بين الإعلام، والثقافة، علاقة تفاعلية، فالثقافة تؤثر فى الإعلام، كما أن الإعلام يؤثر فى الثقافة، أى فى المجتمع بكل تفرعاته، وثقافاته الفرعية. ونجاح الإعلام يرتبط بالمجتمع والثقافة، فمن العبث أن يتجاهل الإعلامى مجتمعه بما يحويه من دين، وعادات، وقيم، وتقاليد، ومعتقدات، اذا ما أراد لرسالته الإعلامية الوصول، والتأثير فى قلب الناس، وعقولهم، أو اذا ما أراد تغيير بعض المفاهيم والمعتقدات السلبية فى المجتمع. والإعلام هو التعبير الموضوعى لعقلية الجماهير، ولروحها، وميولها، واتجاهاتها، ومعنى ذلك أن الإعلام ليس تعبيرا ذاتيا من جانب المحرر، أو المذيع، أو العاملين بالسينما، أو التليفزيون، وانما هو تعبير موضوعى قائم على الحقائق حينا، وعلى الأرقام حينا آخر، وعليهما معا فى أغلب الأوقات، وقد وجد أن ارتباط الرسالة الإعلامية بحاجات الفرد نفسه تعد من أهم عوامل نجاحها. أما عن الآثار الاجتماعية للخطاب الاجتماعى الموجه للمرأة، فيضم مؤشرات ونتائج التحليل الاجتماعى المتعمق لأهم الأبحاث والدراسات، التى أجريت فى مجال المرأة المصرية والإعلام، ونستطيع أن نستخلص ما يلي: المرأة المصرية ليست مفهوما واحدا، ولكن تضم عدة مفهومات، فعلى المتصل الريفى الحضري، هناك المرأة الريفية، والمرأة الحضرية، وداخل بعدى الريف والحضر هناك تنوعات. والمرأة الريفية فى الصعيد على سبيل المثال تختلف عن المرأة الريفية فى وجه بحري، والمرأة الحضرية فى الشرائح الدنيا غيرها فى الشرائح الدنيا التى تضم المناطق المتخلفة والعشوائيات. ويلاحظ نقص المعلومات الصحيحة عن المرأة الرئيسية اليوم فى البرامج الإعلامية، ويستتبع ذلك أن ينزل الإعلامى أو الإعلامية الى الميدان فى زيارة ميدانية لتلمس التغييرات التى تحدث فى القرية بالنسبة للمرأة الريفية، سواء فى الصعيد أو وجه بحري، وردود أفعالهم الحقيقية لما يجرى بالنسبة للمرأة بعامة، والمرأة الريفية خاصة، أى دراسة واقع المرأة الريفية كمقولة عامة مطلقة. وتعانى المرأة من خلال وسائل الإعلام، وبحسب تحليل مضمون كثير من البرامج، وعدد من الأفلام السينمائية والتليفزيونية والمسلسلات، وكثير من الصحف والمجلات، عدم الاعتراف بدورها الإنتاجي. فالمرأة الريفية على سبيل المثال، تؤدى عدة أدوار، فهى ربة بيت، وعاملة زراعية، وبرغم ذلك لا يعترف بتلك الأعمال كنوع من أنواع العمل المنتج، وظلت غالبا فى المرتبة الثانية، ينظر المجتمع الى عملها كعمل ثانوى تقوم به من خلال الرجل، مع أنها أكثر كدحا من الرجل، فهى لا تنعم بالراحة أبدا، ووقتها مشغول بشتى الأعمال المنزلية، ورعاية الأطفال، وتربية الدواجن، والأغنام، فضلا عن مساندتها لزوجها فى الفلاحة فى كثير من الأحيان. والمرأة المصرية، شأنها شأن الرجل سواء بسواء، وهى مرتبطة بانتمائها الاجتماعي، والاقتصادي، والفكري، وتستمد قيمتها، ومعناها من سياق اجتماعى تاريخي. وتعانى البرامج المقدمة للمرأة من خلال الإذاعة والتليفزيون، بما فى ذلك المسلسلات، والأعمال الدرامية، وكثير من الكتابات الصحفية، ازدواجية الاتجاه، فهى تتراوح بين عرض المرأة فى صورة تقليدية، تبدو المرأة من خلالها خاضعة، عاجزة مضحية أبدا، سلبية دائما، هدفها الأسمى الزواج، كما أنها دائمة القلق من حيث عدم ثقتها بزوجها، وخوفها من فقده، كما أن خلف الأطفال هو محور حياتها، وحصن أمانها فى تثبيت وضعها الأسري. وبينما تعرض وسائل الإعلام هذه الصورة التقليدية، نجدها تعرض أيضا صورة للمرأة العصرية، بل والمستقبلية التى تبدو المرأة من خلالها قادرة على اتخاذ القرار، معتمدة على نفسها، ذات شخصية مستقلة، بناءة، عطاءة، منتجة، مبدعة، تسهم فى تنمية وطنها على أساس من العلم والوعي، مثال ذلك أعمال تليفزيونية مثل: أم مثالية، هى والمستحيل، ضمير أبلة حكمت، استقالة عالمة ذرة، ودرة المسلسلات: أم كلثوم. أما الأعمال السينمائية فمنها: مراتى مدير عام، وآسفة أرفض الطلاق، وأعمال تناقش قوانين الأحوال الشخصية مثل أريد حلا. فوجود الصورتين المتناقضتين للمرأة معا فى الخطاب الإعلامى فى وقت واحد، يدل على غياب الاستراتيجية العامة فى وسائل الإعلام. وينبنى أقصر طريق لقلب الرجل معدته، وأنوثة أزيائك، وسحر عينيك، وتسريحة شعرك، نجد برنامجا نبيلا يهتم بعرض نماذج مشرفة للمرأة فى جميع التخصصات، واسمه حواء تحت الأضواء. لابد إذن: من وجود استراتيجية موحدة لتناول موضوعات المرأة، لا تؤدى الى تأخر وضعها، وهدر مكاسبها، ولا الى الازدواجية، والتذبذب فى اتخاذ القدوة، وتكوين المثل الأعلي. ويبنبى على ذلك أهمية وجود هدف ورؤية واضحة بناءة تجاه قضية المرأة، لدى كل المشتغلين فى وسائل الإعلام، وخاصة كتاب السيناريو، والمخرجين، والمذيعين والصحفيين، لما لهم من تأثير بالغ فى توصيل الرسالة الإعلامية. إن البعد الاجتماعى للخطاب الإعلامى الموجه للمرأة، له أهميته البالغة فى تصحيح الأفكار التقليدية الخاطئة التى تزيف عقول الناس فيما يتعلق بوضع المرأة، كما أن لهذا البعد تأثيرا فعالا فيما يتعلق بتعديل المفاهيم التى كانت سائدة ردحا من الزمان، خاصة فيما يتعلق بأدوار الرجل والمرأة.