تجددت المخاوف مرة أخرى بعد ظهور مستعمرات الجراد المغربى فى منطقة بنى غازى الليبية، خشية عبورها للحدود المصرية، مما دفع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى لاتخاذ العديد من التدابير الوقائية، عبر إرسال فرقتين للاستكشاف والمكافحة على الحدود فى السلوم ومرسى مطروح، فضلاً عن تجهيز55 وحدة للمكافحة ، كما تم تجهيز 30 طناً من المبيدات للمكافحة الآمنة، كما انطلقت فرق المكافحة المصرية لتمشيط الحدود المصرية الليبية، مستعينة بسيارات الدفع الرباعي، للاستكشاف والمراقبة فى الأماكن الوعرة. تبدو الأوضاع مطمئنة هذه المرة، فالجراد المغربى الموجود حالياً فى ليبيا - حسب ما أكدته لجان المكافحة ل « تحقيقات الأهرام» أقل خطورة من الجراد الصحراوى الذى سبق أن هاجم مصر فى سنوات سابقة، كما أنه ضعيف التكاثر، وقليل القدرة على التهام المحاصيل الزراعية، كما أنه غير مهاجر، ولا يعبر الحدود إذا تمت مكافحته بشكل جيد فى ليبيا ، كما أن وزارة الزراعة مستعدة للمواجهة فى أى وقت، إذا وصل الجراد إلى الحدود المصرية، وهو أمر يستبعد خبراء المكافحة حدوثه. ومن داخل قاعدة مكافحة الجراد فى السلوم، يروى المهندس محسن عبده رئيس الإدارة المركزية للمكافحة بوزارة الزراعة ل» تحقيقات الأهرام» ، أن الوزارة أعلنت حالة الطوارئ بعد ظهور تجمعات للجراد الصحراوى فى شرق ليبيا بمنطقة بنى غازي، كما أن فرق المكافحة موجودة على الحدود وتتابع الأمر لحظة بلحظة، بالتعاون مع قوات حرس الحدود، مستبعداً وصول الجراد الليبى إلى الحدود المصرية، لأنه من النوع المحلى غير المهاجر على حد قوله، وتتم مكافحته ضمن الآفات الحقلية، ولا توجد خطورة منه، كما يشبه الجراد الذى يظهر فى منطقة شرق العوينات بمصر فى شهر يونيو وينتهى خلال 20 يوماً، مؤكداً فى الوقت نفسه أن فرق المكافحة والاستكشاف من مهندسين زراعيين وعمال مكافحة وفنيين، وسائقين ، وبما لديهم من خبرات موجودون فى قاعدة مكافحة الجراد كخط دفاع أول على الحدود المصرية الليبية. المؤسف، كما قال لنا رئيس الإدارة المركزية للمكافحة- أن فرق المكافحة واستكشاف الجراد تعمل فى ظروف صعبة، معرضين للدغات العقارب والثعابين، فضلاً عن نقص المياه، والطعام، ومع ذلك لا يتجاوز بدل السفر لعضو الفريق نحو 9 جنيهات يومياً، فى وقت يتحمل فيه عناء السفر إلى المناطق الصحراوية والنائية على الحدود، فضلا عن تحمل عناء المأكل والمشرب طول مدة اللجنة التى تقدر بثلاثين يوماً، حيث تعود لتستأنف لجنة أخرى العمل مكانها، وقد قرر الدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة زيادة البدل 3 أضعاف، ليصل إلى 27 جنيها يومياً، ولم تتخذ إدارة الشئون المالية قرار الزيادة بعد، ولم ترصد المبالغ المطلوبة لزيادة بدل السفر لأعضاء فرق مكافحة الجراد حتى وقت كتابة هذه السطور، وليس من المعقول ولا المقبول، أن يتقاضى عضو اللجنة 9 جنيهات يومياً كبدل سفر وهو يعمل فى ظل هذه الظروف الصعبة. لجان للاستكشاف والمكافحة البداية كما يقول المهندس مصطفى سعودى مديرإدارة الجراد بوزارة الزراعة -كانت اتصالاً هاتفياً من سكرتير عام محافظة مطروح اللواء يعقوب، بوجود جراد فى منطقة بنى غازي، وتم التنسيق مع قوات حرس الحدود، وانتقلت لجنتان للاستكشاف والمكافحة إلى منطقة السلوم مطروح، ومازلنا موجودين هناك، ولم يصل الجراد الليبى إلى الحدود المصرية، وتستقر لجنة الاستكشاف والمكافحة، والتى تضم (اثنان من المهندسين، وسيارتى دفع رباعي، و4 عمال وميكانيكى ) لمدة شهر على الحدود، مؤكداً أن بدل السفر المقرر