صدر مؤخرا كتابان عن الشيخ يوسف القرضاوى الأول «المفتى العالمى ظاهرة القرضاوي» والثانى «القرضاوى وكيل الله أم وكيل بنى أمية» الكتابان نموذج للعبث بالعقل العربى البسيط الذى لا يجيد الفرز . لأنه بالأساس يفتقد الرؤية والعمق الثقافى فأولهما دعائى يتحدث عن القرضاوى كظاهرة فى تاريخ الإسلام والفقه وإن كنا من خلال سطوره سوف نلمح التناقضات الشديدة فى حياة الشيخ التى يمر الكاتبان عليها دون أى توقف. يقول المؤلفان بتيناجراف وجاكوب بيترس إن القرضاوى سافر لقطر عام 1961 والتقى الشيخ خليفة بن حمد آل ثانى وظل معه من عام 1972 إلى 1995 أى حتى الانقلاب عليه وطوال هذه الفترة كان الشيخ خليفة يتلقى منه التعاليم الدينية فى كل رمضان لمدة 25 شهرا . ورغم أن الشيخ خليفة منح القرضاوى جواز سفر قطريا وفتح له كل الأبواب المغلقة فإن القرضاوى تنكر للرجل بسرعة عندما حدث الانقلاب عام 1995 .و لم يصدر عنه أى نقد أو اعتراض ضد انقلاب حمد على أبيه الشيخ خليفة ولا حتى كلمة واحدة عن بر الوالدين! الرجل ينطبق عليه مثل »أنه لمن غلب«، وهو يعمل وكيلا لقطر ، فعندما تريد مهاجمة مصر أو تفتيت سوريا أو إسقاط القذافى أو مساندة حزب الله ثم الهجوم عليه أو مضايقة الإمارات، فإنها تجد الشيخ القرضاوى جاهزاً ليقوم بالمهمة. الرجل الذى بلغ من العمر أرذله فقيه سلطة، بامتياز يكذب ويفتى ويلوى عنق النصوص والحقيقة أنه يقول الفتوى ونقيضها فى نفس الوقت. ففى يوم من الأيام وصف حزب الله بأنه أشرف مقاومة على الأرض.. لكن عندما وقف حزب الله بجانب سوريا قال إنه حزب الطاغوت. ولفهم هذه الفتاوى المتناقضة ما عليك إلا أن تنظر إلى الموقف القطرى ففى المرة الأولى كانت قطر تؤيد حزب الله وفى المرة الثانية قطر ضد النظام السورى وحزب الله وهى التى تقود الحملة فى إطار المخطط التآمرى لتقسيم المنطقة. فالرجل يطلق فتاواه كدانة مدفع دون أن يفكر لحظة واحدة، إنه يتلقى الأمر ويطيع فقط. والقرضاوى اشتهر فى كل مواقفه بالتناقض، بدأ ذلك فى بواكير حياته فقد كان ينتقد علوم الأزهر التقليدية كالفقه وأصول الدين والمنطق وقواعد اللغة ولكن عندما تم إدخال النصوص الحديثة كالفيزياء والتاريخ انتقدها لأنها تغفل عن ذكر الله. والقرضاوى كما يقول المؤلفان بيتنا جراف وجاكوب بيترس انضم للإخوان عام 1941 بعد أن حضر مع عمه وعمته الاحتفال بالعام الهجرى وكان الخطيب هو حسن البنا. انضمامه للإخوان هو العامل الثانى المهم فى حياة القرضاوى بعد قطر. لو افترضنا أنهما اثنان فقط فبعد تخرجه عام 1954 قضى كثيرا من وقته كواعظ للإخوان وقبل ذلك بعامين سافر فى مهمة خاصة لسوريا من أجل الإخوان. وقد بدأ حياته مدرساً بمدرسة خاصة بالزمالك وكانت أول مرة يرتدى بدلة بدلاً من الزى الأزهرى لكن هذا الأمر استمر فترة بسيطة حيث حصل بعد ذلك على وظيفة فى مسجد بحى الزمالك ثم أرسلته بعد ذلك وزارة الأوقاف فى شهر رمضان إلى العريش بعد توصية من الشيخ الباقورى ،وفى عام 1961 سافر إلى قطر. القرضاوى الذى يعد الابن الشرعى لجماعة الإخوان الإرهابية يكاد يتطابق عمره مع عمر الحركة فقد ولد عام 1926 وولدت الحركة عام 1928 بعد ميلاده بعامين.. وتشابهت مسيرتهما صعودا وهبوطا حتى أصبح هو مطرودا والجماعة إرهابية. ورغم أنه توجد مقولة شائعة بين الإخوان بأنه لا مكان فى الجماعة لعسكرى أو أزهرى إلا أن القرضاوى كانت له مواهب خاصة مكنته من بناء علاقة فريدة مع الإخوان لم تتكرر ثانية- فالقرضاوى الذى تخرج فى الأزهر ارتبط اسمه ارتباطاً وثيقا بالإخوان وحين تقرأ مذكراته تشعر بأنك تقرأ تاريخ الإخوان. كان القرضاوى واحدا من عشرات الطلاب الأزهريين الذين انضموا