تعانى مصر منذ عدة سنوات من أزمة خانقة فى الطاقة الكهربية، تتجلى مظاهرها فى الانقطاع المنتظم للكهرباء لساعة أو أكثر يوميا فى مختلف أنحاء بلدنا الحبيب، ولم يعد الوضع فى الشتاء يختلف عنه فى الصيف، وإن كانت حدة الأزمة تشتد فى الصيف بسبب زيادة الاستهلاك مع تشغيل أجهزة التكييف لتلطيف حرارة الجو القائظة، ولكى تعبر مصر أزمتها تلك فلابد من حلول طويلة الأمد تتمثل فى إنشاء محطات نووية لتوليد الكهرباء بنسبة لا تقل عن 10% فى غضون 10 سنوات، والتوسع فى توليد الكهرباء من المصادر المتجددة مثل الشمس والرياح بنسبة قد تصل الى 30% خلال عقد أو عقدين من الزمن، فضلا عن أهمية بحث استخدام الفحم كوقود بديل لتشغيل المحطات الحالية رغم كونه أكثر تلويثا للبيئة، ومع تقديرى لرأى وزيرة شئون البيئة ورفضها القاطع لاستخدام الفحم، فإن التكنولوجيا الحديثة تجعل من الفحم (وأصله أخشاب متحجرة منذ ملايين السنين) وقودا لا يختلف كثيرا عن الوقود البترولي، وجدير بالذكر أن العالم مازال ينتج 40% من كهربائه من الفحم، وتأتى جنوب إفريقيا فى المقدمة 93%، استراليا 78%، اسرائيل 58%، أمريكا 45%، ألمانيا 41%. أما على المدى القصير فهناك حلول يجب تبنيها بصفة عاجلة لترشيد استهلاك المواطنين للطاقة بمبادرات أهلية منهم، وأهمها التحول الأهلى لاستخدام مولدات الطاقة الشمسية فوق أسطح المنازل بدعم تمويلى من مشروعات التنمية المحلية والدولية، وأهم من ذلك أن يقوم كل بيت مصرى بإطفاء ولو لمبة واحدة من لمبات المنزل طوال الليل، وبحسبة بسيطة لتقدير مدى التوفير فى الاستهلاك الناتج عن ذلك، سنكتشف أن اللمبة 100 وات تستهلك واحد كيلو وات اذا ظلت مضاءة 10 ساعات يوميا، وبالتالى إطفاء لمبة واحدة سعة 100 وات طوال الليل سيوفر واحد كيلووات، ولو أن مليون منزل فعل ذلك فسيبلغ التوفير مليون كيلووات، أى 1000 ميجاوات تعادل مجمل ما تنتجه محطة شبرا الخيمة لتوليد الكهرباء، وبمضاعفة عدد اللمبات الكهربية المطفأة اختياريا، وبمضاعفة عدد المنازل المشاركة فى تلك المبادرة الأهلية، فسيبلغ التوفير أربعة آلاف ميجاوات على الأقل، وهى تعادل ما تنتجه 4 محطات توليد مجتمعة، وتعادل 10% من مجمل الطاقة المنتجة فى مصر تقريبا، وهنا نعيد التذكير بأن هذا الاجراء البسيط الذى يمكن تبنيه اليوم قبل الغد سيجعلنا كما لو أدخلنا للخدمة 4 محطات توليد كهرباء فى يوم واحد، أو كأننا أضفنا 10% طاقة جديدة للشبكة، وهو ما سيؤدى حتما إلى انتهاء أزمة الطاقة الخانقة فى مصر، وينهى سريعا انقطاع الكهرباء خاصة ونحن مقبلون على فترة امتحانات طويلة، وفصل صيف قائظ الحر، وشهر رمضان الذى يزداد الاستهلاك فيه بشدة، علينا إذن تبنى هذه المبادرة اعلاميا، وجعلها مادة يومية لكل منابره، وحث الناس على أن من يفعل ذلك انما هو يساعد بلده على تخطى واحدة من أهم مشكلاته الحالية، كما أنه سينقذ مريضا قد يكون خاضعا لجراحة، أو فى العناية المركزة وقت انقطاع الكهرباء. د.أحمد الجيوشى عميد كلية التعليم الصناعى جامعة حلوان