من خلال قراءة مجريات العام الماضي2013 يمكن التأكد من أن عام2014 ستصيبه عدوي الصراعات والإضطرابات والإرهاب لأن جذور نشوبها عادة لا تنتهي بين ليلة وضحاها وإنما تستغرق شهورا وربما سنوات لإجتثاثها والقضاء عليها. فكما يحدث في مصر وسوريا ولبنان والعراق والجزائر واليمن بالإضافة إلي باكستانوأفغانستان( إذا أردنا الإشارة إلي الشرق الأوسط الكبير) يتم استخدام الإرهاب كأداة ضغط وتغيير للسياسات ولخرائط السلطة والنفوذ أو حدود سيادة الدول علي أراضيها. ولا يخامر الشك أي متابع لأحداث المنطقة أن الموجة الإرهابية التي تجتاح دولها بلا إستثناء منذ تسعينيات القرن العشرين حتي اليوم ليست سوي الجزء التطبيقي من عملية معقدة تستهدف إعادة رسم خريطة المنطقة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بما يتماشي مع مصالح وأهداف قوي خارجية في مقدمتها الولاياتالمتحدة وإسرائيل وإيران وتركيا. ولم يكن من المفاجئ أن يصرح ماثيو أولسن مدير المركز القومي لمكافحة الإرهاب بالولاياتالمتحدة أن أكبر تهديد إرهابي في عام2014 تتعرض له بلاده والعالم أجمع سيأتي من سوريا. فبغض النظر عن دور واشنطن وحلفائها في إشعال سوريا وتحويلها إلي مستنقع يعج بالعديد من الجماعات المسلحة المتطرفة, يسود اعتقاد بأن المتطرفين يستغلون الفوضي التي خلقتها الحرب الأهلية السورية لإيجاد تهديد لأمن الولاياتالمتحدة ومصالحها. فخليط الجماعات المعارضة التي تقاتل قوات بشار الأسد تضم جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة وبالتالي زاد القلق من تدفق المسلحين علي البلاد ومن أهدافهم التالية في حالة العودة إلي بلدانهم الأصلية. ويري أولسن أن الأولوية ستكون لمواجهة ذلك التهديد في عام.2014 وفي واقع الأمر فإن التدخلات الخارجية لتدعيم أو غض الطرف عن أنشطة التنظيمات المتطرفة في سوريا أدي إلي تنامي قدرات تلك التنظيمات بمستوي مكنها بشكل مباشر من تهديد رقعة إقليمية تمتد من الحدود الإيرانية شرقا والتركية شمالا وصولا إلي ساحل البحر في سوريا ولبنان. ولا تعد دول مثل الأردن والسعودية وتركيا بمنأي عن تحركات تلك التنظيمات التي يتزايد تمسكها بتطبيق أجنداتها الخاصة بزيادة ما لديها من مال وسلاح. وقد نوه الخبراء إلي أن عام2014 سيمثل مفترق طرق أمام الأزمة السورية بوجه عام وأمام مستقبل الإرهاب في الشام علي وجه الخصوص. وفي حالة فشل التقارب الأمريكي الإيراني بإنتهاء المرحلة المؤقتة فسيدخل الصراع بينهما في منعطف جديد يكون لإسرائيل فيه دور نشيط وسيمهد ذلك الوضع لظهور جماعات معارضة قوية مدعومة من الغرب لزعزعة نظام الملالي في طهران وتوجيه ضربات لحلفائها الشيعة في المنطقة. ووفق تقرير صادر عن مركز' الإجراءات الوقائية' بالولاياتالمتحدة فإن أبرز الصراعات المرتقبة( المستوي الأول: الأولوية العليا) في عام2014 تتمثل في: تدخل عسكري أمريكي محدود ضد سوريا. وهجوم إلكتروني علي البنية الأساسية في الولاياتالمتحدة. وتوجيه ضربات عسكرية لإيران في حال فشل المباحثات بشأن برنامجها النووي. وأزمة تشتعل إثر إستفزاز عسكري لكوريا الشمالية أو نشوب إضطرابات داخلية. تعرض الولاياتالمتحدة أو أحد حلفائها لهجوم إرهابي كبير. حدوث إضطرابات وفوضي هائلة في أفغانستانوباكستان إذا إنسحبت القوات الأمريكية من المنطقة. وفي المستوي الثاني احتمال نشوب مواجهة عسكرية هندية باكستانية نتيجة هجوم إرهابي علي أحد الطرفين أو تنامي الإضطرابات في كشمير. كما برزت أسماء دول يتوقع أن تحدث علي أرضها مواجهات أو عمليات إرهابية مثل مصر وليبيا ولبنان ونيجيريا والصومال والمكسيك. أما المستوي الثالث( أولوية منخفضة) الذي يشير إلي أضعف احتمال لنشوب مواجهات فشمل الصين والهند, وفنزويلا, وتركيا وأذربيجان وأرمينيا والصراع بين البوذيين والمسلمين في ميانمار. ومن الطريف أنه تم إدراج جنوب السودان في ذلك المستوي في نوفمبر2013 قبل أن تنفجر عاصفة الصراع الداخلي المسلح في شهر ديسمبر. ومن المعروف أن جنوب السودان تعاني من إنفجار أزمة إندماج وطني.