أعتقد أن كل مصري يشعر بالخوف علي مستقبل الأيام في وطننا, فمصر الآن يحدث فيها الشييء ونقيضه,فبعد أن فرحنا بثورة25 يناير وأنها خلصتنا من كابوس الفساد إذا بنا نسمع من يقول أنها مؤامرة وتخرج التسريبات الهايفة لبعض من شاركوا بها بهدف القضاء علي فكرة الثورة بالأساس وليس النيل من هؤلاء الشباب فقط, وتزداد سيئاتنا بسيئة رفض المناقشة ومحاولة كل فرد فرض رأيه وانه هو الصواب, وسأحاول أن أدلي برأيي فيما يحدث قد لا يعجب الكثيرون ولكن لماذا لا نفكر فيما هو أبعد مما نعتقد. من أكثر ما يقلق هذا التصاعد للعنف وانتشاره الجغرافي, وبدلا من المواجهة السليمة لما يحدث نجد المسئولين يخرجون بتصريحات نارية عن الويل والثبور للإرهابيين وان الخطط قد وضعت لحماية المصريين الذين هم في العين والقلب, ثم نجد في الواقع أن العنف أو الإرهاب يتصاعد, ونحيا في ظل( لا أقول سياسات) بل تصرفات غير مفهومة, فبعد طلب وزير الدفاع تفويضا لمواجهة الإرهاب ولكن مع تزايد وانتشار هذا الإرهاب يخرج الإعلاميون ليطالبوا الشعب بالنزول لتفويض السيسي الذي فوضناه من قبل لنفس الهدف ثم يخرج البعض هاتفا إنزل يا سيسي وكأن السيسي ليس وزيرا للدفاع ومسئولا عن الأمن وكأن قواته ليست في كل شارع, وأيضا يصرح وزير الداخلية أن الخطط التأمينية قد وضعت ويتحدي الإرهابيين بأن الجدع يقترب من مقرات الداخلية التي زودت بالأسلحة الثقيلة, وبعد ساعات يفجرون له مديرية أمن القاهرة ومعها عدة قنابل في عدد من الأقسام والأماكن, فلماذا لا نواجه الحقيقة بان هناك خللا بدلا من التصريحات من عينة أن وزارة الداخلية قد نجحت في تأمين الكنائس ومقرات الاستفتاء وكأنها تعمل في أيام وترتاح في أيام آخري. من الخطأ الاعتقاد بأن ما يحدث هو رقصة الذبيح للجماعة الإرهابية وان علي الشعب أن يتقبل استمرار الإرهاب لفترة قبل القضاء عليه, فالمشاهد أن الإرهاب ينتشر جغرافيا ويتطور في وسائله, فبعد أن كانوا يهددون الشعب بأن الإرهاب في سيناء إذا بنا نجده يصل إلي مدن القناة ثم إلي القاهرة فالصعيد, وأيضا تطورت أدواته والخوف أن تتطور القنابل البدائية التي يزرعونها إلي ما هو أكثر تقدما مع استمرار الصراع, والخوف أيضا أن يجد هذا الإرهاب حاضنات شعبية له. أما القول بأنه لم يحدث أن انتصر تنظيم علي الدولة فقول صواب في ظاهره فقط, ولكن الدولة ستتحول إلي دولة فاشلة حيث تتزايد النفقات الحربية وتختفي الخدمات ويتزايد الفقراء وتشيع الفوضي واستقواء العصابات وهو ما بدأنا نراه في عصابات الخطف وطلب الفدية ويضطر أهالي المخطوفين للدفع في غياب تام للقانون والشرطة, بل قد يصل الأمر إلي التهديد بالتدخل الأجنبي, فهل هذا ما تريدون وتطالبون الشعب بالنزول للرقص في الشوارع, بينما القتلي يتزايدون وكلهم من الفقراء فهم وقود هذا الصراع ؟ من مظاهر تصاعد العنف أن المواجهات لم تعد في الميادين فقط, بل أخذت في الانتشار داخل الشوارع الجانبية, فمن كان يتخيل أننا سنري المدرعات والدبابات تخترق الشوارع الجانبية لحي مدينة نصر مثلا وتطلق القذائف علي المتظاهرين وينتشر الدخان داخل البيوت, ومع تزايد عدد القتلي والمصابين يتزايد من يتحولون من معسكر السلطة والاستقرار إلي معسكر القتلي والمصابين, وهو نفس ما يحدث في الجامعات, حيث ينضم طلاب غير مهتمين بالسياسة عندما يسقط زملاء لهم برصاص الشرطة, ولقد شعرت بالحزن عندما قرأت لأحد طلابي يصف جيله بأنه جيل حضر جنازات أصحابه أكثر ما حضر أفراحهم, وآخر يكتب الدفعة الجديدة من الشهداء تستعد, هل يمكن أن يستمر ذلك, إننا نقضي علي الأمل في الحياة فمن المستفيد من ذلك؟ هل سيستمر الإعلام في الحديث عن الطابور الخامس والمناداة بسحق وقتل الإخوان المسلمين بينما من في الشوارع يتزايد عدد من هم من غير هؤلاء الإخوان, ألا يدركون أنهم يضخمون من هذه الجماعة الفاشلة, ومع تزايد المواجهات والعنف ستتواري المظاهرات السلمية وربما تظهر المظاهرات المسلحة, ثم تتحول إلي حرب شوارع, وهذه ليست نبوءة, لكنها قراءة مأخوذة من التجارب السابقة علي امتداد العالم, فلماذا يعتقد البعض أننا بدعا مختلفا عن غيرنا. أخيرا نسأل متي نجحت المواجهة الأمنية في القضاء علي مشكلة سياسية, أما من يطالبون ببرنامج اقتصادي وعدالة اجتماعية وحياة ديمقراطية لعزل الإرهابيين, فأقول لهم إنكم واهمون فإن تحقيق ذلك سيقضي علي الإرهاب فعلا, لكنه سيقضي أيضا علي آخرين. لمزيد من مقالات د. محمد صفوت قابل