ليس بمستغرب دفاع النخبة باستماتة عن نظام الانتخاب الفردي عبر دوائر انتخابية تحقيقا لمصالح شخصية حزبية ضيقة, ما العمل؟ لتلافي عيوب النظام الانتخابي السابق, ولتحقيق التمييز الإيجابي للفئات التي عرض لها مشروع دستور2013 فإنه يتعين الأخذ بأربعة أسس ألا وهي: أولا: القائمة الوطنية الموحدة: يقترح أن تكون هناك عشر قوائم وطنية موحدة, خمس منها للأحزاب, وخمس للمستقلين, بحيث لا يقل الحد الأدني لكل قائمة عن60 مرشحا, وأن يراعي في كل قائمة ما يلي: أن تتشكل بمتتالية خماسية, كل متتالية تشكل من خمسة مرشحين أحدهم مسلم والثاني مسيحي علي الأقل, والثالث امرأة, والرابع شاب, والخامس من ذوي الاحتياجات الخاصة وهكذا دواليك. وليس هناك أدني مانع من أن يكون أي من الفئات الثلاث الأخيرة مسلم أو مسيحي في كل متتالية. وضرورة أن يحمل واحد من الخمسة المرشحين صفة عامل, والآخر صفة فلاح, في كل متتالية. وضرورة أن يكون المرشحون الخمسة من محافظات مختلفة, وهكذا علي التوالي. وضرورة أن تضم كل قائمة مرشحين اثنين علي الأقل من كل محافظة. إن التشكيل السابق للقائمة يضمن ما يلي: الاستجابة لما ورد في الدستور من التمييز الإيجابي للفئات المذكورة. ويدفع الأحزاب علي كثرتها وتعددها لتشكيل ائتلاف انتخابي. كما أنه لا يسمح بإمكانية حصول حزب واحد علي غالبية مقاعد البرلمان, ولا يسمح للمستقلين بأي إمكان للهيمنة علي السلطة التشريعية. ويسمح بتشكيل ائتلاف حكومي, نحن أحوج ما نكون إليه في المرحلة المقبلة. ثانيا: البرنامج الانتخابي للقوائم: يتعين علي اللجنة العليا للانتخابات تصميم استمارة لهذه البرامج يحدد فيها رؤية كل قائمة لبعض القضايا الوطنية نذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر: السياسات الداخلية: الأمن الوطني, والسلامة الإقليمية, السياسة التعليمية والبحث العلمي, السياسة الصحية, سياسة التشغيل, سياسات الأجور والمرتبات, السياسة الزراعية, السياسة الصناعية, السياسة التجارية, السياسة السياحية, الاستثمار, النقل والمواصلات..الخ. وكذلك السياسة الخارجية وتشمل: العلاقات مع المنظمات الدولية, العلاقات مع المنظمات الإقليمية, العلاقات العربية, العلاقات الأفريقية, القضية الفلسطينية, العلاقات مع دول حوض نهر النيل..الخ. ويتعين علي كل أصحاب قائمة أن يحددوا مواقفهم تجاه هذه القضايا وغيرها في استمارة تعدها سلفا اللجنة العليا للانتخابات, ويكون هذا البرنامج بمثابة عقد بين الناخب ومرشحي كل قائمة يتعين متابعته والالتزام به حال وصول مرشحي قائمة أو مجموعة من القوائم لسدة السلطة التشريعية, وبالتبعية السلطة التنفيذية. ثالثا: الرمز أو الشعار الانتخابي لكل قائمة: يجب أن تحمل كل قائمة شعارا أو رمزا ذا طابع وطني, ولا ينطوي علي أية دلالات دينية, أو اثنية, أو إقليمية, أو نوعية( ذكر أو أنثي), أو حتي أيديولوجية. رابعا: جمهورية مصر العربية دائرة انتخابية واحدة: حيث يقوم كل ناخب بالإدلاء بصوته في لجنة بمقر عمله, تسهيلا عليه, وتقليلا للجهد, والزحام, وللنفقات, وللسفر إلي دائرته الانتخابية, وتحقيقا للانضباط, وتجنبا للمشاكل الأمنية العديدة, علي أن تفتح لجان في المدارس وغيرها لمن ليس له مقر عمل دائم. ورب قائل يقول فماذا عن جداول الناخبين, وكيف يمكن السيطرة علي عملية الإدلاء بالأصوات, إذ قد يذهب ناخب إلي التصويت في أكثر من لجنة, فيرد علي ذلك بأمرين: أن يكون الحبر السري من النوع الجيد بحيث يصبح من الصعب إزالته علي الأقل علي مدي يوم كامل, أو قد ينصح بقيام الناخب بتسليم بطاقة رقمه القومي عقب تسجيلها إلي لجنة الانتخابات علي أن يتسلمها في اليوم التالي للانتخاب. إن التصور السابق يسمح بتلافي كل عيوب النظام السابق, ويحقق ما قرره مشروع دستور2013, هذا مع ملاحظة ضرورة نص قانون الانتخاب الجديد علي عدم جواز انتقال النائب من تحت عباءة قائمة( حزبية أو مستقلة) إلي تحت عباءة أخري عقب انتخابه. ثم إن ذلك يسمح في ذات الوقت باختصار مدة تنفيذ خارطة الطريق حيث يفتح المجال أمام أصحاب القوائم المستقلة أو الحزبية لإعداد قوائمهم وبرامجهم خلال مدة شهر ونصف تبدأ من منتصف يناير حتي فبراير2014 ثم تعطي فرصة لمدة أسبوعين تقوم خلالها اللجنة العليا للانتخابات بمراجعة القوائم العشر وبرامجها, وتعطي فرصة أسبوعين آخرين تنتهي في آخر مارس2014 لتقديم الشكاوي والاعتراضات. يليها إعطاء مدة شهر للدعاية الانتخابية( إبريل2014), لتبدأ عملية الاقتراع بداية مايو2014 التي ستستغرق يوما واحدا لتعلن النتيجة علي الأكثر في منتصف الشهر..2014 وختاما, فإن الإصرار علي الأخذ بنظام الانتخاب الفردي أو الفردي والقائمة لن يمكن كافة الفئات التي أشار الدستور إلي ضرورة تمثيلها في مجلس النواب تمثيلا ملائما أو مناسبا من تحقيق التمثيل الملائم أو المناسب, بما يعنيه ذلك من إمكان قيام بعض هذه الفئات برفع قضايا بالطعن في دستورية مجلس النواب الجديد, بما قد يسفر عن حله, والعودة مرة أخري إلي المربع الأول. أستاذ العلوم السياسية- جامعة القاهرة لمزيد من مقالات د.ابراهيم احمد نصرالدين