د. محمد السبكى: عجز محطات التوليد وغياب الصيانة وزيادة الأحمال وارتفاع الحرارة د.إبراهيم الدسوقى: الانقطاع أسبابه سياسية.. والثورة المضادة تقف وراءه المتحدث باسم الوزارة: عدم تشغيل محطة دمياط وسرقة الكابلات وراء الأزمة انقطاع التيار الكهربائى ولساعات طويلة أصبح سمة شبه يومية وأمرا يحتاج لحلول عاجلة لمواجهة الأزمة المتصاعدة التى استقبلها المواطنون بالاستياء والغضب تارة وقطع الطريق تارة أخرى وتعليقات ساخرة تارة ثالثة. وتباينت الآراء حول أسباب انقطاع الكهرباء، فهناك فريق يرى أنها تعود إلى الحمولة المتزايدة وعدم وجود استثمارات تدفع بتطوير شبكة الكهرباء لمواجهة الأحمال الزائدة، وبطء بناء وتنفيذ وتقوية وصيانة المحطات والشبكات وارتفاع درجات الحرارة.. أما الفريق الثانى فيرى أنها أزمة مفتعلة وأن انقطاع التيار الكهربائى هو لعبة سياسية من أنصار الثورة المضادة وأن شبكات الكهرباء تحتاج بالفعل لتطوير لكن زيادة الحمل لا تؤدى إلى الانقطاع اليومى للكهرباء. واقترحوا حلولا قصيرة وطويلة الأجل منها مبادرة مجتمعية لترشيد الاستهلاك وقت الذروة، وضخ استثمارات جديدة ومشروعات ربط كهربائى، والإسراع فى الصيانة، وبحثالبدائل الكثيرة من مصادر الطاقة. ويرى د. محمد السبكى -أستاذ هندسة القوى الكهربية بكلية الهندسة جامعة القاهرة، مدير مركز بحوث الطاقة بالكلية- أن انقطاع الكهرباء أزمة حقيقية غير مفتعلة وغير متعمدة وترجع برأيه لأسباب فنية وتقنية ومادية وهى قائمة منذ أكثر من سنتين ولكنها فى تفاقم وتزايد. وأرجع الأزمة لعدة عوامل مجتمعة أهمها وجود نوع من البطء فى بناء وتنفيذ محطات الكهرباء الجديدة وقصور تمويلها، كذلك الزيادة غير المتوقعة فى الأحمال الكهربية حيث إن هناك زيادة فى استخدامها- ولا عيب فى ذلك ومن حق المواطن استخدام تكييفات وغيرها- ولكن معدل نمو زيادة الأحمال أكبر من معدل نمو وبناء المحطات ومعدل تقوية شبكات الكهرباء، هذا بالإضافة إلى عوامل طبيعية وبيئية مثل درجات الحرارة المرتفعة التى تؤدى للحد من السعة الكهربية وتحد من قدرات المحطة الكهربية، كما تؤثر أيضا قضية مدى توفر الوقود. وتابع ن اجتماع هذه العوامل معا يحدث انقطاعات بالشبكة الكهربية؛ لأن شركات الكهرباء تلجأ لها لتتفادى مشكلة أكبر هى الانقطاع الكامل، ولذلك تقوم بتخفيف الأحمال بقطعها بأوقات وأماكن مختلفة تحسبا ووقاية من انفصالها عن كل الجمهورية. حل الأزمة وكشف السبكى أنه بالطبع ستخف تدريجيا أزمة انقطاع الكهرباء بشكل طبيعى بعد قليل نتيجة انخفاض درجات الحرارة، ويجب على التوازى أن يتم الإسراع فى عملية صيانة الشبكات. ورصد حلولا طويلة للأزمة تتمثل فى ضخ استثمارات لبناء محطات جديدة، ومشاريع ربط كهربائى بالأردن وليبيا والسعودية وبعضها قائم ويحتاج إلى تقوية.. أيضا دعا للإسراع فى تطبيق استخداماتنا للطاقات المتجددة، مشيرا إلى أن هذه الحلول تستغرق سنتين أو ثلاثا، ولكن يجب البدء بالعمل فى هذا الاتجاه. وعلى المدى القصير والعاجل يرى السبكى أن المسئولية المجتمعية فى ترشيد الاستهلاك مهمة للغاية، مقترحا مبادرة تطوعية للأفراد للاقتصاد فى استخدام الكهرباء داخل البيوت قدر المستطاع، خاصة أن ذلك يوفر طاقة لمنشآت حيوية أهم كالمستشفيات، وذلك سيقلل الاضطرار لقطعها. ولفت السبكى إلى أن تبنى هذه المبادرة من أكثر