جاء الحادث الأخير الذى استهدف كميناً للشرطة أمام جامعة القاهرة، لينكأ جرحا أصبح يتسع يوما بعد يوم فى جسد ذلك الوطن، ويثير التساؤلات حول مدى فاعلية ما تتخذه الدولة من اجراءات للتعامل مع أعضاء الجماعة الارهابية. كما أنه يفتح الباب من جديد للتساؤلات حول مدى فاعلية اجراءات تأمين رجال الأمن أنفسهم وحتمية ذلك. فالحادث الأخير الذى أسفر عن مصرع رئيس مباحث غرب الجيزة، وإصابة 8 آخرين، وقع بذات الطريقة التى تم بها ارتكاب حادث مماثل منذ شهرين تقريبا، عندما قام مجهولون بتثبيت عبوات ناسفة بدائية الصنع أعلى كوبرى الجيزة، بنفس المكان الذى توجد به يوميا قوة خدمة أمنية أعلى الكوبري, الأمر الذى دفع عددا من الخبراء الأمنيين لتأكيد أن خللا ما أصاب وزارة الداخلية وجعلها تفتقد عنصر التخطيط، الأمر الذى يعود بالسوء على أبنائها. اللواء محمد نورالدين مساعد وزير الداخلية السابق، أكد أن ما حدث هو تصعيد متعمد من الجماعة الارهابية بتمويل مادى ولوجيستى وتخطيط أجهزة مخابرات أجنبية، بهدف افشال المرحلة الثانية من مراحل الاستحقاق الدستوري، وبحثا عن نصيب من الكعكة، ومحاولة لى ذراع الدولة والضغط عليها، وما فعلوه ويفعلونه يوميا من عمليات تخريبية واستهداف رجال الامن وابناء الوطن، كل ذلك كان متوقعا منهم، خاصة بعدما لفظهم الشعب المصرى بالكامل لأول مرة منذ 80 سنة. واستنكر اللواء نور الدين عدم الاهتمام بتأمين رجال الأمن أنفسهم، فالحادث وقع لقوة كمين شرطة توجد يوميا فى المكان نفسه أمام جامعة القاهرة، فمن المفترض بل من الضرورى والمحتم أن يتم تمشيط مكان الأكمنة الثابتة للبحث عن المتفجرات وذلك سواء عن طريق رجال المفرقعات أو كلاب الشرطة، كما أنه يجب تشديد الاجراءات الأمنية بمناطق الجامعات وتفتيش الطلبة ان استدعى الامر، فطلبة الجامعات أصبحوا هم الورقة الوحيدة الباقية فى أيدى التنظيم الارهابي. وشدد على ضرورة وحتمية تنشيط أجهزة المعلومات لتوجيه ضربات استباقية لأفراد تلك التنظيمات، فالكشف عن المخططات المستقبلية للعناصر المتطرفة وأفراد الجماعة الارهابية، وافشال تلك المخططات، وضبط العناصر المشاركة بها، هو أكبر نجاح لأجهزة الأمن. وأضاف أن أجهزة الأمن تتعرض حاليا لمؤامرة خسيسة كبري، موضحا أننا إذا قمنا بمقارنة ما يحدث الآن بمواجهات الجماعات التكفيرية خلال سنوات التسعينيات نجد أن أجهزة الامن المصرية تتعرض اليوم لأكبر مؤامرة فى تاريخها. وحذر اللواء نورالدين من تعاون المواطنين مع تلك العناصر المتطرفة أو مساعدتهم، بل أن التعاون مع أجهزة الأمن أصبح حتميا الآن للحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطنين. أما اللواء فاروق المقرحى مساعد وزير الداخلية الأسبق، فيرى أن الجهاز الأمنى مقيد بالقوانين، وأن الدولة عاجزة عن اتخاذ الاجراءات التى تضمن للشرطة حرية الحركة وأداء عملها للقضاء على الارهاب، فيما استنكر عدم قيام أجهزة الدولة حتى الأن بتفعيل المادة 237 من الدستور والتى تلزم الدولة بمواجهة الارهاب بكل صوره واشكاله وتعقب برامج تمويله باعتباره تهديدا للوطن والمواطن. وطالب اللواء المقرحى بقانون يعتبر كل من ينتمى لجماعة الاخوان ارهابيا، وكذلك كل من يقوم بمساعدة أفرادها، موضحا أن ذلك القانون على غرار ما أصدرته المملكة العربية السعودية باعتبار كل من يعتنق أو يتبنى فكر الجماعة ارهابيا، وكذلك كل من يمارس أنشطتها، أو يرفع شعاراتها، أو يتستر أو يخفى أفرادها، وأيضا كل من يقوم بتحريضهم أو تمويلهم، مشيرا إلى أن السعودية وضعت عقوبات صارمة لكل من يثبت عليه ذلك. واذا كان مجلس الوزراء قام بإصدار قرار باعتبار جماعة الاخوان جماعة ارهابية، فأكد اللواء المقرحى أن ما صدر لم يتعد كونه إعلانا، ولم يأخذ أى صيغة تنفيذية أو يتم تفعيله حتى اليوم، مشددا على أنه اذا كانت الدولة جادة فى مكافحة الارهاب فلا يجب ان تخشى الا الله، فلا تخشى عدوا سواء داخليا او خارجيا. وأكد اللواء المقرحى أن أجهزة الأمن ترتكب خطأ جوهريا يتسبب فى سقوط عشرات الضحايا من أبنائها بشكل شبه يومي، فكمين الشرطة الذى تم استهدافه بالحادث الأخير كان يجب تمشيط مكانه بشكل دوري، أو على الأقل تعيين حراسة عليه، مؤكدا أن ما يحدث يعتبر استهتارا بحياة رجال الأمن.