جنوب سيناء التى لم تكن يوماً ضمن اهتمامات الأنظمة السابقة، عانى مواطنوها من البطالة وعدم توافر فرص العمل وما زالوا يعانون حتى الآن من اجراءات تقنين أراضيهم الزراعية رغم حيازتهم لها عرفياً واستصلاحها واقامة مشروعات زراعية وثروة حيوانية عليها. وذلك بدعوى الحفاظ عليها وعدم بيعها للأجانب باعتبار سيناء من أبرز مناطق الأمن القومى لذلك لم يتم التوسع فى زيادة مساحة الرقعة الزراعية من ناحية وأصبح مواطنوها يسدون حاجاتهم من القمح والخضر والفاكهة واللحوم الحمراء والبيضاء من المحافظات المجاورة بعد قطعهم مئات الكيلومترات مما يزيد من تكلفتها والأمر لم ينته عند هذا الحد بل زادت نسبة البطالة بين الشباب لإهمال سيناء عن عمد وعدم توفير فرص عمل وفتح آفاق جديدة للتنمية لتصبح جنوبسيناء محافظة طاردة لأبنائها بدلاً من أن تكون جاذبة لسكان مصر لتحقيق مخطط التنمية المستدامة والشاملة الذى يهدف الى توطين 3.5 مليون مواطن لتعميرها والدفاع عنها اذا لزم الأمر. حيث إن مساحات الأراضى الزراعية المستغلة بجنوبسيناء تبلغ 21 ألف فدان ومساحات الأراضى الزراعية القابلة للتوسع الزراعى على مستوى المحافظة بلغت 200 ألف فدان بشرط توافر المياه الجوفية اللازمة للزراعة وذلك طبقاً لآخر حصر للأراضى الذى أعدته مديرية الزراعة بالمحافظة. وفى مناطق الدبيل والجراجرة ووادى سدر وأبوصويرة وأبو رزق والسادات برأس سدر حيث يعانى مزارعوها من عدم وصول التيار الكهربائى اليها لتشغيل ماكينات رفع المياه من الآبار لرى مزارعهم، والنتيجة أن المواطنين هناك لا يجدون قوت يومهم، وآخرون مهددون بالحبس والغرامة وهاربون من أحكام قضائية صادرة ضدهم بسبب قيامهم بزراعة الأراضى المترامية الأطراف حيث اعتبرهم القانون متعدين على أراضى الدولة الفضاء والتى لم يقم النظام السابق يوماً باستصلاحها ولا بتقنين أوضاعها. ويرجع السبب الآخر فى عدم التوسع فى زيادة مساحات الرقعة الزراعية الى ندرة المياه وجفاف بعض الآبار خاصة الموجودة بالمناطق الزراعية وعدم سقوط مياه الأمطار والسيول على المدن، مما أدى الى جفاف العديد من الحدائق والتى كانت تنتج أجود المحاصيل من الخضر والفاكهة. يقول أشرف يحيى أحد شباب الخريجين: فور تخرجى فشلت فى الحصول على فرصة عمل حكومية فما كان أمامى سوى العمل فى قطاع السياحة بهدف جمع مبلغ من المال لاقامة مشروع استصلاح اراض لزراعة كل المنتجات التى تفتقر اليها جنوبسيناء للحد من شرائها من أسواق العبور وبعد معاناة طويلة قمت بشراء 40 فدانا من أحد شباب البدو بنظام وضع اليد وقمت بإقامة بئر للمياه وتم توصيل التيار الكهربائى لاستصلاحها وقمت بزراعة القمح والخضراوات والفاكهة أملاً فى تملكها بعد ذلك ورغم كل الوعود فاننا لم نتملك متراً واحداً من الأرض . من جانبه أكد موسى حسن حميد الذى ينتمى إلى قبيلة المزينة بجنوبسيناء ويبلغ من العمر 42 عاماً الجهاز التنفيذى بالمحافظة يمكنه أن يسحب الأرض التى يعيش عليها المواطنون لأكثر من عشر سنوات فى أى وقت بدعوى عدم قانونية تملكها باعتبارها مازالت تحت إجراءات التقنين. وأكد أن طور سيناء وحدها قد حرر لمواطنيها أكثر من 5 آلاف محضر تعد على أراضى الدولة وجميعها فى انتظار الحبس والغرامة. وتضم طور سيناء وحدها نحو 11 ألفا و900 فدان أراض صالحة للزراعة بالموالح والنخيل والزيتون والخضراوات وذلك بدون المواد الكيميائية. وطالب موسى حميد وزير الزراعة بضرورة الاهتمام بتنمية سيناء من خلال تقنين الأراضى لواضعى اليد عليها كل على حسب أقدميته والمثبتة قانوناً بمستندات رسوم التقنين، وعدم إزالة التعديات القديمة نظراً للأضرار المادية والنفسية البالغة التى ستقع على أصحابها اثر هذه الازالات وأن يطبق القانون الذى ينص على أن أى أرض بها ظواهر الاستقرار الأسرى والاستيطان تعتبر صك ملكية لصاحبها ولا تجوز إزالتها وأن تكون مديرية الزراعة هى الجهة الوحيدة المسئولة عن تقنين الأراضى الزراعية لواضعى اليد عليها. من جانبه أكد الشيخ رمضان جبلى أحد عواقل البدو البالغ من العمر 57 عاماً ومقيم بتجمع بدوى وادى الأربعين بسانت كاترين أن الوادى لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال السير على الأقدام أو ركوب الجمال حيث إن الطريق يحده الجبال شاهقة الارتفاع ويقع على جانبى الطريق قطع من الصخور العملاقة التى تصعب إزالتها بالجهود الذاتية. ورغم كل هذه الظروف الصعبة إلا أننا استطعنا التغلب عليها حيث استصلحنا مساحات صغيرة من الأراضى الزراعية لسد جانب من احتياجاتنا من الخضر والفاكهة وإحداث تنوع وإضافة جديدة فى السياحة ليفد السائحون الينا لمشاهدة بعض زراعات الفاكهة والخضراوات المزروعة وقال إن الوادى يفتقر إلى الكهرباء لذلك قمنا بشراء ماكينة مياه مستعملة تعمل بالديزل لرى الزراعات من الآبار واستخدامها أيضاً فى الإنارة لمدة ساعتين يومياً لكنه لا يمكنها رى مساحات أكثر من 3 قراريط يومياً نظراً لتهالكها. وطالب بضرورة دعم وادى الأربعين بشبكة كهرباء من المدينة للتوسع فى مختلف الزراعات خاصة بعد أن أهملته الأنظمة السابقة على مدار السنوات الماضية. فى السياق نفسه أوضح المهندس الزراعى ايهاب راغب كميل أحد قاطنى مدينة رأس سدر أن هناك العديد من المناطق الزراعية التابعة لمدينة رأس سدر كالجراجرة والدبيل يعانى المستثمرون الزارعيون بها من عدم وصول التيار الكهربائى اليها لتشغيل ماكينات رفع المياه من الآبار لذلك توقف المواطنون عن التوسع فى الزراعة. مشيراً الى أن الدولة يجب أن تحفز المستثمرين الزراعيين على الاستمرار الزراعى بسيناء من خلال تخفيض أسعار الأراضى وتقديم إعفاءات ضريبية لعدة سنوات حتى ننتزع من المستثمر رهبة الاستثمار بسيناء. فهل تبدأ الدولة فى التنمية الحقيقية لسيناء؟!