اجتماع «جبران» ووزير الشئون النيابية لمناقشة «مشروع قانون العمل»    بايدن ونتنياهو يتفقان على العمل للإفراج عن المحتجزين في قطاع غزة    زيلينسكي يؤكد موقفه بشأن مسألة القنبلة النووية    بعثة الأهلي تصل مطار أبوظبي استعدادا للسوبر المصري    وزير التعليم يخصص مرافقًا لطالب من ذوى الهمم بالجيزة    "المصنعية وليس الوزن".. كيف يتم احتساب ضريبة القيمة المضافة على الذهب؟    رئيس "الضرائب": إنشاء بوابة لشكاوى الممولين للتعامل معها بشكل فوري وسريع    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار في مدينة 6 أكتوبر    إغلاق نفق محمد نجيب أسفل الطريق الدائري كليا ..اعرف التحويلات المرورية    ضبط شخص يديره كيان تعليمي «بدون ترخيص» للنصب والاحتيال على المواطنين بالجيزة    ريهام عبد الحكيم تمتع جمهور مهرجان الموسيقى العربية بأغنية وحشتونى ل وردة    أكسيوس: بايدن ونتنياهو اتفقا على ضرورة إطلاق سراح المحتجزين بغزة    انطلاق مهرجان تعامد الشمس على المسرح الصيفى بأسوان بمشاركة 9 فرق (صور)    زيدان: المتحف المصري الكبير جاهز لافتتاحه الرسمي    تحويل 7 حالات من قافلة حياة كريمة إلى المستشفيات بدمياط    بالفيديو.. مرافعة النيابة العامة في مقتل الطفلة شمس علي يد والدها    غموض حول موقف فريتز من المشلركة أمام فرانكفورت بالدوري الألماني    شهاب الأزهرى لقناة الناس: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    عاجل - مكتب نتنياهو: كلمة لرئيس وزراء الاحتلال الساعة 17:30 بتوقيت جرينتش    ما هو حكم تركيب الرموش والشعر "الاكستنشن" للزوج فقط ؟ أمين الفتوى يجيب لقناة الناس:. فيديو    أمين الفتوى لقناة الناس: بلاش تعمل نذر بأمور لا تستطيع فعلها (فيديو)    العرض الأول بالعالم العربي لفيلم أثر الأشباح بمهرجان الجونة السينمائي    «الضرائب»: بدء الإعداد لحزمة تسهيلات ثانية وإعلانها قريباً    «زواج وعلاقات».. أفضل 3 أبراج تتوافق مع برج الدلو    أبو شامة: القاهرة عاصمة الاستقرار بالمنطقة.. وإيران تحاول "تبييض صفحتها" أمام جيرانها    زيلينسكى يقدم خطة النصر أمام قمة الاتحاد الأوروبى فى بروكسل    سويلم يلتقي المدير التنفيذي للجنة الوطنية لمياه الشرب والصرف الصحي بدولة ليبيريا    محور بديل خزان أسوان.. نقلة نوعية في البنية التحتية المصرية -فيديو وصور    مسلسل مطعم الحبايب.. أحمد مالك يعترف بمشاعره لهدى المفتي ويكشف عن وصفة المولد في الحلقة السابعة    حريق في مصنع قطن خاص بالمحلة    تشارلتى لاعبة الأهلى صاحبة أسرع هدف فى دورى الكرة النسائية.. فيديو    مهند مجدي يُوجه الشكر لرئيس جماعة العيون المغربية ويهديه درع الأهلي    هل تقبل الصلاة بالأظافر الصناعية أو الهارد جيل؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الوزراء يفوض وزير الزراعة في مباشرة اختصاصاته بشأن الاتحاد العام للتعاونيات    شوبير يكشف مفاوضات الزمالك وبيراميدز لضم محمد شريف    جامعة حلوان تطلق اليوم الرياضي للياقة البدنية بكلياتها لتعزيز قدرات الطلاب    «تعليم القاهرة» تعلن جداول امتحانات شهر أكتوبر لطلاب صفوف النقل    «القاهرة الإخبارية»: جوزيب بوريل يضغط على الاحتلال الإسرائيلي بملف قطع العلاقات    أستاذ في التخطيط العمراني: تنمية هوية المواطن المصري شعار الدولة خلال 9 سنوات    "تعليم القاهرة" تعلن جداول اختبارات شهر أكتوبر    «الصحة» تعلن اعتماد مركز أورام سوهاج من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    "سيب ابنك في حاله".. تعليق ناري من شوبير بشأن ما فعله ياسر ريان وتوقيع ابنه للزمالك    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف لتاجر الهيروين بالشرقية    من هو الدكتور الطيب عباس الرئيس التنفيذي الجديد لمتحف الحضارة؟    