اثيوبيا دولة تعاني من نقاط ضعف عديدة على مصر استثمارها لإجبارها على الجلوس على مائدة المفاوضات واجراء محادثات جادة يشارك فيها السياسيين والخبراء وتمارس خلالها مصر الضغط على اثيوبيا لتقليل الاضرار الناجمة عن بناء سد النهضة. أولا: غياب الاندماج الوطني بين الطوائف العرقية والدينية للشعب الأثيوبي وعدم رغبتها في العيش معا داخل حدود دولة واحدة، في ظل قوة العلاقة بين الدين والدولة في اثيوبيا و محاولات فرض المسيحية وجعلها دين الدولة بالقوة وهو ما تمارسه الأقلية المسيطرة على مقاليد الحكم و أدى الى إنتاج صراعات إثنو دينية بين الاقليات المسيحية والأقليات الإسلامية، والاقلية اليهودية مما يقلل من فرص التعايش المشترك، وتزايد احتمالات نشوب الحرب الاهلية بها وتقسيمها الى دويلات صغيرة خصوصا وان الدستور الأثيوبي لا يرفض مبدأ انفصال اى اقليم . ثانيا: تتعرض الاقليات الدينية خاصة الإسلامية للقمع باسم مكافحة التطرف والإرهاب وهو ما يؤدى إلى مزيد من التطرف والعنف المضاد وعدم الاستقرار وتنامى النزعات الانفصالية. ثالثا: نصوص اتفاقيات الحدود الاثيوبية التي وقعتها مع بريطانيا في اعوام1902،1929 ،1959والتي تضمنت الى جانب ترسيم حدودها نصوص واضحة تحدد الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل فكيف تتمسك اثيوبيا بالنصوص الخاصة بكيانها ووحدة اراضيها وترفض النصوص الأخرى الخاصة بحقوق مصر المائية؟ رابعا: ان اثيوبيا دولة حبيسة لا تطل حدودها على إي منافذ بحرية وبالتالي تصبح في امس الحاجة لجيرانها للاتصال بالعالم الخارجي مثل جنوب السودان وكينيا والصومال وجيبوتي بالإضافة الى اريتريا التي مازالت مشاكل الحدود بينهما عالقة خامسا: هناك مشكلات فنية أبرزها ان العمر الافتراضي للسد الأثيوبي لن يتجاوز 50 عاما، نتيجة لتراكم الطمى، مما يؤدى لتوقف توربينات توليد الكهرباء ويعرض السد للانهيار واندفاع مياه النيل و غرق دولتي السودان حتى الخرطوم وما يزيد هذه الاحتمالات العوامل الجيولوجية خاصة وان تاريخ منطقة سد النهضة ذات نشاط زلزالي و بيئة صخرية غير مستقرة. سادسا: هناك معوقات اقتصادية لان التكلفة العالية لبناء السد والمتوقع أن تصل إلى 8 مليارات دولار وهو رقم خيالي بالقياس للأوضاع الاقتصادية الاثيوبية، أيضا في ظل قلة الأراضي الزراعية هناك فإن سد النهضة سيتسبب في إغراق نصف مليون فدان من اجود الأراضي الزراعية الاثيوبية، كما سيتسبب في إغراق بعض مناطق تعدين الذهب والحديد والنحاس، وبعض مناطق المحاجر. سابعا: هناك معوقات بشرية لان السد سوف يتسبب فى تهجير نحو نصف مليون مواطن أثيوبي من منطقة البحيرة التى يتم فيها تشييد السد. على الجانب الاخر تملك اثيوبيا العديد من نقاط القوة التي تستثمرها جيدا أهمها ان الغرب يعتبرها منذ فترة طويلة بمثابة الحصن المنيع ضد ما يطلقون عليه الإرهاب الإسلامي في افريقيا وبخاصة في دولة الصومال المجاور وقد حاربت اثيوبيا بالوكالة نيابة عن واشنطن في داخل الأراضي الصومالية بعد تزايد خسائر الولاياتالمتحدة البشرية في الصومال وتسعى اثيوبيا من واراء ذلك كسب ثقة الولاياتالمتحدة من ناحية أخرى عدم استقرار الصومال حتى لا تطالب بإقليم اوجادين التي تستولى عليه اثيوبيا. وهذه المكانة والنفوذ التي تتمتع بها اثيوبيا كحليف للغرب وإسرائيل ورعاية مصالحهما في منطقة تضج بالصراعات قد جعلها تجنى ثمار جهودها فحصلت على دعم خارجي غربي سياسى ومادى لا نهائي ومساند لمشروع سد النهضة وهو ما يربك حسابات الحكومة المصرية ويستبعد أيضا احتمالات استخدام الخيار العسكري ضدها خاصة وان الجيش الأثيوبي من اقوى الجيوش في القارة الافريقية بعد مصر. ورغم كل هذه الصعوبات التي تواجهها مصر فان هناك بدائل متعددة للحل امام صانع القرار في مصر فبجانب خيار التفاوض لابد من تعزير العلاقات في كافة المجالات مع اثيوبيا وتقديم تنازلات مادية في صورة مشروعات تحقق لها التنمية لمساعدتها في رفع مستوى معيشة مواطنيها ولكن بعيدا عن نهر النيل. من ناحية أخرى مصر مطالبه بدور الوساطة فى دولة الصومال لإعادة الاستقرار اليها لأهميتها قبل انهيارها بوصفها رمانة الميزان التي تحقق التوازن في المنطقة وتضعف النفوذ الأثيوبي المتنامي فى حوض النيل وعلى مصر أيضا التعاون الجاد مع دولة الكونغو في إقامة مشروع لتوليد الكهرباء من نهر الكونغو وبيعها للدول الإفريقية بأسعار منافسة بتخفيض 50% عن سعر الكهرباء التي سوف تنتجها اثيوبيا من سد النهضة، والا ننسى استثمار علاقات مصر القوية بدول الخليج خاصة المملكة العربية السعودية في الضغط على اثيوبيا في التلويح بوقف مساعدتها الاقتصادية لها في حالة سد اذانها عن المطالب العادلة لمصر في مياه النيل. لمزيد من مقالات نبيل السجينى