لعضو اللجنة لا يتجاوز 9 جنيهات يومياً، فى وقت يتعرض فيه أعضاء اللجنة للأذى والمخاطر، فضلا عن ارتفاع أسعار المأكل والمشرب فى منطقتى السلوم ومطروح، كما أن نفقات الانتقال مرتفعة، حيث تصل المسافة بين منطقة حدودية وأخرى إلى نحو 300 كيلو متر، بينما لا يتحاوز مقابل بدل الانتقال نحو 9 جنيهات يومياً!! وفور علم المسئولين فى مصر ، بوجو د الجراد فى الأراضى الليبية، أجرى المهندس رجب بكرى مدير عام الجراد بوزارة الزراعة، اتصالاً بالمهندس خالد دقدود مدير عام مكافحة الجراد الليبي، والذى أكد أن الجراد الموجود فى منطقة بنى غازى هو جراد محلي، وليس من النوع الصحراوي، ولا يشكل خطورة ، حيث تجرى مكافحته داخل الأراضى الليبية، مؤكداً أن لجان المكافحة المصرية موجودة طوال العام ، فى قاعدة السلوم، ومجهزة بكل الوسائل اللازمة للمكافحة. برامج تدريبية فيما يؤكد المهندس عماد كميل عبد السيد مدرب مكافحة بمنظمة الفاو، أن مكافحة الجراد تتم وفق أسس علمية، تقوم على تدريب المهندسين فى مصر والدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط، من خلال برامج تدريبية تنظمها منظمة الأغذية والزراعة» الفاو» ، لتدريبهم على التعامل مع المبيدات والجراد، وتوعيتهم بموسم التكاثر والهجرة، مشيراً إلى أن الجراد المغربى الموجود داخل منطقة بنى غازى الليبية ( وموطنه دول المغرب العربى بالجزائر وتونس والمغرب، والساحل الغربى من ليبيا) لا يشكل خطورة حالياً، حيث يبدأ موسم الغزو من شهر سبتمبر وحتى شهر مارس من كل عام، وقد أصبحنا فى شهر إبريل، مما يبدد المخاوف من وصوله إلى الحدود المصرية، كما أن الجراد المغربى هو جراد محلي، ولا يهاجر كالجراد الصحراوى الذى ينطلق من دولة إلى دولة فى مواسم محددة بالشتاء والربيع والصيف، ويأتى من منطقة البحر الأحمر فى بداية موسم الشتاء.. فى الوقت ذاته تقوم لجان الاستكشاف والمتابعة برصد الحدود، والمتابعة الدقيقة من داخل الأراضى الليبية، كما أن لجان المكافحة مستعدة للمواجهة فى أى وقت من العام. المغربى أقل خطورة فى حين، يؤكد المهندس صفوت سعد الدين مدير قاعدة الجراد بالواحات البحرية أن فرق المكافحة موجودة فى السلوم ومطروح ، ليس فى هذا التوقيت فقط، ولكنها موجودة طوال العام لمراقبة واستكشاف الأوضاع على المناطق الحدودية، بحيث يتم التدخل فوراً حال ظهور الجراد، من خلال السيارات المجهزة، والآلات والمعدات والمبيدات اللازمة للمكافحة ، مثل مبيد» ic « المستحلب المذاب فى المياه، أو مبيد «uld» المركز، مشيراً إلى أن فرق الاستكتشاف والمراقبة مزودة بأجهزة الاتصال الحديثة، والمعدات اللازمة للمكافحة. ولم ترصد فرق الاستشكاف والمراقبة على الحدود وصول الجراد الليبيى إلى الحدود المصرية، وإذا تمت المكافحة جيداً داخل منطقة بنى غازي- حيث توجد أسراب الجراد المحلية- فسوف تنتهى المشكلة هناك، لكن إذا لم تتم المكافحة بشكل جيد ،وحدث منخفض هوائي، فمن المحتمل أن يعبر الجراد الحدود ، وهو الأمرالذى استعدت له فر ق الاستكشاف بالمتابعة الدقيقة، والالات والمعدات والمبيدات اللازمة، لكن بشكل عام لا توجد خطورة من الجراد الليبى لأنه من النوع المحلى وليس المهاجر، ويتكاثر ببطء، ومن ثم تقل خطورته كثيراً عن الجراد الصحراوى المهاجر المعروف عنه سرعة التكاثر، وشدة التهامه للمزروعات والمحاصيل الزراعية. التهام المزروعات الجراد الموجود فى منطقة بنى غازى على الحدود المصرية الليبية كما يصفه الدكتور على رسمى أستاذ الحشرات بالمركزالقومى للبحوث- أقل خطورة من الجراد الصحراوي، من حيث