كسرت حاجز الخوف.. عمقت الانتماء والوعي السياسي.. أعادت المصريين لأحضان الوطن.. فتحت أبواب الأمل للشباب.. أسقطت نظرية الحاكم المستبد.. ارتقت بمكانة المرأة ووحدت الشعب خلف مطالبه. سبحان مغير الأحوال!!.. فقد تبدلت الشخصية المصرية بعد ثورة25 يناير.. كان المواطن سلبيا, فصار إيجابيا.. كان محاصرا بالخوف, فصار حرا طليقا يعبر عن رأيه في أي مكان وفي أي وقت.. فشعب- يناير- قد عرف طريق المظاهرات, والاحتجاجات, والتعبير السلمي عن الرأي بصورة أبهرت العالم بعظمتة وثورته علي الظلم, والاستبداد, والفساد. قبل يناير ظل الشعب يئن طوال سنوات من حكم مبارك- تحت الظلم الاجتماعي, وشظف العيش, محاصرا بالمتاعب, محروما من الحرية, فاقدا للكرامة الإنسانية, حقوقه مهدره, وكرامته منتهكه.. وبعد الثورة تبدلت الأحوال, تغيرت الشخصية المصرية, لم يعد المواطن يقبل التنازل عن حقوقه, ولاعن كرامته, وصار يصرخ بأعلي صوت: عيش حرية عدالة اجتماعية, وكرامة إنسانية.. بل صار أكثر وعيا بقضايا وطنه.. وأكثر حبا لها, وأشد خوفا عليها, وأكثر انتماءا لها,وأعمق وعيا بالسياسة وقضاياها, يملؤه الأمل في مستقبل, يعيش فيه بحرية, وبكرامه, حالما بغد افضل لوطنه ومجتمعه, وأسرته, والأجيال القادمة من بعده! أبواب الأمل مفتوحة ومع أن ثورة25 يناير لم تحقق أهدافها- كما يقول الناشط السياسي الدكتور ممدوح حمزه- حتي لم تتمكن من التطهير, ولا القضاء علي الفساد, ولم تنجح في استرداد الأراضي المنهوبة, ولم تتمكن في تحقيق الكرامة الإنسانية بصورتها الكاملة, ولم تنجز العدالة الاجتماعية, ولم تحاكم الذين ظلموا الشعب, ونهبوا حقوقه, واستولوا علي ثرواته, ولم تتمكن من إعادة القطاع العام, ولم تتمكن من القصاص لشهداء الثورة, ولم تحصل علي حقوق مصابيها, ولم تقدم من ارتكبوا المذابح بحقهم للمحاكمات الثورية, لكنها وبلا خلاف أو تردد- ثورة شعب, خرج من أجل مستقبل أفضل, ومن أجل الحصول علي حقوقه, لكنها أوجدت شعبا جديدا, ليس هو الشعب الذي كان يعيش أيام مبارك, شعب قوي وجرئ, واعيا بحقوقه, رافضا للممارسات الديكتاتورية, كما أن الثورة حركت نصف الشعب وهم نساء وفتيات مصر, وأعطت الفرصة للشباب, وفتحت أبواب الأمل أمام جموع الشعب المصري. هدم الماضي وبناء المستقبل يتفق معه نبيل زكي عضو المكتب السياسي لحزب التجمع في أن ثورة يناير لم تحقق أهدافها بسبب اختطافها وسرقتها علي يد جماعة الإخوان, التي انشغلت بزواج القاصرات, والختان, وعمل المرأة, وتحريم تهنئة الأقباط في أعيادهم, وانشغال شباب الثورة في تنظيم المليونيات, والمظاهرات, والقضايا الفرعية, وثانوية,بينما لم ينظموا مليونية واحدة عن الدستور, ولم تتم مناقشة قضية واحده لها علاقة بمستقبل هذا الوطن, فيما انطوت المرحلة الانتقالية علي فشل كبير بسبب الانصياع لرغبات جماعة الإخوان الإرهابية. سلميتها سر عظمتها ومع كل ذلك, وبالرغم مما وقعنا فيه من سلبيات بعد ثورة يناير, وطوال المرحلة الانتقالية, إلا أن ثورة عظيمة, ومبهرة, وملهمة للشعوب الراغبة في مواجهة استبداد الحكم, والطامحة إلي مستقبل أفضل لها ولأبنائها, وللأجيال المتعاقبة, واسقطت نظاما كان قد تجمد, وفسد, وابتعد عن الشعب, فخرج المصريون في يناير يبهرون العالم بسلميتهم, التي أسقطت نظاما كان يتمتع بقبضة حديدية علي كل مؤسسات الدولة, أعطوا للجميع دروسا في صناعة تاريخ الشعوب, وأكسبت الشعب درجة عالية من الوعي السياسي, جعلته قادرا علي فرض إرادته, مصرا علي أن يكون شريكا في صنع القرارات ورقيبا علي