للجماعة لكنه كان فريدا من نوعه، فالعلماء الذين انضموا مثله كان عليهم الاختيار عاجلا أو آجلاً بين العمل من أجل التنظيم أو أن يكونوا علماء مستقلين. ثم حدث الصدام يبن هؤلاء العلماء الأزهريين وجماعة الإخوان وذلك حين عبر هؤلاء العلماء داخل الجماعة عن أفكارهم، وكان أبرزهم الشيخ محمد الغزالى الذى أقيل من التنظيم هو وآخرون عند اشتعال المواجهة مع نظام الرئيس عبد الناصر، وطبعا لم تظهر من القرضاوى كلمة حق ضد إقالة زملائه العلماء. ورغم العلاقة المتينة بالجماعة إلا أنه رفض أن يكون المرشد العام مرتين قائلاً إن الله أعطاه موهبة العلم لا السياسة!! الرجل الذى يناقض نفسه دائما لم يتوقف يوما عن هذا التناقض إنه يشبه جماعته فى كل شىء. ففى عام 2003 قام بزيارة لليبيا ووصف القذافى بالأخ قائد الثورة صاحب التحليلات العميقة والواضحة لمجريات الأحداث لكنه بعد ذلك بأعوام أفتى بجواز تدخل الناتو لضرب ليبيا بل وقال إن النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) لو كان حيا لقاتل فى صفوف الناتو فأطلقوا عليه مفتى الناتو. الرجل الذى يزعم أنه داعية لتوحيد الأمة الإسلامية والتقريب بين المذاهب لا هم له إلا الوقيعة بين البلاد الإسلامية فيقول إن هناك محاولة من الشيعة لدخول بلاد المسلمين السنة ويكون نتيجة ذلك أن يسحل الشيعة فى الجيزة.ولم تتوقف آراؤه الغريبة عند حد وكان آخرها دعوته للجنود المصريين خير أجناد الأرض- إلى أن يرفضوا الأوامر التى تصدر لهم بمواجهة الإرهاب وكذلك إدعاؤه العجيب بأن جيش إسرائيل أفضل من جيشنا الذى وصفه بالمجرم! شهرة القرضاوى وصلت لكثير من أقطار العالم بفضل قناة الجزيرة وشهرته كداعم للارهاب ايضا، فعندما وصل إلى لندن عام 2004 كتبت عنه الصحف البريطانية »لقد حل الشر«، »مرحبا برجل الدين نصير الإرهاب فى المملكة المتحدة«، وبعد ذلك تم منعه من دخول لندن وكانت أمريكا منعته قبل ذلك. أما الكتاب الثانى فهو للدكتور أحمد راسم النفيس وهو هجاء كله- ونقد لاذع للقرضاوى وكتابه «تاريخنا المفترى عليه» لأنه قال إن معاوية فى صراعه مع الإمام على ،لم يكن مخطئاً وإنه فقط تأول فأخطأ وله أجر ،وإن الإمام على أصاب وله أجران. بهذه البساطة المستفزة تحدث القرضاوى عن أهم صراع مزق الأمة حتى وقتنا الحاضر، وهو بالمناسبة منطق أغلب مشايخ الزوايا عندنا، والقرضاوى لا يختلف عنهم كثيرا.. لكنه يعرف كيف يركب الأمواج الصعبة فيحقق شهرة أصبحت كما يقولون عالمية والسر وراء ذلك يقول المؤلف- إن القرضاوى وأمثاله يؤدون أدوارهم المرسومة فى خدمة استراتيجية تغييب العقل الجمعى للجمهور العربي، وإبقائه فى إطار هذا الدور ولا بأس أن يسمح للشيخ بتوجيه قدر من السباب والشتائم لهذا النظام أو ذاك لتكتمل الحبكة الدرامية التى يقوم بتمثيلها، إضافة إلى قيامه بوظيفة «مهيج الملك» التى حلت محل وظيفة مهرج الملك. ومن خلال 307 صفحات يأخذنا المؤلف للصراع بين الإمام على ومعاوية ومعركة صفين وما دار فيها من حيل وخداع معاوية. وصل للقرضاوى يوما هذا السؤال هل يجوز للزوجة أن تمكث بمفردها مع ابن زوجها، خاصة إذا كان كلاهما يتمتع بالشباب والزوج كهل؟ يجيب القرضاوى كمن على رأسه بطحة إن ذلك يعتمد على الظروف ولكن لا يجوز ذلك إذا كان هناك خوف من وقوع فتنة..إنها إجابة تبيح وتمنع فى نفس الوقت مثل كل فتاوى الشيخ.
الكتاب: 1 المفتى العالمى ظاهرة القرضاوى المؤلفان : بتينا جراف جاكوب بيترسن ترجمة دينا حسن تقديم مصطفى عبد الرازق الناشر : مركز دراسات الاسلام والغرب الصفحات : 193 صفحة 2 القرضاوى وكيل الله ام وكيل بنى امية المؤلف : احمد راسم النفيس الناشر اوراق الصفحات 307 صفحات