وسط مخاوف من الفشل في ضوء التباين الشديد بين مواقف الأطراف الرئيسية للأزمة السورية, خاصة فيما يتعلق بموقع الرئيس بشار الأسد, انطلق أمس موتمر جنيف2 بمشاركة وفد الائتلاف الوطني لقوي الثورة والمعارضة برئاسة أحمد الجربا ووفدالحكومة برئاسة وليد المعلم وزير الخارجية, الي جانب وفود تمثل40 دولة ومنظمة دولية واقليمية. وأكد نبيل فهمي وزير الخارجية في كلمة مصر أمام المؤتمر أنه يتعين انتهاز هذه الفرصة التاريخية لبدء عملية لإرساء السلام في سوريا من خلال التوصل لحل سياسي, بمشاركة الفرقاء السوريين, في استحقاق سعت الدول المشاركة بالاجتماع لعقده علي مدي عشرة شهور كاملة. كما طالب ممثلو الحكومة السورية أن يخلصوا النوايا, ويعملوا بكل جدية علي التوصل إلي حل يقي الشعب السوري من استمرار المأساة التي يعيشها, موضحا أن التقدم ممكن من خلال عملية التفاوض التي سيطلقها هذا المؤتمر علي أساس ما تم الاتفاق عليه في إعلان مؤتمر جنيف1 وأن مصر من جانبها تعمل وستعمل علي توفير الدعم اللازم لعملية التفاوض المقبلة تعزيزا لفرص نجاحها. وأضاف فهمي اننا لا يمكننا تجاهل الهوة الكبيرة بين مواقف طرفي النزاع, وهي الهوة التي قد تتسبب في افشال المفاوضات او انهيارها, لذا فانه من الضروري تبني موقف واضح يدعو إلي أن يتوازي مع عملية التفاوض علي مستقبل سوريا عبر تشكيل هيئة حكومية انتقالية, تطبيق عدد من إجراءات بناء الثقة المتبادلة بين الحكومة والمعارضة. وفي الوقت الذي استبق فيه الائتلاف المعارض المؤتمر بتشديده علي المطالبة بتنحية الرئيس بشار الأسد والذي وصفه الأمين العام للائتلاف بدر جاموس بالمجرم, وتأكيد جون كيري وزير الخارجية الأمريكي علي أن الأسد لن يكون جزءا من المرحلة الانتقالية, اتهم المعلم المعارضة بأنها خائنة للشعب السوري مؤكدا أن موضوع الأسد خط أحمر, الا أن بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة بدا علي قدر من التفاؤل في الكلمة التي افتتح بها أعمال المؤتمر أمس, حيث أعرب عن أمله في أن يسهم المؤتمر في التوصل إلي حل للأزمة السورية وتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب السوري, من خلال إرادة سياسية للأطراف المعنية( الحكومة والمعارضة). واعتبر كي مون المؤتمر يوفر فرصة حقيقية, وإن لم تكن بنسبة مائة في المائة, لإحلال السلام, وقال إن المجتمع الدولي والمعارضة السورية والنظام, بالإضافة إلي الدول التي تأثرت بتلك الأزمة يتطلعون للتوصل إلي حل من خلال هذا المؤتمر من أجل إنقاذ الأرواح السورية. وفي كلمته أمام المؤتمر, أكد جون كيري وزير الخارجية الأمريكي أنه لايوجد مكان للرئيس السوري بشار الأسد في الحكومة الانتقالية لأنه فقد شرعية القيادة وقال نري خيارا واحدا فقط.. التفاوض علي حكومة انتقالية تشكل بتوافق متبادل وهذا يعني أن بشار الأسد لن يكون جزءا من هذه الحكومة الانتقالية. وجاء الرد قويا من جانب وزير الخارجية السوري وليد المعلم, الذي قال في كلمته إن من يريد التحدث باسم الشعب السوري يجب ألا يكون خائنا للشعب وعميلا لاعدائه, وأضاف موجها حديثه للمعارضة ماذا فعلتم يا من تدعون انكم تتحدثون باسم الشعب السوري؟ أين أفكاركم وبرنامجكم عدا المجموعات الارهابية المسلحة؟ ثم قال أنا علي يقين أنكم لا تملكون أي شيء وهذا جلي للقاصي والداني. وفيما اعتبر ردا علي طروحات المعلم أكد أحمد الجربا رئيس الائتلاف المعارض أن النظام السوري هو من أجبر الشعب علي حمل السلاح للدفاع عن نفسه ضد المجازر التي ترتكب بحقه وقال في كلمته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر جنيف2 إن الثورة السورية خرجت للتغيير تحت عناوين وطنية إلا أن نظام بشار الأسد قمعها وقتل الأطفال والنساء والشيوخ من أجل الحفاظ علي حكمه. وأكد الجربا أن النظام السوري يمنع الجيش الحر من محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش من خلال قصفه للجيش الحر بالبراميل المتفجرة, وجدد الحربا موافقة الائتلاف علي مقررات مؤتمر جنيف1 داعيا وفد النظام السوري إلي التوقيع عليها, مشيرا إلي أن الائتلاف حضر بناء علي هذا الأساس. ومن جانبه, أوضح سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي أن حل الأزمة السورية لن يتم بالقوة ولكن بالحوار بين الأطراف المختلفة وقال نأمل في إنهاء الصراع الذي دمر سوريا مؤكدا أن بلاده تدعم كل الجهود من أجل التوصل إلي حلول داخل المجتمع وألا يتم قبول أي مصالحة مفروضة من الخارج. وشدد علي ضرورة نبذ الجماعات المتطرفة التي دخلت سوريا لتدمر هذا النسيج الثقافي والحضاري لسوريا. ودعا لافروف جميع المشاركين في المؤتمر إلي بذل قصاري جهودهم لمساعدة النظام السوري والمعارضة لتوحيد الجهود والتخلص من الإرهاب المتطرف, كما شدد علي ضرورة مشاركة الجميع بما فيهم إيران لحل الخلافات وبالتالي تكون المنطقة خالية من أسلحة الدمار. ومن جانبه, حذر وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في كلمته من تغيير مسار المؤتمر, في محاولة لتحسين صورة النظام والادعاء بمحاربته للارهاب, داعيا الي وضع هدفه الذي يقضي بالعمل علي تشكيل حكومة انتقالية موضع التنفيذ, وأن يتبني مجلس الامن ما يتم التوصل اليه من اتفاق في المؤتمر وضمان تنفيذه. وقال الفيصل ان حضور السعودية المؤتمر جاء بناء علي الضمانات والتاكيدات التي تضمنتها دعوة الاممالمتحدة, وهو ان الهدف من جنيف2 هو تطبيق اتفاق جنيف1. وبدوره طالب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بوقف فوري لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية لإغاثة الشعب السوري, مؤكدا أن الأزمة السورية لا يمكن حلها إلا سياسيا. وحمل الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية في كلمته الدول المشاركة في المؤتمر لاسيما الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن مسئولية التوصل الي قرار بوقف جميع الاعمال العسكرية في انحاء سوريا, وتبني آلية دولية للاشراف علي هذه العملية.وقال ان الحل الوحيد المتاح لإنهاء الأزمة السورية وإطلاق عملية بناء سوريا الجديدة هو الحل السياسي التفاوضي ولا يجوز المراهنة علي أي حلول أخري.