قضية الأمن من القضايا الهامة منذ بعثة النبي محمد.. صلي الله عليه وسلم.. وقد اعتني بها القرآن الكريم والنبي محمد.. صلي الله عليه وسلم. . و الراسخون في العلم منذ البعثة إلي يومنا هذا إلي يوم القيامة والبشرية اليوم في احتياج كبير لمعرفة مفهوم الأمن في الاسلام وخاصة المصريين الذين يسيطر القلق علي أمنهم وحريتهم وأرزاقهم اليوم.. لأن الشيء الذي به قلب الانسان ويرتاح ويطمئن ويسعد به في هذه الدنيا هو الأمن.. ومما يثير الانتباه والتأمل أن هذا اللفظ( أي الأمن) لم يرد في كتاب الله إلا في خمسة مواضع.. ثلاثة منها ورد معرفا في الصورة المطلقة وذلك في قوله تعالي:(وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم).. النساء38 وقوله تعالي.. فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون.. الأنعام28/18 وأتي مرتين منكرا منها قوله تعالي..( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا).. النور55 وورد علي غير الصورة الإسمية أضعاف ذلك بصيغة الماضي أو المضارع أو المشتق.. الأمن نعمة من نعم الله علينا فالناس جميعا ينعمون بنعمة الأمن التي لا تتجزأ.. فالأمن بجميع أنواعه كل لا يتجزأ.. و لذلك ربنا سبحانه وتعالي قال..( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).. قريش3/..4 ففرق بين الأمن الغذائي والأمن الوطني المجتمعي علي أرزاقهم وأعراضهم وحريتهم.. أراد أن يطمئن قلوبهم.. فقال تعالي( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم).. الفتح42 المدار علي هذه السكينة وعلي هذه الطمأنينة التي تأتي في حقيقتها يعد نوعا من القلق والاضطراب وتأتي بعد قدر من الخوف.. وهذا الخوف عبر عنه بالخوف نفسه.. وعبر عنه بالبأس.. وعبر عنه بالفزع( وهم من فزع يومئذ آمنون).. النمل98 وعبر عنه بألفاظ أخري غير هذه الألفاظ.. لكن مؤداها جميعا هي أنها تحدث لدي الانسان ضربا من الخوف.. فإذا جاء الأمن أزال ذلك الخوف.. هذا نستطيع أن نقول.. إن الأمن حالة قلبية تجعل المتصف بها في الدنيا يطمئن ويرتاح ويسعد ويهنأ بالحياة.. وفي الآخرة تحصل السعادة الأبدية. ومن دعاء سيدنا إبراهيم..( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا).. البقرة621 فاستجاب له ربه وذكرهم بهذه النعمة في قوله تعالي..( أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا) العنكبوت76 وقال تعالي( ومن دخله كان آمنا).. آل عمران79 الأمن ثمرة من ثمرات الايمان العلاقة واضحة جلية بين الايمان والأمن.. تشير الآية الواردة في سورة النحل رقم211 إلي هذا المعني قال تعالي( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون). حين اختفي الايمان والعمل الصالح والشكر لله حل مكان ذلك الخوف علي كل شيء لأن الأمن يستمر بشكر النعمة وينقطع بكفران النعمة ومنه قوله تعالي( ولكن الله حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان).. الحجرات7 فهذه الأنواع الثلاثة كلها كفران لأنعم الله علي رتب متفاوتة وقوله تعالي( أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبي إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون) القصص75 فمع وجود الأمن في قلوب الأفراد وفي المجتمع تأتي خيرات ويقع ازدهار اقتصادي وتقع حركة نشيطة في التجارة. مقاصد الأمن ومن المقاصد التي جاء الاسلام بها.. ويجب أن يتعلمها كل مسلم ومسلمة هي نعمة الأمن وما غاب الأمن إلا أدي إلي تفشي الهوي والجهل وكثرة الشبهات وعدم الفهم الجيد والصحيح لمقاصد الشريعة واستنباط الأحكام حتي وإن كان متعلما. وتسبب ذلك في ظهور الفتن والهرج والقتل دون مراعاة لهذه المقاصد.. ومن أجل ذلك فكل عمل تخريبي يستهدف الآمنين يعتبر مخالفة شرعية والتي جاءت بعصمة الدماء سواء المسلم أو المعاهد أو أهل الذمة. فأهمية الأمن المجتمعي قد تجاوزت الحقوق لتجعله فريضة إلهية وواجبا شرعيا وضرورة من ضرورات استقامة العمران الانساني وإقامة مقومات الحياة الأساسية لاقامة الدين.. فيترتب علي صلاح الدنيا بالأمن.. صلاح الدين وليس العكس كما يدعي الكثيرون. لمزيد من مقالات الشيخ عبد العزيز النجار