قدرته على التهام المزروعات، والمحاصيل الزراعية، مشيراً إلى أن ظهور الجراد فى هذا التوقيت، يعد جرس إنذار ، للجراد الصحراوى الذى يقترب من منطقة البحر الاحمر عند الحدود مع السودان، أو من اليمن ودول الخليج، ، مشيراً إلى أن المواجهة يجب ان تتم على الحدود، أو من خلال مساعدة الدول التى يظهر فيها الجراد فى عمليات المكافحة، عبر التنسيق مع هذه الدول والسماح للبعثات المصرية للدخول إليها لبدء المكافحة مبكراً من خلال الطعوم السامة، التى يتم إلقاؤها على أرضية المناطق المصابة بالجراد، أو من خلال رش المبيدات بالطائرات إذا كانت الأسراب كبيرة ، مع مراعاة ما يسببه ذلك من ضرر على البيئة المحيطة، وتلوث الزراعات، ومصادر المياه، وما يؤثر على النباتات والحيوانات. وهناك أنواع مختلفة من الجراد، منها الصحراوى (Shistocerca Gregaria) ومن سماته أنه يستطيع السفر لمسافات طويلة، ويتناسل بكثرة، حيث تضع الأنثى من 95 إلى 158 بيضة ولثلاث مرات على الأقل فى حياتها، ويوجد فى المناطق الصحراوية الجافة فى إفريقيا، وموريتانيا، والمغرب، والسودان، وشبه الجزيرة العربية، واليمن، وعمان، وفى منطقة جنوب غرب آسيا الممطرة، ثم الجراد الأفريقى المهاجر فى أفريقيا، والجراد الشرقى المهاجر فى جنوب شرق آسيا، و الجراد الأحمر فى شرق إفريقيا، و الجراد البنى فى جنوب إفريقيا، والجراد المصريanacridium aegyptium، و الجراد الأسترالى فى أستراليا، و جراد الأشجار فى أفريقيا وحوض المتوسط، والجراد المغربى (Dociostaurus marcoccanus)، وهو النوع الموجود حالياً فى منطقة بنى غازى الليبية. وبشكل عام، فإن الجراد الذى يهاجم مصر والدول المجاورة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى ثلاث مناطق هى شرق السودان واريتريا والحبشة، و غرب السودان وشمال أفريقيا وبعض جهات الصحراء الليبية، وبعض وديان اليمن والمملكة العربية السعودية، ويبدأ تكاثر الجراد الذى يهاجر لمصر فى أماكن توالده وهى شرق السودان واريتريا والحبشة أثناء فصل الأمطار فى يوليو وأغسطس ويهاجر عادة فى الخريف وأوائل الشتاء إلى ساحل البحر الأحمر القريب من أماكن توالدة وهناك يتزاوج ويتناسل ثم تعود سلالته إلى أماكنها الأصلية أو يتكون منها أسراب البحر الأحمر فى الربيع إلى اليمن والمملكة العربية السعودية وإيران. طرق مكافحته والذى لا يعرفه كثير من الناس، أن الجراد يلتهم حوالى 100 ألف طن من النباتات الخضراء يومياً فى الكيلومتر الواحد من السرب ، وهو ما يكفى لغذاء نصف مليون شخص لمدة سنة (حيث تلتهم الجرادة الواحدة نحو 1٫5-3 جرام - والكيلومتر المربع منه يحتوى على 50 مليون جرادة على الأقل)، وتتغذى الحشرات على الأوراق، والأزهار، والثمار، والبذور، وقشور النبات، والبراعم، وبصفة عامة يصعب تقدير الأضرار التى يسببها الجراد بسبب طبيعة الهجوم العالية، حيث تعتمد الأضرار على المدة التى سيبقى بها الجراد فى المنطقة الواحدة وحجم الجراد ومرحلة المحصول، ولاشك أن عملية المسح المستمر ضرورية لمراقبة الأعداد الحالية للجراد حتى يمكن تحديد طرق المكافحة المناسبة وتتم المكافحة عن طريق رش المبيدات بواسطة الطائرات أو وسائل الرش الأخري، المرشات المختلفة، كما تتركز تقنيات مكافحة الجراد حالياً على استخدام المبيدات ذات التأثير القاتل بالملامسة، حيث تقتل الحشرة بمجرد ملامستها لقطرات المبيد بشكل مباشر أو عن طريق ملامسة النباتات المرشوشة أو بابتلاع أوراق النبات المرشوشة ، و من الضرورى استخدام الرش الجوى فى المناطق المصابة على نطاق واسع. [email protected]