إيمانا من الأهرام بدورها الصحفى الرائد والذى تطور منذ إصدار الصحيفة منذ 1876، لتتحول إلى مؤسسة تقوم بدورها الثقافى التنويرى بمعناه الشامل الذى يضم الأعمال الإبداعية على مختلف أنواعها، لذلك كانت الفنون التشكيلية على رأس هذه الأولويات حتى تكاد تكون الصحيفة المتفردة التى تقدم هذه الصفحة أسبوعيا، كما أن الأهرام هى المؤسسة الوحيدة التى تضم ثروة من الأعمال الفنية التى تم اقتناؤها منذ الستينات، وهو ما سنبدأ بعرضه على هذه الصفحة للتعرف على هؤلاء الفنانين من الأجيال المتعاقبة لتأتى المعلومة والتاريخ والمعرفة التى يستنطقها العمل، واستكمالا لهذا التواصل ستبدأ الصفحة من العدد القادم فى تخصيص مساحة لأصحاب المواهب الفنية من الشباب فى مجال الرسم والكاريكاتير للسعى نحو اكتشاف المواهب وإلقاء الضوء عليها “ الاهرام ” قلعة الصحافة والثقافة والتنوير فى مصر والوطن العربى تمتلك ما يقرب من ألف عمل فنى متنوع لنجوم الفن التشكيلى فى مصر من الأجيال المتعاقبة بدءا من جيل الرواد وحتى الآن ، تنوعت ما بين الأعمال الجدارية والنحاس المطروق والموزاييك واللوحات الفنية المنفذة بالخامات المختلفة ، والنحت البارز والمجسمات والنحت بخامات الزجاج والنحاس والأحجار واللدائن والبرونز وكذلك الميداليات البرونزية, بدأت الأهرام عملية الاقتناء على يد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى منتصف الستينات من القرن الماضى حينما كان رئيسا لتحرير الاهرام واعطى دفعة قوية لهذا الاتجاه حتى اصبحت الأهرام ثانى مؤسسة فى مصر تمتلك هذه الثروة الفنية بعد وزارة الثقافة "جنى المحصول" للفنانة إنجى أفلاطون اللوحة التى نحن بصددها اليوم للفنانة انجى افلاطون تمثل جنى المحصول أبدعتها عام 1968 والتى اتخذت طريقا إلى فن اجتماعى وواقعى ويتحرك مع حياة الناس فى بلدها فهى الفنانة التى تمردت على حياتها المرفهة بتوجهها الى التعبير عن بسطاء الناس، اتجهت نحو الدراسة وهى فى الخامسة عشر ربيعا على يد الفنان كامل التلمسانى الذى علمها معنى الصدق الفنى فى التعبير بالأدوات الخاصة فى الموضوعات المرتبطة بالمحيط المجتمعى وتتبعت معه المنهج السريالى ووجهها للمشاركة الفاعلة فى المعارض والتى تتيح لها تحديد ماوصلت اليه من تقدم بالاستفادة من الاحتكاك والانضمام الى جماعة الفن والحرية عام 1942 التى كان هو أحد مؤسسيها وكانت ضمن الجماعات المنتشرة آنذاك فى حقبتى الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي. ولدت انجى أفلاطون عام 1924 فى المنشية الصغرى احدى قرى كفر شكر بالقليوبية وكانت قبل ذلك تابعة لمركز ميت غمر، فى بيئة ارستقراطية ومناخ ثقافى علمى وقد التحقت بعدة مراسم للتعليم وقبلها التحقت بالقسم الحر بكلية الفنون الجميلة أصرت انجى على دراسة اللغة العربية وأجادتها فقد كانت لغتها الفرنسية، كما تعلقت وتأثرت بالأحداث التاريخية وعبرت عنها قبل بلوغها العشرين من عمرها لتكون بمثابة الاطلالة على معاناة الشعب المصرى خلال فترة الحرب العالمية الثانية وتخوض معترك الحياة السياسية من خلال تأسيسها أول حركة نسائية عام 1945 تحت مسمى “رابطة فتيات الجامعة والمعاهد” بالإضافة الى مشاركتها فى العديد من الحركات والمؤتمرات داخل مصر وخارجها طالبت خلاها بحقوق المرأة الضائعة لتترك الرسم مؤقتا وتتجه الى الكتابة ولم يثنها نصح اسرتها بالسفر الى باريس لابعادها عن هذا المضمار بحجة استكمال دراساتها الفنية. عادت الى عشقها الأول الرسم وقدمت مجموعتها الفنية عن الريف فى أول معارضها عام1952 . ودائما ما يكون السجن مرتبطا بالمناضلين أصحاب القضايا فقد اعتقلت انجى افلاطون بين عامى 1959 و1963 أبدعت خلاله أروع أعمالها، والعجيب أنها فازت بالجائزة الأولى وقيمتها 500 جنيه من وزارة الثقافة والاعلام عام اعتقالها ! رحلت انجى افلاطون عام 1989 تاركة وراءها تاريخا وطنيا وتراثا خالدا وسجلا حافلا بحب مصر .