تنفيذها. أما الأمر المهم أيضا في تقديري- والكلام مازال ل نبيل زكي-, فيتعلق بأن ثورة25 يناير كانت مقدمة لثورة30 يونيو, ولولاها لما كانت30 يونيو. تحطيم جدار الخوف ومن إيجابيات ثورة يناير- والكلام هنا للدكتور طارق زيدان رئيس حزب الثورة المصرية- أنها كسرت حاجز الخوف لدي الشعب, ودفعت كل مواطن للمطالبة بحقوقه, كما زرعت الأمل في نفوس كانت قد ماتت بسبب الاستبداد, والظلم الاجتماعي, وخلقت حالة كبيرة من الوعي والانتماء, والرغبة في المشاركة, وفوق هذا وذاك كشفت سلبيات جماعة الإخوان, وقضت علي أي تيار يريد استخدام الدين في السياسة, وجعلت لصوت الشعب وإرادته قيمة, وتأثيرا لا يستطيع أي نظام أن يتجاهله, وكرست لمبدأ أن رأي الشعب هو الأساس, وان صوته الانتخابي له قيمته وتأثيره, ومن ثم, لن يناله أي مرشح لا يستحق, وسيكون ولاء الناخب أولا وأخيرا للشعب لا للنظام الحاكم. العودة إلي حضن الوطن بينما يؤكد جورج اسحق الناشط السياسي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أن ثورة يناير العظيمة تتعرض لهجوم شرس من أرامل وثكالي نظام مبارك, وبالرغم من ذلك فلا أحد ينكر أنها أعادت المصريين إلي حضن الوطن, وزادتهم وعيا وثقافة بقضايا بلدهم, وأقول لكل المستبدين وكل من يريدون إعادة الشعب المصري إلي المربع صفر أنهم لن يستطيعوا, وأن مطالب الشعب في العيش والحرية والكرامة الإنسانية لابد أن تتحقق, وأن العدالة الاجتماعية لا يمكن حصرها فقط في الحد الأدني للأجور, لكنها تتسع لتشمل الحياة الكريمة, وفرص العمل المناسبة, في دولة منتجة, وأن الشعب المصري قد تغيربعد ثورة25 يناير, ومن بعدها فهو يثور الآن لكرامته, ويعرف حقوقه, ولن يتنازل عنها,. درس في التاريخ والوطنية ثورة يناير بدأت بحلم, وانتفاضة كبري للشعب المصري, بعد أن تصاعدت المطالب اعتبارا من عام2009 وحتي عام2011, حيث شهدت البلاد نحو3 آلاف احتجاج اجتماعي وسياسي, شارك فيه العمال, وأساتذة الجامعات, والأطباء, والقوي السياسية, والمعلمين, للمطالبة بتحسين المرتبات, ومواجهة الاستبداد والتبعية للأمريكان, ورفض التعذيب, وكبت الحريات, وانتهاك الحرمات, والتزوير الفضح للانتخابات البرلمانية في عام2010, ثم جاءت ثورة يناير للتحول هذه المطالب إلي شعارات جامعة ترفعها جميع القوي, وقطاعات الشعب المختلفة, من أجل العيش والحرية, والعدالة الاجتماعية, والكرامة الإنسانية, بصورة سلمية ابهرت العالم, فأسقطت الثورة نظام مبارك, ليفاجأ الشعب بجماعة الإخوان الإرهابية تقفز علي السلطة دون تحقيق أهداف الثورة ومطالبها, كما ارتفعت حالة الوعي السياسي بدرجة جعلته يكتشف أن جماعة الإخوان ما هي إلا صورة مكررة من نظام مبارك الذي جعلوه في ثورة يناير, ويحدونا الأمل في أن ينال هذا الشعب الذي ضحي بدمائه من اجل ثورته, أن تتحقق مطالبه, مع دستور يحمل معظم مالب الثورة وأهدافها. ولو لم تحقق ثورة ينايرمن أهدافها بسبب فشل نظام الإخوان-, فيكفيها أن ثورة30 ينونيو امتداد لها, وأنها أعادت ثقة الشعب بنفسه, وزرعت الأمل في نفوس المواطنين, وأحدثت نقلة نوعية في الوعي السياسي, والانتماء, وحب الوطن, وإسقاط حاجز الخوف, واعطت دروسا في التاريخ والوطنية المصرية, وغيرت مفهوم الديمقراطية, ودفعت الشعب للتوحد, وقضت علي السلبية,, والتي تجلت مظاهرها في كيانات عديدة ظهرت بعد ثورة يناير كاتحاد الفلاحين, والتفاف النقابات حول مطالب أعضائها, والوعي بقيمة العمل الجماعي, الذي يمثل صمام أمان في مواجهة الاستبداد, والظلم, والديكتاتورية.