من 20 مليون شقة هم مشتركو المنازل لو أطفئوا لمبة واحدة بالفترة المسائية فى وقت واحد هو وقت الذروة الزائد جدا سيوفر 2000 ميجاوات وهى تساوى قدرة محطة كهربية تعادل السد العالى، لافتا إلى أنها ستؤدى لانفراجة سريعة من قبل المستخدم النهائى للخدمة. ولانفراج الأزمة على مدى متوسط الأجل اقترح السبكى على وزارة الكهرباء العمل على صيانة وتقوية المحطات والشبكات بقدرة وسرعة كافية بالإضافة للتخطيط لبناء محطات جديدة والعمل على جذب استثمارات عن طريق الدولة والقطاع الخاص. وفى الوقت نفسه اعتبر وجود افتتاح قريب لمحطات جديدة يعنى أن هناك اتجاها منذ 4 سنوات لحلها، وهى تحتاج دراسة وتمويلا، ودلل على ذلك بأن إنتاج كل كيلو وات واحد يحتاج استثمارات لا تقل عن 1500 دولار، وكل واحد ميجا يحتاج استثمارات قيمتها مليون ونصف المليون دولار؛ لذا فالحل يحتاج ضخ تمويل واستثمار. أزمة مفتعلة ويقول د.إبراهيم الدسوقى -مدير مركز البحوث بأكاديمية السادات: "المشكلة الموجودة فى شبكة الكهرباء لا تؤدى أبدا إلى الانقطاعات العديدة التى يشهدها البلد فى الآونة الأخيرة ولفترات كثيرة، وإن ما يحدث من قطع الكهرباء إنما هو من قبل الثورة المضادة الموجودة فى البلد والتى تقوم بعمل هذه المشكلات لإفشال الثورة ولإفشال الحكومة الجديدة، وأنا أرى أنه من أهم أولويات الحكومة فى الفترة القادمة الوقوف ضد الأيادى المخربة فى البلد". وتابع الدسوقى معلقا على فكرة ترشيد الاستهلاك بأن ترشيد الاستهلاك يكون عن طريق إطفاء الأعمدة التى يتم إنارتها نهارا؛ لأنه غير مقبول حتى لو لدينا فائض فى الطاقة أن يتم إضاءتها فى النهار، ولكن ترشيد الاستهلاك عن طريق قطع الكهرباء عن المنازل فهذا تصرف غير آدمى بالمرة ويجب الاعتراض عليه ويؤدى إلى كوارث فى البلد مثل مقتل أطفال فى المستشفيات، فالترشيد لا يكون أبدا عن طريق قطع الكهرباء عن الشعب، فلا زيادة رهيبة تجلعنا نقدم على هذا التصرف، بل إن قطع الكهرباء هو أمر راجع لحالة سياسية تمر بها البلاد". وأضاف "سيكون على الحكومة القادمة على الأمد القريب الوقوف أمام الثورة المضادة التى تفتعل الأزمات وعلى المدى البعيد ومن الناحية الاقتصادية عليها تزويد شبكات الكهرباء عن طريق توفير الطاقة لها، ومصادر الطاقة فى مصر كثيرة مثل الطاقة الشمسية المتوفرة فى مصر كلها وغيرها من البدائل الكثيرة من مصادر الطاقة". من جهته، أرجع الدكتور أكثم أبو العلا -المتحدث باسم وزارة الكهرباء- أزمة انقطاع الكهرباء إلى عدم تشغيل محطة غرب دمياط التى كان من المقرر أن تساهم فى مواجهة زيادة الأحمال وتغذية مناطق كبيرة بالكهرباء، إلا أن الأهالى رفضوا إقامة المحطة على أراضيهم وطلبوا تعويضات كبيرة لتمرير أعمدة عليها، مما أعاق تنفيذ المشروع. وأضاف أبو العلا أن الانقطاع الكهربائى المتواصل سببه وجود سرقات أعمدة كهربائية والتوليد، وكذلك الوصلات السرية، هذا إلى جانب زيادة الأحمال الناتجة عن الزيادة فى الاستهلاك، خاصة أن شهر رمضان الكريم أتى هذا العام فى الصيف. وطالب أهالى محافظة دمياط بالسماح باستكمال العمل فى محطة الكهرباء، وأن يعلوا مصلحة الوطن فوق مصالحهم الشخصية، مشددا على أن على قوات الأمن القيام بدورها فى منع تكرار حوادث سرقة كابلات وأعمدة الكهرباء حتى تستطيع وزارة الكهرباء مواجهة الأزمة فى أسرع وقت.