آفة منطقتنا العربية ان حكامنا يظنون ان الشعب المثقف هو صداع فى رأس الحاكم، يراقبه، يفهم، ثم يحاسبه. ومن هنا فانهم يظنون ان الشعب المجهل هو اسهل قيادة من الشعب المثقف فانت تستطيع ان تقوده بعدة طرق ووسائل منها الدين ومنها التوجيه المعنوى الاعلامي. هذه حقيقة بالفعل، لكن دائما ما ينقلب السحر على الساحر، وهو ماحدث أخيرا مع رئيسين تم عزلهم بقوة الدين وجبروت التوجيه المعنوى الاعلامي، لم ينتبه القائمون على أمور بلادنا العربية لحقيقة ان الشعب المثقف عادة ما يعى مايقال له ويفهم حقيقته لذا فهو لايندفع وراء أى رأى أو فكرة بطريقة عشوائية، ربما تؤدى الى دماره او خراب البلاد بينما الشعب المجهل هو مادة خصبة لهذا. وأظن ان هذا هو السبب الرئيسى لما مرت به مصر من كوارث منذ 25يناير 2011. التحديات الكبيرة أمام رئيس مصر القادم هى تحويل شعب مصر من حالة الجهل والتغييب ليعود إلى طبيعته الراقية المثقفة ربما يزعم البعض ان هذا المنحى الفكرى هو نوع من الرفاهية التى لم يحن وقتها بعد، الشعب المثقف يكون معينا لحاكمه فهو يتسم بالثقافة والوعى يستجيب لمطالب الحاكم العادلة بادراك وارادة لانه يرى فى هذه المطالب مصلحة اكيدة له يحركه فى ذلك العقل. ولأننا مقبلون بلا شك على مرحلة تحتاج الى تغيير الكثير من سلوكياتنا المرفهة واتباع سلوكيات اكثر انضباطا ومسئولية لنعبر المرحلة الحرجة التى نمر بها فليس اكثر عونا للرئيس القادم من شعب واع مدرك لحساسية المرحلة القادمة... شعب قادر على الوقوف فى وجه من يريدون العبث بارادته واقداره ببريق الكلام وحلو الوعود الكاذبة. فى هذا الشأن يجب ان يكون لدينا خطتان. الأولى طويلة المدى وتشمل عدة محاور كالتعليم ودور العبادة والاعلام والسينما والمسرح والدراما التليفزيونية والغناء ومراكز الشباب، الى آخره من ادوات التواصل وليس مجالها هنا. والثانية قصيرة المدى وأهم لاعب فيها هو الاعلام.. لايمكننا ان نغفل دور الاعلام فى حشد الجماهير وتوجييهم معنويا فى 25 يناير و30 يونيو .. هذا الإعلام هو أهم أداة لنشر الثقافة والوعى الوطنى فى الايام القادمة. ان الشعب المصرى شعب واعيا بالفطرة وموروثاته الحضارية تؤهله ان يكون شعبا مثقفا راقيا، والتاريخ المصرى يقول هذا، وإن كانت الشخصية المصرية قد تغيرت لتميل الى السطحية والتغييب فى العقود الاربعة الماضية الا ان جيناتنا المصرية مازالت هناك تبحث عمن يزيل طبقة الصدأ من عليها ليظهر معدنها المصرى الأصيل. لمزيد من مقالات د امانى ويصا