بعد ثلاث سنوات من الأحداث التى شهدتها البحرين فى فبراير 2011 وما ترتب على هذه الأحداث من تداعيات، والمحاولات التى لم تتوقف للخروج من نفق الأزمة، تسعى المنامة مجددا هذه الأيام إلى حوار وطنى جديد بين مختلف الأطراف والمكونات، للتوافق على رؤى وحلول ترضى جميع الأطراف، وتعيد البحرين إلى سابق عهدها بعيدا عن المنزلقات الطائفية والأعمال الارهابية. وكان ولى عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، قد بدأ بتكليف من والده الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تحركا لجمع مختلف الأطراف فى حوار تشارك فيه الحكومة ومختلف القوى السياسية، بما فيها المعارضة والمستقلين فى السلطة التشريعية، وهو حوار يتطلع البحرينيون إلى أن يسفر عن صيغ توافقية تنهى الأزمة، وتدخل بالبحرين إلى مرحلة جديدة، تنأى بها عن الصراعات التى تشهدها المنطقة، وأخطرها الصراع المذهبى والطائفى الذى تحاول بعض القوى تأجيجه. وكما يؤكد مراقبون فإن الحوار الجديد لابد أن ينطلق فى مناخ تسوده الثقة المتبادلة، وهى الثقة التى تعرضت لشرخ كبير بعد أحداث 2011، وتتطلب استعادتها تهيئة الأجواء ونبذ العنف والأعمال الارهابية، التى شهدتها البحرين خلال السنوات الثلاث الماضية، وأن يدرك الجميع أن التوافق هو أساس الحل. وقد أكدت وزيرة الدولة لشئون الاعلام فى البحرين سميرة رجب أن بلادها تمكنت خلال السنوات الثلاث الأخيرة من مقاومة محاولات تقويض أركان الحكم والدستور وهدم المؤسسات، وأفشلت مشروع اثارة الفوضي، الذى استهدفها كما استهدف البلاد العربية الأخرى، وتمكنت من الحفاظ على وحدة المجتمع رغم كل المحاولات المستمرة لتشويه تجانس المجتمع البحرينى وحقنه بالعنف الطائفي. وأعادت الوزيرة إلى الأذهان، فى مقال نشرته فى احدى الصحف مؤخرا ما حذرت منه فى عام 2004 بأن أى تغيير قادم فى أى نظام عربى سيكون لصالح أحزاب الاسلام السياسى ونشر الفوضى، وقالت أن النموذج العراقى يؤكد هذه الحقيقة وهذا ما تم التأكد منه حتى الآن فى مناطق التغيير. موضحة أن مؤشرات الترتيبات المرسومة للمنطقة ظهرت بعد احتلال العراق بالغاء أهم وزاراته السيادية الدفاع والداخلية والاعلام وبذلك تم كسر أهم مفاصل سيادة الدولة وأمن المجتمع وبث الفوضى، ثم السماح بدخول ميليشيات المجلس الأعلى للثورة الاسلامية بقيادة أبناء الحكيم إلى العراق قادمين من إيران. وفى إطار التأكيد على الوحدة المجتمعية ورفض الطائفية فقد صدر فى المنامة قبل أيام حكم هام بحل ما يسمى «المجلس العلمائي» وهو مجلس يضم علماء المذهب الشيعى وحدهم فى البحرين، بعد أن أعلنت وزارة العدل أنه كيان غير قانونى وبلا ترخيص خاصة وأن هناك المجلس الأعلى للشئون الاسلامية الذى يضم علماء الطائفتين الشيعية والسنية. وقد أثار هذا الحكم غضب البعض وكان لافتا دخول إيران على خط الاعتراض عليه بل وانتقادها له على لسان المتحدثة باسم الخارجية الايرانية مرضية أفخم، وفى المقابل وصفت وزارة العدل البحرينية ردود الفعل على الحكم بأنها اثارة مفتعلة واستمرار للإثارة الممنهجة للمشاعر الدينية لصرف النظر عن موضوع المخالفة الذى يتمثل فى تأسيس تنظيم سياسى طائفى خارج مظلة القانون.