صندوق مكافحة وعلاج الإدمان ينعى وفاة الطالبة "أريج خالد" متطوعة أسوان    مستشار الرئيس للصحة: لم يكن هناك بديل أو مثيل لبعض الأدوية خلال الأيام الماضية    المفتي يهنئ اللواء حسن محمود رشاد لتعيينه رئيسًا للمخابرات العامة    «الري» تعلن انطلاق «حملة على القد» للحفاظ على المياه    دعاء يوم الجمعة.. أدعية للوقاية من المصائب والخوف من الأذى    نقل الكهرباء توقع عقدًا مع «سيمنز» لتوسيع محطة محولات العميد بالإسكندرية    صلاح ثامنا في قائمة الأعلى أجرا خلال 2024    عضو ب«الشيوخ»: مؤتمر الصحة والسكان منصة مهمة لتبادل الخبرات والأفكار    محافظ المنوفية يتفقد انتظام سير العمل بمستشفى الجراحات المتخصصة.. صور    لأول مرة.. كوريا الشمالية تؤكد أن دستورها المعدل حديثا يُعرّف نظيرتها جنوبية ك "دولة معادية"    اتحاد الكرة: مكافأة خاصة للاعبي منتخب مصر.. وسنتأهل إلى كأس العالم    50 جنيهًا للواحدة.. قرارات هامة من التعليم بشأن صرف مستحقات معلمي الحصة    «الحوثي» تتوعد الولايات المتحدة وبريطانيا بعد الضربات الأخيرة على صنعاء وصعدة    رئيس جامعة القاهرة يوجه بسرعة إنجاز الأعمال بالمجمع الطبي للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية مصنع مع الخصخصة
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 03 - 2014

ربما لا يجد المؤرخون لاحقا ماهو أحلك سوادا من صفحة الخديوى " إسماعيل" فى نهب مصر وبيع مقدراتها للأجانب إلا ما جرى فى عهد الدكتاتور "مبارك"
ومع فساد حكمه من نهب للاقتصاد القومى وبيع لشركات القطاع العام تحت عنوان الخصخصة وبمقتضى الخرافات الايديولوجية لاقتصاد السوق . وهو ملف متميز حافل باتهامات جدية موثقة فى الجريمة الاقتصادية والخيانة الوطنية لم يحاكم عليها بعد مبارك ورجاله .
وكتابة تاريخ مصنع مثل “طنطا للكتان والزيوت “مع الخصخصة من وجهة نظر عماله المحتجين المعتصمين طلبا لاعادة تشغيله وصالح الاقتصاد القومى هى بالقطع مهمة تختلف عن كتابة هذا التاريخ من جانب لصوص المال العام وناهبى مقدرات الشعب. وإذا افترضنا ان مؤرخا منصفا منحازا لشعبه جاء بعد سنوات ليكتب حكاية هذا المصنع فسيلاحظ أنه توسع بعد تأميمه فى مطلع عقد الستينيات من مصنع واحد بناه شركاء شوام عام 1954 ليبلغ بحلول عقد التسعينيات عشرة مصانع متنوعة الإنتاج من حبال وأخشاب وزيوت و غزل وورق وصمغ وغيرها . لكن مصانع الشركة أخذت فى التوقف واحدا تلو الآخر بعد اللحاق بقطار الخصخصة فى فبراير 2005. وهو العام الذى بيعت فيه 65 شركة عامة ليسجل أعلى نقطة على منحنى سنوات الخصخصة منذ بداية برنامجها عام 1992.علما بأن الاحصاء نفسه الذى اجراه “المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” يرصد بيع 382 شركة حتى يونيو 2009. كما سيلفت النظر ماسيقوله عمال المصنع للمؤرخ عن انخفاض عدد العمالة من 2500 عامل مثبت و700 متعاقد غير العمال التابعين لمقاولين فى عقد التسعينيات الى 1500 عامل مثبت عند لحظة الخصخصة وبعد موجات المعاش المبكر تمهيدا للبيع. ثم الى 200 عامل مثبت و300 بعقود مؤقتة بعد الخصخصة بسنوات معدودة. ولينتهى المستثمر المشترى الى الاكتفاء بتشغيل مصنعين إثنين فى وردية واحدة فقط .
