في إطار اليوم الوطني للبيئة الذي تحتفل مصر به يوم27 يناير من كل عام, نظمت وزارة البيئة أمس الأول- بالتعاون مع المجلس المصري للتنمية المستدامة- مؤتمرا موسعا بعنوان: نحو رؤية للتنمية الخضراء في مصر, وذلك تحت رعاية الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء, وحضور د. ليلي اسكندر وزيرة البيئة, ود. عماد الدين عدلي رئيس المنتدي, ووزراء التخطيط والموارد المائية والري والإسكان والمرافق والقوي العاملة بالإضافة إلي ممثلي منظمات المجتمع المدني والهيئات الدولية والجهات المانحة, ونخبة من العلماء وخبراء العمل البيئي بمصر, ممن حاولوا رسم خريطة شاملة للتنمية الخضراء في شتي المجالات بمصر, وتقديمها من خلال المؤتمر إلي صناع القرار. وأكدت د. ليلي اسكندر أن هذا المؤتمر يستدعي أهميته من الظروف التاريخية التي تمر بها, في ظل إعادة بناء الدولة, وتفعيلا لما يتضمنه دستور2014 من مواد ترسخ للتنمية المستدامة في مصر, وإدماج معاييرها في مناحي الحياة كافة, ضمانا لتحقيق عدالة اجتماعية بين ابناء هذا الوطن. وأشارت إلي أن الملتقي يسعي إلي التخطيط نحو الانطلاق إلي تنمية خضراء في المجالات كافة, ومنها الطاقة والصناعة والزراعة والسياحة والاقتصاد وغيرها, وهي التنمية التي تواكب الاتجاهات العالمية, وتعيد مصر إلي مكانها الطبيعي. لفائدة صانع القرار من جهته, أوضح الدكتور عماد الدين عدلي رئيس المجلس المصري للتنمية المستدامة الدور الذي سعي إليه المجلس منذ البداية, وهو حفز كل الأطراف الفاعلة في التنمية لوضع رؤية شاملة حول التنمية المستدامة, ومستقبلها والتحديات التي تواجهها, لوضع تقرير يستفيد به متخذ القرار ومؤسسات الدولة كافة في إدارة عملية التنمية, وتحقيق استدامتها. وأشار إلي أن المجلس حقق منذ تأسيسه إنجازات عدة أهمها تفعيل دور المجتمع المدني في التخطيط لمستقبل التنمية, والاستفادة من الجهد العلمي لمراكز البحوث العلمية لتحقيق هذا المطلب. علي صعيد المؤتمر, شهد مناقشة قضايا رئيسة مهمة من خلال محاور عدة منها: الطاقة كركيزة للتنمية المستدامة في مصر, بتبني استراتيجية واضحة في استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة كرؤية للمستقبل تتضمن تحسين كفاءة الطاقة وترشيد استهلاكها. كما ناقش المؤتمر محور الصناعة الخضراء, ومفهومها, وما ينتج عنها من زيادة الإنتاج بما لا يخل بالنظم الطبيعية, ويحد من الاحتباس الحراري, ويحمي البيئة..إلي جانب مناقشة محور الموارد المائية والحفاظ علي نهر النيل, ومحور البناء الأخضر والرؤية المستقبلية نحو بناء مشروعات عمرانية تعتمد علي العمارة الخضراء بالإضافة الي محور تنمية السياحة البيئية, والحفاظ علي التنوع البيولوجي الذي تذخر به مصر. الاقتصاد الأخضر مناقشات المؤتمر تضمنت أيضا موضوعات التحول إلي الاقتصاد الأخضر من خلال خفض الضغوط علي البيئة, وتقليل أحمال التلوث, والحد من استهلاك الموارد, والتنمية الزراعية والاستفادة من طاقة الكتلة الحيوية, وإدراجها ضمن مصادر الطاقة المتاحة في مصر, ووضع الآليات التي تشجع علي الاستثمار في مشروعات جمع ونقل وتدوير المخلفات الزراعية. وقدمت د. أنهار حجازي- رئيس وحدة ترشيد الطاقة بمركز دعم واتخاذ القرار- تقريرا حول