساحة خلال ثلاثة أشهر للباعة الجائلين، حيث بلغ عددهم 3 آلاف بائع من الجلاء إلى الكورنيش أى شارع 26 يوليو والجلاء وقصر النيل وطلعت حرب والإسعاف، وأصدر دكتور جلال السعيد محافظ القاهرة تعليماته بتخصيص أرض «وابور الثلج» للباعة الجائلين على أن تكون دورا واحدا على أرض مسطحة، ولكن المشكلة أنها تستوعب 920 باكية فقط وليس 3 آلاف هم عدد الباعة الجائلين، فأنا لا أستطيع تسكين جزء و الجزء الباقى يستمر فى الشارع فلابد من حل المشكلة للجميع، فإذا سمحوا بأن تكون بناء الباكيات على أكثر من دور فإنها ستستوعب جميع الباعة الجائلين، ولكن فى النهاية الحكومة خصصت 1820 باكية للباعة، ولقد وقع الباعة إقرارا للنقابة على موافقتهم على دخول الباكيات بموجب قانون 105 لعام 2012 تغليظ العقوبة على البائع وغرامة 10 الاف جنيه ومصادرة البضاعة إذا ما نقض إقراره وموافقته على تسكينه وذلك فى حالة عودته الافتراش فى الشارع، وتأكيدا لذلك قامت النقابة بتوزيع بيان بمساهمة البائع فى البناء بمبلغ ما بين 2000 إلى 5000 للدولة نظرا للظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد. أرض «وابور الثلج» على الجانب الآخر جاءت شكوى للأهرام يستغيث فيها عمال شركة الإسكندرية للتبريد المعروفة ب «أرض وابور الثلج» بأن الشركة تقوم بتصفية العمال بسبب رفضهم بيع الشركة بخسارة بمبلغ 36 مليون جنيه حفاظا على المال العام ، لأن قيمة أصولها الفعلية تتجاوز النصف مليار جنيه وفى ذلك إهدار للمال العام والسبب هو إيجاد أماكن لحل مشكلة الباعة الجائلين، ولكن فى حقيقة الأمر الحكومة تحل أزمة فى مقابل صنع مشكلة أخرى وهى تصفية وتسريح عمال من أجل الانتهاء من صداع الباعة الجائلين!! البطالة سبب الأزمة يوضح الدكتور إبراهيم سامى الخبير الاقتصادى أن سبب أزمة الباعة الجائلين ترجع إلى تفاقم مشكلة البطالة التى تزداد سوءا بمعنى أن هناك الكثير من الباعة خريجى المعاهد وأيضا الجامعات، ولكنهم يواجهون أزمة وهى عدم توافر فرص عمل للشباب أو إيجاد كوادر جديدة فى المجتمع أو إيجاد أماكن للعمل بعيدا عن الوساطة، ومن هنا يصطدمون بالواقع ، فمنهم من يحاول خلق باب للرزق والقوت اليومي، والآخر من يلجا لأعمال البلطجة أو السقوط فى هوية المخدرات، فتلك المشكلة هى فشل حكومى فى احتواء هؤلاء الشباب فكان لزاما عليها أن تحل مشكلة من يعمل منهم كباعة جائلين. وهناك أماكن ارتبطت بالباعة الجائلين مثل شارع وزارة الزراعة بالدقى المتكدس بالباعة الذين احتلوا الارصفة وطرقات الشوارع ويعملون على شراء الموظفين منهم يوميا وكأنه حقهم الطبيعى وليس من حق المارة أو السيارات السير فى هذا الشارع الحيوى المزدحم بالعمارات والسكان الذين يعانون من الضوضاء كل يوم من الساعة السابعة صباحا وحتى الرابعة عصرا بعد الانتهاء من يوم العمل، أما فى يومى الجمعة والسبت- إجازة الهيئات الحكومية - فهما أيضاً إجازة أسبوعية للباعة لأن رزقهم من الموظفين فى هذا الشارع.