يبقي مشهد الريس حنفي وزوجته مدام حنفي في فيلم بن حميدو راسخا في الأذهان ونموذجا معبرا عن خضوع الرجل لزوجته وادعائه البطولة وإذعانه لرأيها في كل مرة تنزل المرة دي.. هذا المشهد يلخص صراع السيطرة داخل البيت بين الرجل والمرأة ومين اللي كلمته تمشي, ظاهريا لا يبدو نموذج الريس حنفي وأم حميدة شائعا, لكن داخل البيت قد يختلف الأمر. . بالطبع ينال الرجل الذي يقيم اعتبارا لرأي زوجته الكثير من اللوم والسخرية, حتي أن بعض الأزواج قد يعاندون زوجاتهم فقط من باب أن كلمة الست عيب تمشي.. حتي لو كانت الزوجة وهبها الله عقلا رشيدا وحكمة لا يتمتع هو بها.. لكن الراجل راجل والست ست وعيب كلمة الست تمشي. بعيدا عن الخناق والشكل الاجتماعي والتريقة الذكورية المتوارثة.. يظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بصيرة لبحوث الرأي أن اثنتين من كل خمس نساء في مصر لهن الحق الكامل في اتخاذ القرار داخل أسرهن. بما يعني أن هناك ثلاث نساء مغلوبات علي أمرهن لا حول لهن ولا قوة بيسمعوا الكلام وبس. في بعض الأسر يتحول الصراع علي السلطة أو السيطرة إلي مرحلة يانا يا انت وهي المرحلة الخطرة فعلا.. ليست القضية في رغبة المرأة في السيطرة كما تقول الكاتبة رشا سمير مؤلفة كتاب يعني راجل, فهناك كثير من السيدات يجدن أنفسهن مضطرات لاتخاذ القرارات والرجل لا يتدخل علي الإطلاق, فهو يلقي بالمسئولية كاملة علي المرأة, يتخلي ويتقاعس عن أداء واجباته, تعتاد المرأة علي اتخاذ معظم القرارات, هي تمسك بكل الخيوط في إدراة البيت وهو يكتفي بموقف المتفرج, عندما يحدث خلاف عادة ما يكون رأي المرأة صائبا.. لكن المشكلة أن كثير من الرجال يرفضون رأي للمرأة من باب العناد فقط حتي لو كان صائبا. الأهم من كل ذلك أن يدرك الطرفان أنهما كيان واحد والكلمة اللي لازم تمشي هي الكلمة الصح التي تصب في مصلحة الأسرة, ليس عيبا أن يستمع الرجل لرأي زوجته وليس بالضروة أن يكون مرفوع عليه الشبشب بل قد يكون رجلا عاقلا يقيم اعتبارا لرأي زوجته.. عادة ما يرجع المتخصصون أسباب تقلد الزوجة مقعد القيادة داخل الأسرة إلي غياب الزوج المستمر مما يجعل دفة الحياة في يدها. ويقول د.عادل مدني أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر أن معركة الصراع علي السلطة داخل الأسرة معركة خاسرة لجميع الأطراف.. الزوج والزوجة والأبناء.. والزواج المثالي هو الذي يحتفظ كل طرف فيه بشخصيته ويتقبل شخصية الآخر ولا يسعي للسيطرة عليها أو تغييرها, والأخطر هو التقليل من شأن الطرف الآخر والتسفيه من آرائه وخاصة أمام الأبناء. الواقع كما يراه د.مدني أن أغلب البيوت لا تعترف بفكرة المشاركة في اتخاذ القرار سواء بين الزوج والزوجة أو بين الأبناء, وعدد كبير من الرجال يقبلون أن يلقوا بالمسئولية كاملة علي المرأة بشرط أن تحفظ لهم ما يعتقدون أنه مناسب للشكل الاجتماعي, بعض الزوجات يجدن هذا نوع من السياسة, فهي صاحبة القرار الحقيقي ولكن أمام الناس يبدو القرار قرار الزوج, أخريات لا يقبلن فكرة المسايسة وهي تتحول إلي امراة متسلطة خاصة إذا كانت شخصية الزوج ضعيفة أو أن شخصيتها أقوي منه. ليس من المفروض كما يقول د.المدني أن يكون هناك صراعا علي السلطة فالعلاقات والأدوار لابد أن تكون محددة وواضحة دون التقليل من الآخر, وليس من الطبيعي أن تتحول الحياة الزوجية لي حلبة مصارعة ومبارزة بالسيوف للحصول علي السيادة.. فالاستماع لرأي المرأة لا يقلل من قيمة الرجل والعكس صحيح, ولابد أن يتحلي الطرفين بالمرونة اللازمة لإدراة حياتهما بعيدا عن الصراعات. وقد يظن بعض الأزواج أن النساء لديهن ميلا طبيعيا نحو السيطرة وأنه أن لم يدبح لها القطة فالنتيجة ستكون سيطرتها الكاملة وأن شورة المرة تجيب ورا كما يقول المثل الشعبي لكن دراسة نفسية بجامعة ستراتفورد الأميريكية أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن الزوجة التي تأخذ دور الذكر في الأسرة لا تكون سعيدة لأنها تشعر بعد فترة أنها فقدت شيئا من فطرتها وطبيعتها تحتاج إلي حماية الرجل, وبالتالي إلي الشعور بقوة شخصيته, فهي قد تستطيع أن تأخذ مكانه لكنها لا تستطيع أن تمنح نفسها هذه المشاعر, فالسلطة يمكن اغتصابها لكن المشاعر فلا.