ولاشك أن مؤرخنا الهمام سيعثر على خبر فى أسطر معدودة بجريدة الأهرام ( الصفحة التاسعة بعدد 15 ديسمبر 1986) عن جمعية عمومية للشركة التى كانت “عامة” يشير الى تحقيق فائض فى ميزانية 85/ 1986 يقدر ب 503 آلاف جنيه والى أن زيادة الفائض جاء نتيجة لمضاعفة الإنتاج، كما سيعثرعلى خبر لاحق فى الصفحة السادسة بالجريدة ذاتها بتاريخ 30 يوليو 2003 عن سؤال من نائب بمجلس الشعب الى رئيس الوزراء كشف عن فائض قابل للتوزيع عن العام المالى 2003/2005 يقدر بخمسة ملايين جنيه، وفى كل هذا وغيره ما سيؤكد للمؤرخ مدى فساد صفقة البيع الى المستثمر السعودى .وبمقتضاها بيعت مصانع الشركة ب 83 مليون جنيه فقط،وذلك فوق أرض مساحتها74 فدانا .و قد جرى دفع الثمن البخس على أربعة أقساط خلال ثلاث سنوات، أولها 33 مليونا فقط. وفى كل الأحوال ستنتاب مؤرخنا الحيرة من غياب الأرقام الرسمية وتضارب التقديرات بشأن تكلفة فساد عملية الخصخصة برمتها. وربما توقف أمام تقدير خبراء بأن الفاتورة تبلغ مئات المليارات من الجنيهات أو تأمل تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات بأن 20 مليارا من حصيلة البيع البالغة 50 مليارا ضائعة ولا تتوافر أى مستندات عن أين ذهبت ؟.
ولاشك ان المؤرخ سيفرد صفحات عديدة عن مقاومة العمال فى “طنطا للكتان “ وغيرها دفاعا عن حقوقهم المهدرة وعن الانتاج والثروة القومية . وسيسترعى النظر كيف وقفوا وحدهم مجردين من دعم المديرين والبيروقراطية بل وضد رجال الأعمال وسلطات فى الدولة والنقابات الملحقة بالحزب الحاكم .وقفوا بمفردهم ومازالوا إلا من مساندة بعض المحامين والحقوقيين والمثقفين فى رفع الدعاوى القضائية لاعادة المصانع الى الملكية العامة.وبالنسبة لحكاية مصنعنا جرى أول اضراب فى عام 2006. ثم توالت الاعتصامات. ولم تتوقف حتى بعد حكم القضاء الإدارى فى 21 سبتمبر 2011 ببطلان خصخصة الشركة واعادتها الى احضان الاقتصاد الوطنى وعودة العاملين المفصولين والمحالين قسرا الى المعاش المبكر . وببساطة لأن حكومات ما بعد ثورة 25يناير 2011 امتنعت عن تنفيذ أحكام القضاء. بل وانحازت الى المستثمرين الأجانب . وانضمت اليهم فى الطعن على الأحكام ضد صفقات البيع الفاسدة. ولما أصبحت الأحكام نهائية كما فى حكاية مصنعنا بحلول 28 سبتمبر 2013 استمرت تماطل فى التنفيذ تحت مبررات واهية ، منها تشكيل اللجان واحدة تلو أخرى أو انتظار قرار وتمويل من الشركات القابضة التى تتبعها المصانع .وكان العديد من مسئوليها شركاء فى فساد الخصخصة. وهكذا تفتقد الحكومات الى الإرادة السياسية فى استعادة ثروات البلاد المنهوبة وتشغيل المصانع المتوقفة ، فى وقت تطنطن فيه بالحاجة الى دوران عجلة الإنتاج. كما تتهاون سلطات الدولة فى إطلاق تحقيق شامل وشفاف فى فساد صفقات البيع . وبدلا من احترام القانون واحكام القضاء المصرى ومعها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التى تعطى الدولة حق فسخ عقود البيع تروج لمبالغات حول لجوء المستثمرين للتحكيم الدولى وعواقبه.
إحدى النتائج التى سيتوصل اليها كاتب تاريخ “طنطا للكتان” ان الإدارة السليمة الناجحة الرشيدة ليست بالضرورة قرينة للملكية الخاصة . لكن مؤرخنا سيكون عليه أيضا أن يرقب مصير مبادرة العمال يوم الأربعاء 19 مارس 2014 (الموافق غدا ) لتنفيذ الحكم القضائى والعودة لتشغيل المصنع المتوقف الآن تماما ،وبأنفسهم ودون انتظار لحكومة أو لشركة قابضة أو للجان . فهم أصحاب المهم والمسئولية يريدون عودة المكن للدوران والانتاج والتصدير . فهل نساعدهم أم نقف ضدهم هذه المرة أيضا؟.
وعلى أية حال فإن حكاية المصنع لم تكتمل بعد، ومعه العديد من المصانع العائدة بأحكام قضائية او تلك التى تنتظر.
لمزيد من مقالات كارم يحيى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.