إن كان المسيح قد عانى الظلم وهو البرئ المطلق، وحمل صليبه وهو الحامل إلينا النعمة. ولأنه أصبح واحداً منا فى كل ما عدا الخطيئة، وزار كل إنسان فى عمق تعاسته لكى لا يشعر أحد أنه متروك فى معاناته وآلامه أو وحيد من دون إلتفاتة محبة من الله الذى جبله بيديه ولا يمكن أن ينساه. نرتبط بالمسيح أولا بفعل إيماننا به. وبفضل هذا الإيمان ، تتحول حياتنا لتصبح صورة حقيقية عن حياته، ومواقفنا وتصرفاتنا وأعمالنا وفقاً وطبقاً لمواقفه وتصرفاته وأعماله. المؤمن يرى انتصار المسيح على الشر نعمة بها ينال من ربه نعمة تغيير ما فى داخله لينتصر هو بذاته، على مثال معلمه الإلهي، على كل الشرور والأوجاع والفشل التى تصادفه فى حياته ليعطى ثماراً جديدة. المؤمن المعتمد يدخل فى حياة المسيح يعيش ويموت على شبه حياته وموته، وينهض إلى الحياة والانتصار إلى شبه قيامته، شاهداً لكل عمل وعلم. وإذا كانت هناك أمور لا تسير على مايرام فى حياتنا فلأن هناك ثمناً يجب علينا أن ندفعه من صلاة وتوبة وتضحية روحية وأعمال رحمة فترتفع عندئذ حرارة الخير فينا لتزداد انتشاراً على الأرض والمجتمع وتقوي، عندئذ نغلب الشر بالخير والإيمان. من أجل ذلك نحن مرتبطون بالمسيح لنشر عبير محبته وتعاليمه بين الناس. لقد عرفنا فى حياته أن الموقف الأقوى هو موقف المسامحة. هذه هى هوية آدم الجديد الذى دعينا إلى أن نلبس صورته ونحيا على مثاله . لقد غفر لأعدائه وصالبيه وعلمنا أن نقتدى به إذا كنا حقيقة نعد أنفسنا تلاميذه.فالجديد فى تعليمه أن الناس لا فرق بينهم، ولا ينقسمون إلى أغنياء وفقراء، إلى غرباء وأقرباء ، ولا إلى أعداء وأصدقاء بل هم جميعاً مدعوون إلى نبذ العداوة والعنف والغربة من صفوفهم ، لأنه صالح الجميع بدمه الذى أعرقه من أجلهم . ولأن إرادته هى فى أن يجمع أبناء الله المشتتين والبعيدين إلى واحد. فالمحبة إذا تبنى الملكوت ولا تخطئ أبداً فى حل مشاكل العالم ونزاعاته . بينما غيابها يجلب خيبات الأمل واليأس والتقهقر على كل المستويات الإنسانية والروحية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية. أسقف الأسكندرية للأرمن الكاثوليك لمزيد من مقالات المطران كريكور أوغسطينوس كوسا