جاءت الإجراءات الحاسمة التى اتخذتها الحكومة أخيرا تجاه المبانى والعقارات المخالفة التى قام بعض ضعاف النفوس بإنشائها فوق أراض مملوكة للدولة خلف المحكمة الدستورية لتعيد الإحساس بقوة وهيبة الدولة مرة أخرى لدى المصريين، والتأكيد على أن قيام البعض باستغلال حالة الانفلات الأمنى التى كانت تشهدها البلاد للمتاجرة بأحلام البسطاء والتعدى على حق الدولة لن يمر مرور الكرام ، فالمتخصصون والقانونيون والخبراء الاقتصاديون أكدوا أنها خطوة على الطريق الصحيح لاستعادة صورة الدولة القوية لدى المواطن، ورادعة لمن تسول له نفسه خرق القوانين . فى البداية، وجه اللواء محسن النعمانى وزير التنمية المحلية الأسبق، التهنئة للحكومة على هذه الخطوة الشجاعة والتى طال انتظارها من أجل التصدى للمتعدين على أملاك الدولة أو حتى الأراضى الزراعية وغيرها من المخالفات التى تمثل تعديا على حق 92 مليون مصري، وتسهم فى تدمير ثروات المجتمع، وتثقل مرافق الدولة بما لا تحتمل، وما لم يكن مخططا له من قبل . وأكد النعمانى أن إزالة المخالفات بشكل كامل وحاسم يساعد على استئصال المشكلة من جذورها، خاصة أن الحلول الناقصة كالإزالة الجزئية وخلافه كانت تمثل فرصة للمخالف من أجل توفيق أوضاعه، وتحول المبانى المخالفة لأمر واقع ، هذا بجانب خطورة مثل هذه المناطق فى المستقبل كبيئة خصبة لظهور الجماعات والتنظيمات الإرهابية . ومن ناحيته، أكد المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، أن إعمال القانون خير من إهماله، إلا أنه من وجهة نظره كان يرى تطبيق روح القانون، من خلال معاينة مدى صلاحية هذه المبانى من الناحية الفنية ومصادرتها لمصلحة الدولة حال التأكد من ذلك على أن تقوم الدولة ببيعها وتوزيع ما بها من وحدات على الأسر الى محدودة الدخل والفقيرة التى تسعى للحصول على سكن اقتصادي، وذلك بهدف إيجاد حل مشكلة ملحة تؤرق المجتمع. وأوضح السيد أن مصادرة المبنى هو أكبر عقاب رادع يمكن إيقاعه على المخالفين، ويحقق هيبة الدولة فى الوقت نفسه . فى السياق نفسه، أشار المستشار عادل أندراوس رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق. إلى أن الخطوة من قبل الحكومة كانت ضرورية لاستعادة هيبة الدولة، مشددا فى الوقت نفسه على رفع معدلات الوعى لدى المواطنين بالإجراءات الواجب اتخاذها عند الإقدام على شراء أحد العقارات والتأكد من شخصية المالك، وهو ما سيسهم فى ردع ضعاف النفوس من التعدى على أملاك الدولة . وأضاف أندراوس أنه من المهم أن تبدأ الحكومة أيضا فى إجراءات مماثلة بحق المخالفات على الأراضى الزراعية، خاصة انها تمثل قضية أمن قومى للمصريين، مشيرا إلى أن البناء على الأراضى الزراعية يؤدى إلى تبويرها، وجعلها غير صالحة للزراعة، مما يدمر ويقلص الرقعة الزراعية، وطالب المحافظين بالتصدى بقوة لمثل هذه النوعية من المخالفات . وعلى صعيد متصل ، أوضح د. صلاح جودة الخبير الاقتصادي، أن مخالفات المبانى تنقسم لثلاثة أنواع من المخالفات، الأول: هو بناء أدوار مخالفة وغير مرخص بها، والثاني: هو التعدى على أراض تابعة للدولة، أما الثالث: فهو البناء على أراض زراعية، مشيرا إلى أنه فى حالة الاعتداء على أراض ملك للدولة يجب على الحكومة التأنى قبل هدم المبنى بالكامل، ودراسة طرق الاستفادة منه عبر مصادرته، وبيعه كوحدات سكنية لمحدودى الدخل إذا كان العقار بحالة فنية جيدة، أما إذا كانت المخالفة فى بناء أدوار غير مصرح بها، فعلى الدولة إزالة الأدوار المخالفة ومصادرة باقى العقار كعقاب رادع . وحول البناء على الأراضى الزراعية ، شدد جودة على أن مصر يتم تبوير نحو 30 ألف فدان من الرقعة الزراعية فيها سنويا بسبب البناء، مشيرا إلى ضرورة إزالة العقار المخالف بالكامل، وإيقاع عقوبة على المخالف تلزمه باستصلاح 5 أفدنة على نفقته الخاصة فى مقابل كل قيراط قام بتبويره كعقاب له على جريمته، أو البديل أن يقضى عقوبة فى السجن .