منذ صعود حركة حماس إلي سدة السلطة الفلسطينية عقب الانتخابات التشريعية التي أجريت عام2006 وإسرائيل تشدد من إجراءاتها العقابية بحق الشعب الفلسطيني وتمارس حصارا خانقا وضاغطا علي أبنائه عبر حصارها لغزة بغية التضييق علي فصائل المقاومة في الداخل الفلسطيني, لكنها في سبيل ذلك تقتل شعبا أعزل بكامله, حيث تسيطر علي حركة دخول السلع والبضائع وخروجها من القطاع وإليه, ولا تسمح إلا بالنزر اليسير الذي لا يكفي حاجات السكان الأساسية. وفي محاولة لكسر هذا الحصار قام نشطاء فلسطينيون وأجانب بمبادرات سلمية لتسيير قوافل برية وبحرية تحمل المساعدات الإنسانية للسكان المحاصرين, وتبعث برسائل كاشفة لدول العالم للتنديد بمعاناة الفلسطينيين تحت وطأة الحصار, كان آخرها أسطول الحرية2 في عام2011 عندما تحركت مجموعة سفن من اليونان وأخري من كورسيا بينها سفينة شحن من فلسطينيي الشتات, تقل علي متنها ناشطين من22 دولة بينها أيرلندا النرويج, ومحملة بالمساعدات الإنسانية. ومنذ ضربت إسرائيل حصارها سير النشطاء المتضامنون مع الفلسطينيين منذ عام2007 تسع رحلات بحرية تمكنت أربع منها من الوصول إلي غزة بينما منعت الأخري, فقد تمكنت سفينتا الحرية وغزة الحرة من الوصول لشواطئ غزة في أغسطس2008, فيما يعد أول كسر بحري للحصار الإسرائيلي, وأقلت السفينتان أكثر من40 متضامنا من17 دولة, وانطلقتا من أثينا إلي ميناء لارنكا في قبرص قبل توجههما لغزة, واستطاعت سفينة الأمل الوصول أيضا في أكتوبر2008, وعلي متنها27 ناشطا عربيا وتركيا وأوروبيا, حاملة معدات طبية وأدوية, وأقلت عددا من الأطباء الذين قاموا بإجراء عمليات جراحية عاجلة, كما وصلت سفينة الكرامة في نوفمبر2008 لغزة قادمة من ميناء لارنكا القبرصي وعلي متنها22 شخصية برلمانية أوروبية وصحفيون ومتضامنون أجانب, وكان من ركاب السفينة وزيرة التعاون الدولي البريطانية في حكومة توني بلير وقتها كلير شورت, ورست سفينة الكرامة القطرية في ميناء غزة في ديسمبر2008 وهي تحمل شخصيات تمثل جمعيات خيرية قطرية وعددا من المتضامنين الأجانب والصحفيين, وبعض الأدوية والمستلزمات الطبية. وتعد قافلة أسطول الحرية الأشهر والأضخم من بين القوافل التي حاولت كسر الحصار, وتكونت من ست سفن, ثلاث تركية, وسفينتين من بريطانيا, بالإضافة إلي سفينة مشتركة بين كل من الكويت والجزائر وأيرلندا واليونان, والتقي الأسطول قبالة سواحل ليماسول القبرصية, وانطلق باتجاه غزة في29 مايو2010 محملا بعشرة آلاف طن من التجهيزات والمساعدات ومواد الإغاثة, ونحو750 ناشطا حقوقيا وسياسيا, بينهم صحفيون يمثلون وسائل إعلام دولية, لكن قوات خاصة تابعة للبحرية الإسرائيلية اقتحمت السفينة مافي مرمرة التي كانت تحمل نشطاء السلام مستهدفة إياهم داخل المياه الدولية قبل وصولها لغزة, وقتلت9 وأصابت أكثر من26 منهم معظمهم من الأتراك في أحداث وصفت بالمجزرة وإرهاب الدولة. وتأتي مبادرة فلك غزة- التي تسعي للفت انتباه المجتمع الدولي للظلم الكبير الذي يمارس ضد الفلسطينيين- كحلقة جديدة في سلسلة محاولات كسر الحصار الإسرائيلي المضروب علي غزة والشعب الفسطيني, ويري القائمون علي المبادرة أن هدف الإبحار بالسفينة إعادة حرية الحركة التجارية والسيطرة علي المواني للفلسطينيين, حيث تسلك المبادرة مسلكا جديدا يختلف عن سابقيه في أمرين مهمين, الأول نقطة الانطلاق, حيث ستكون شواطئ غزة منطلقا للسفينة, والثاني أنه يتم بناء فلك غزة بأيد فلسطينية وستحمل المنتجات الفلسطينية إلي دول العالم, بينما ركزت أساطيل الحرية الأخري التي قدمت لغزة علي جلب المساعدات الدولية والطارئة, التي تعد علاجا مسكنا لا يمكن له إنهاء حاجة الفلسطينيين بشكل جذري والقضاء علي أسبابها ألا وهي الحصار الإسرائيلي. وسفينة فلك غزة كان مقررا لها الانطلاق بنهاية العام الحالي لعدد من الدول الأوروبية, لكن أسبابا فنية أجلت الموعد حتي مطلع الربيع المقبل, وهي مبادرة مشتركة يقوم عليها نشطاء فلسطينيون ودوليون ومؤسسات دولية متضامنة, وفيها يقوم صانعو سفن فلسطينيون بتجديد إحدي السفن التي ستكون محملة ببضائع ومنتجات زراعية وصناعية فلسطينية, تمثل المنتجات الفلسطينية المتاحة للتصدير, حيث كانت غزة تصدر بعض المنتجات بما في ذلك الأثاث والملابس الجاهزة والمنتجات الزراعية, بالإضافة لما يشتهر به الفلسطينيون من المشغولات اليدوية والتراثية, ثم ستقوم هذه السفينة بالإبحار في المياه الدولية وعلي متنها النشطاء بهدف تحدي الحصار الإسرائيلي غير القانوني والمستمر وتركيز اهتمام العالم بأكمله علي الأوضاع الصعبة في غزة وعلي تواطؤ الحكومات الداعمة لإسرائيل أو المتجاهلة لهذه الأوضاع.