كوبرى دمياط المعدنى.. أقدم كوبرى تاريخى للسكة الحديد فى مصر تأسس عام 1890، نسخة من كوبرى بولاق أبوالعلا.. لكن ها الكوبرى التاريخى يعيش مأساة بدأت منذ ثلاث سنوات بعد انتقال جزء منه فى مواجهة مكتبة مصر العامة على كورنيش دمياط. ليكون منارة ثقافية عريقة تحت اسم «جسر الحضارة» وبدلا من ان يتحول الى متحف ومنارة، نهب اللصوص محتوياته بالكامل خاصة الأجهزة والمقاعد، وأصبح مقلبا للقمامة وخرابة ووكرا للبلطجة، مجرد هيكل حديدى شاهد على جريمة الإهمال التى طالته مثلما طالت غيره من كبارى وطرق مصر. حكاية هذا الكوبرى، تعود إلى أنه صمم لتعبر عليه القطارات التى يصل وزنها إلى 72 طناً فوق نهر النيل عند إمبابة بمحافظة الجيزة ليربط بين الوجهين البحرى والقبلى بطول 490 مترا ، وهو من أوائل الكبارى الحديدية فى العالم التى صُممت لعبور القطارات، وهو أقدم كوبرى سكة حديد فى العالم يتم فتحه بحركة دائرية حول محور ارتكاز. وفى عام 1930 تقرر استبداله بكوبرى اخر لكن عثمان باشا محرم، وزير الأشغال فى ذلك الوقت، رفض تفكيكه وبيعه خردة، وقرر فكه وتركيبه ونقله إلى نيل دمياط، عبر الصناديل النيلية. وتم نقل الكوبرى إلى دمياط على أربعة أجزاء بطول 170 مترا بتكلفة قدرها 40 ألف جنيه، وأصبح الكوبرى منذ ذلك العام حلقة الوصل بين دمياط ومنطقة السنانية المواجهة لها فى الجانب الآخر من النيل والمتجه إلى طريق رأس البر. وفى عام 2006 بعد إنشاء كوبرى آخر للسيارات، أصدر محافظ دمياط الأسبق محمد فتحى البرادعى القرار 5 لسنة 2007 باعتبار الكوبرى أثرا تاريخيا وقرر استغلاله فى مشروع التنسيق الحضارى بكورنيش النيل. ونجحت شركة المقاولون العرب فى عهد رئيس مجلس إدارتها المهندس إبراهيم محلب فى نقله باقتدار بدون تقطيع جسمه المعدنى بالتعاون مع أساتذة كليات الهندسة، حيث تم تقسيمه بعد نقله إلى ثلاثة أجزاء، الأول قاعة كبيرة للندوات، مزودة بأحدث الأجهزة من الصوت والضوء وكاميرات ومقاعد متعددة الاستخدام، والثانى معرض للفنون التشكيلية والاجتماعات المفتوحة. كما تمت إعادة صياغة المنطقة المحيطة به لتصبح متحفا كبيرا مفتوحا يضم الصينية الرئيسية التى كان الكوبرى يتحرك عليها وبعض التروس والقطع المهمة بالإضافة إلى التصميمات الهندسية الأصلية لتنفيذ الكوبرى والتى تمت استعارتها من مخازن السكة الحديد فى القاهرة. وفى نفس الوقت أعدت المنطقة المحيطة لتكون مسرحا كبيرا مكشوفا يتسع لأكثر من ألفى متفرج للعروض الثقافية والفنية الكبيرة بالإضافة إلى ورشة عمل ومظلات للفنانين التشكيليين لممارسة أنشطتهم الفنية فى أحضان الطبيعة . وتم ذلك بمنحة قدمت من وزارة التعاون الدولى للأنشطة الثقافية بلغت حوالى 5 ملايين دولار، فتحول الكوبرى من حديد كان على وشك الفناء ببيعه كحديد خردة إلى أكبر وأهم مركز ثقافى فى محافظة دمياط وفاز بجائزة المدن العربية للتراث المعمارى. ويقول محمد إبراهيم الشوربجى مدير عام الثقافة بمحافظة دمياط أنه حصل الأسبوع الماضى على موافقة شفوية من المحافظ بتسليم الكوبرى إلى وزارة الثقافة لإعادة تأهيله وتطويره وفتحه للنشاطات الثقافية والفنية وإعادة ترميم الأجزاء التى تحطمت، وسيتم التسليم رسميا فى القريب العاجل بعد أن تقوم هيئة فنية ستصل من القاهرة بتقييم احتياجات التطوير وتكلفتها بالاستفادة من مقايسات شركة المقاولين العرب التى نفذت الأعمال الأولى. وأعرب الشوربجى عن تطلعه أن يتم ذلك فى أقرب وقت تمهيدا لوضع برامج ومسابقات وندوات وحفلات فنية ومسرحيات فيه وبما يعكس قيمته التاريخية ودوره التنويرى.