أخيرا تحول حلم إقامة متحف خاص للفنان الراحل د. زكريا الخناني رائد فن تشكيل الزجاج الذي يستحق بجدارة لقب «عاشق الزجاج» إلى حقيقة، فقد افتتح د صابر عرب المتحف المقام بمنزله الذي كان يعتبر ورشة لأعماله وإبداعاته هو وشريكة حياته الفنانة الدكتورة عايدة عبد الكريم التي كان لها الفضل الأكبر في تحقيق هذا الحلم. وزير الثقافة قال إن الخناني وزوجته أحبا فن الزجاج وكوناعالما من الجمال والابداع ، وأصبح لهما تلامذة سواء من الجامعة أو الهواة الذين تعلموا فن الزجاج بشكل فني و اقتصادي ، مشيرا إلى أن هذا المكان ليس مجرد متحف ، وانما حالة مصرية مبدعة وجزء منها متواصل مع التاريخ المصرى القديم في كثيرمن الرسومات ، وهي محاكة للنمودج المثالي للفن حيث يطوع الزجاج بكل اشكاله والوانه واطيافة ويخلق منه تحفا فنية جميلة ومبهرة. وقصة المتحف ترويها الفنانة عايدة قائلة: إنه تم انشاء هذا المنزل عام 1969 لكى يكون ورشة و متحفا ، وكان الخنانى يعمل ضابطا مهندسا فى الجيش ،وكان محبا للفن ، مضيفة أن بداية عملهما وانجازهما الحقيقى هو اعادة اكتشاف العجائن المصرية القديمة للخزف وأساليب صناعة الحلى المصرى القديم التى قد تم تطورها بعد ذلك ، وهى تشكل الجزء الاول والاساسى من متحفى ، ويُعد هذا المتحف فريدا من نوعه فى الشرق الاوسط والوحيد فى مصر الذى يوجد معه مركز تعليم وتدريب وورش انتاجية تُغذى دائما المتحف والمعرض لكى يبقى هذا الفن الرفيع بصورة مستديمة ، وقد تم ربطه بمعهد التربية الفنية بالزمالك ، كما أضافت أن المتحف يتكون من جزءين رئيسيين جزء خاص بالفنان زكريا وهو متحف الزجاج ويشتمل على الاعمال الفنية فى كل مراحل اعماله وكذلك اعماله التجريبية فى صب الزجاج « العجائن الزجاجية » ، ويعتبر هذا النوع من الفن فريدا من نوعه فى مصر وقد لاقى تقديرات عالمية ونال العديد من الجوائز وأغلب رواده من الاجانب ضمن رحلاتهم السياحية للاهرامات وسقارة ، أما من جانب التدريب فكنا حريصين على استمرارية هذا الفن ، ونقوم بتدريب الطلبة من اقسام الزجاج بكلية الفنون التطبيقية ومعهد التربية الفنية وكذلك الاطفال واستضافة فنانين وحرفيين من جمعيات أهلية آخرها من جنوب الصعيد « الاقصر » ، ومن الدارسين الذين تتلمذوا على أيديهما الفنانة مها عبد الكريم شقيقة الفنانة د.عايدة ولها انتاج فنى متفرد . وقال الفنان ا.د. صلاح المليجي : « إنه بجانب قيمة هذا الصرح الفني والعلمي ودوره في الحفاظ على هذا الإرث الفني والإسهام الإبداعي، هو رسالة تقدير وعرفان بقيمة أستاذ ومثل وقدوة ليستفيد منها المهتمون والدارسون ويرسخ لمبدأ التواصل والاستمرارية لهذا الفن المصري الأصيل اعترافاً بقيمة العطاء والبذل وغرس قيمة ومكانة القدوة عند الأجيال الحالية والقادمة .. وشاهد على عظمة الفنان المصري وقدرته على الإبداع .. كما يؤكد مضينا قدماً في تنفيذ خطط التطوير والترميم للمتاحف التي لا تزال مُغلقة حتى تعود في أبهى صورها منارات للثقافة والفنون». يضم المتحف بجانب أعمال وأبحاث الفنان الكبير الراحل زكريا الخناني والفنانة القديرة عايدة عبدالكريم والمتميزين ممن تتلمذوا على أيديهما، مركزاً مجهزاً لتعليم مهارات وتقنيات فن الزجاج الحاري وفن الخزف، لجميع الأعمار والفئات المجتمعية ودعم ورعاية الموهوبين في هذه المجالات وصقل مهاراتهم وخبراتهم على أيدي مشرفين ومتخصصين، ليتواصل عطاء المبدع المصري بتواصل الأجيال، وللحفاظ على هذه الفنون التراثية الأصيلة وحمايتها من الاندثار. ورائد فن الزجاج الراحل د. زكريا الخنانى استحق بجدارة لقب «عاشق الزجاج» فقد وهبه حياته وأراد أن يعيد التقنيات نفسها التى استخدمها الفن المصرى القديم فى عهد الفراعنة بصهر الزجاج وصبه فى قوالب وليس بتقنية النفخ، بل إنه تمكن من تحويل ما كان يعتبره «نافخو الزجاج» عيباً بوجود فقاعات هوائية إلى وسيلة لإبراز جماليات الزجاج، وتمكن من تشكيل الفقاعات فنياً بأحجام وأشكال متنوعة باستخدام تقنيات تكنولوجية حديثة. أيضاً يذكر للفنان تجديده لطريقة عرض إبداعاته بطريقة مبتكرة ليصبح التشكيل الزجاجى بطلاً لقاعة العرض وكأنه مثل القمر الذى تنعكس إضاءة الشمس عليه فتتحول صخوره وتضاريسه إلى عنصر جمال وتتخلى عن جمودها وصلابتها أمام نور الشمس. ولعل السر فى تكوين شخصية الفنان الراحل يرجع إلى عدة عوامل أولها زياراته مع والده مفتش الآثار لمعبد الكرنك والمعالم الأثرية، ثم دراسته فى مدرسة المهندسخانة بقسم الميكانيكا والكهرباء وهى الدراسة التى وهبته الدقة ، وبعدها خدمته بالقوات المسلحة التى تركها برتبة لواء مهندس عام 1968 وهى التجربة التى منحته التزاماً وانضباطاً وقدرة على التعامل مع صلابة الزجاج وتطويعها حسب التشكيل الفنى والفكرة التى يريدها. Nagwaelashry73@gmail