لاشك أن فكرة ترشح السيسي بعد استقالته لم تكن مفاجأة، لكن هذا القرار كان ولايزال مثار للكثير من الجدل بين رافض له بحجة أنه لا يجوز لشخصية عسكرية الترشح فى انتخابات ديمقراطية وبين مؤيد له بسبب شعبية السيسي وآمال قطاع عريض من المصريين أن يقود السيسي ركب التقدم وخصوصاً أن رفض العديد من الدول الغربية لترشحه جعل الكثيرين ممن لا يثقون فى الغرب يتمسكون به... وفى هذا الصدد لا يمكن أن ننسى أن التاريخ حفل بالعديد من القادة العسكريين الذين قادوا بلادهم نحو التقدم، حتى فى دول الغرب،فالعديد من الرؤساء فى الولاياتالمتحدةالأمريكية جاءوا من خلفية عسكرية، و من اشهرهم دوايت وإيزنهاور الذى اختير رئيساً للولايات المتحدةالأمريكية من العام 1953 إلى العام 1961 حيث كان القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية، كما أن الجنرال تشارلز ديجول الذى كان رئيساً للجمهورية الفرنسية من 1959 إلى 1969لازال يعتبر من أعظم الرؤساء الفرنسيين الذين دفعوها نحو الديمقراطية والازدهار... وفى انجلترا كان ونستون تشرشل ولازال ملء التاريخ، وكان ايضاً ذو خلفية عسكرية، ولم يذكر التاريخ رغم ذلك أن الرؤساء الذين ذكرتهم سابقاً كانوا دكتاتوريين قمعيين، بل كانوا رؤساء عظام، قادوا بلادهم بديمقراطية ناجحة نحو الازدهار والتقدم، وبالتالى فالسيسي هو مرشح آخر جديد ينضم إلى قائمة الرؤساء من ذوى الخلفية العسكرية... والحقيقة أن السؤال الأساسي هنا هو هل يفقد أى رجل ذو خلفية عسكرية حقه فى الترشح لرئاسة بلاده؟ والإجابة ستكون قطعاً بالنفي، فوزير الدفاع السابق هو رجل مصرى من أبوين مصريين، بالإضافة إلى أن زوال صفته العسكرية يمنحه الحق تماماً فى الترشح مثله مثل أى مواطن مصرى آخر مادام لا يوجد مانع قانونى طبقاً للإجراءات التى اشترطها قانون الانتخابات الرئاسية والتى تنص على وجوب حصول المتقدم للترشح على مؤهل عالٍ وألا يكون قد حكم عليه بجناية أو جنحة ولو رد إليه اعتباره، وأن يكون من أبوين مصريين وعدم حصوله وزوجه على أى جنسية أخرى والحصول على 25 ألف توكيل من 15 محافظة على الأقل إلى آخر ما يشترطه القانون... لكن هناك أسئلة أخرى ينبغى طرحها حول هذا الموضوع وأهمها، ماذا يمكن أن يقدمه السيسي للشعب المصرى ولا يمكن لأحد من منافسيه تقديمه؟ وماذا سيفعل فى كل تلك المشكلات التى أصبحت مثار قلق للدولة المصرية وأهما ملف العدالة الإجتماعية والفساد وتردى الأوضاع الاقتصادية والأمن؟ أسئلة مشروعة يجب أن تكون هناك إجابة عليها لا لشيء، وإنما لاعتماد أعلى قدر من الشفافية أمام الشعب وحتى نضمن أن تمر المرحلة القادمة دون مخاوف ودون عقبات... أعتقد أنه على الإعلام أن يبدأ من الآن مساراً آخر يعتمد فيه المهنية والمصداقية وعدم الانحياز، وهو أمر لاشك سوف يخدم كل المرشحين وأولهم السيسي نفسه، وسيصب بدون شك فى مصلحة الدولة لأن القادم صعب ولتجاوزه يجب أن نبدأ مناخاً جديداً بعيدا عن الإقصاء واصطياد الأخطاء وبمنتهى الشفافية لبناء مستقبل جديد لمصر...