احتياجات الطاقة من أجل التنمية المستدامة أشارت فيه إلي بدء ظهور فجوة متزايدة بين الموارد الأولية المتوافرة للاستهلاك المحلي وظهور الحاجة إلي استيراد العديد من المشتقات البترولية والبوتاجاز التي تمثل عبئا ضخما علي موازنة الدولة. وقالت إنه من المتوقع أن تتراوح الفجوة بين24% و35% من حجم الطلب علي الطاقة الأولية بين عامي2022 و2030, وهو ما يمكن ألا تتوافر إمكانات تدبيره من الأسواق العالمية أو تمويله من المصادر المحلية. ولضمان توفير موارد الطاقة وتأمين إمداداتها اللازمة لتحقيق نمو اقتصادي يتناسب وأهداف خطة التنمية الطموح لمصر, تري د. أنهار أن الأمر يستلزم التوجه الفوري لتضمين استراتيجيات وخطط قطاع الطاقة إجراءات عدة من بينها: تحسين كفاءة الطاقة, وترشيد استهلاكها, مع تنويع مصادر الطاقة, وضرورة تبني استراتيجية وطنية للطاقة المتجددة لإنتاج10% من الطاقة النهائية الإجمالية في العام2010 بحلول عام/2022, ترتفع إلي20% في العام.2027 من جهته, تحدث الدكتور مغاوري شحاتة خبير المياه حول المخاطر التي تهدد مصر من جراء شح المياه, وأبرزها زيادة الطلب علي المياه, والسدود الستة التي أنشأتها أثيوبيا علي هضبة الحبشة بعد أن حصلت علي تراخيصها عام2005, وكان مقدرا لها أن تحتجز74 مليار متر مكعب من المياه, إلا إن سد النهضة, وحده سيحتجز هذه الكمية. وانتقد الدكتور مغاوري بشدة الحلول غير العلمية التي يقدمها غير المتخصصين في قضايا المياه, واعتبرها حلولا عقيمة منها تحويل نهر الكونجو إلي مسار النيل. وطالب بضرورة عقد مؤتمر قومي عاجل ليناقش تحديات نقص المياه في مصر بهدف الوصول إلي حلول علمية, ووضع خطط عاجلة لمواجهة هذا التهديد. نسيج عمراني وحول الإسكان والتنمية المستدامة, تحدث المهندس شريف عبد الرحيم مدير إدارة التكنولوجيا وبحوث تغيرات المناخ بجهاز شئون البيئة, مؤكدا ضرورة وضع التخطيط العمراني الذي يحقق للمباني أحسن استغلال الظروف المناخية للموقع وصولا إلي نسيج عمراني واع بالطاقة من خلال التصميم مع مراعاة توجيه المباني للاستفادة من أشعة الشمس في الشتاء, والحد منها في الصيف والتهوية الطبيعية ومراعاة طبوغرافية الموقع عند توزيع الكتلة العمرانية وغير ذلك من مبادئ العمارة الخضراء. ودعا المهندس شريف عبد الرحيم إلي الالتزام بعمل دراسات تقويم الأثر البيئي في المراحل الاولية لأي مشروع عمراني, وطرح جميع المتغيرات التي يمكن ان تحدث بسبب المشروع في ظروف الأوضاع البيئية الراهنة مع التمييز بين الآثار السلبية والأخري الإيجابية والآثار المباشرة وغير المباشرة وكذلك الآثار القصيرة والبعيدة المدي, والعمل علي تحقيق الارتباط الوثيق مع مبادئ العمارة الخضراء من حيث اختيار الموقع وترشيد استخدام المياه وكفاءة استهلاك الطاقة والمواد المستخدمة مع جودة البيئة الداخلية والتحفيز علي الابتكار في التصميم. شملت محاور المؤتمر أيضا مجالات التنمية المستدامة في مجالات السياحة البيئية والحفاظ علي التنوع البيولوجي والصناعة والزراعة.. وتحدث خبراء بينهم: د.مصطفي فودة, ود. سمير موافي, ود. حسين أباظة. وحفلت المناقشات بآراء تعكس رؤية هؤلاء الخبراء حول كيفية خروج مصر من مأزقها الاقتصادي الراهن نحو آفاق التنمية الرحبة.