من أشهر شخصيات التاريخ, رجل شديد الذكاء عاش في بلاد اليونان منذ(2600) سنة.. إنه إيسوب, الذي أبدع مجموعة ذائعة الصيت من الحكايات أنطق فيها الطير والحيوان بل والجماد, ووضع فيها خلاصة الخبرة والحكمة الإنسانية. كان عبدا مشوه الخلقة, لكن سيده حرره لذكائه وحكمته, وأرسله سفيرا له يقابل الملوك وكبار الحكام, فأطلق عليه لقب أحكم الحكماء, بينما عرفه عامة الناس باسم أبو الحكايات. من أشهر حكاياته التي أصبحت جزءا من التراث لكثير من البلاد, قصة السباق بين السلحفاة والأرنب التي تؤكد أن المثابرة طريق مؤكد للنجاح, وقصة الحمامة التي أنقذت النملة فأنقذتها النملة, والغراب العطشان الذي وضع قطع الحصي في إناء بقاعه قليل من الماء فارتفع مستوي الماء حتي استطاع الغراب أن يشرب, والثعلب الذي لم يستطع الوصول إلي عناقيد كرم عنب فأقنع نفسه أن ذلك العنب مر المذاق لا يستحق عناء محاولة الوصول إليه. ومن أشهر حكاياته أيضا, قصة الرهان بين الشمس والريح. فذات يوم قالت الريح للشمس: انظري إلي هذا الرجل الذي يمشي وهو يجمع حول جسمه أطراف معطفه.. إنني أستطيع حمله علي نزع معطفه عن كتفيه بأسرع ما تستطيعين أنت. أجابت الشمس: التجربة هي الفيصل بيننا.. هيا أيتها الريح.. ابدأي أنت المحاولة. بدأت الريح تعصف في محاولات مستميتة لتحمل الرجل علي خلع معطفه.. هبت في قوة حتي تطايرت أطراف المعطف هنا وهناك, لكن لم يكن لهذا العنف من نتيجة إلا أن الرجل كلما اشتدت الريح كان يحكم قبضته علي أطراف معطفه, يضمها بقوة حول جسمه ليحتمي من عدوان الريح عليه. بعد كل تلك الهجمات المستميتة الفاشلة, اضطرت الريح أن تكف أذاها عن الرجل, وتقول وقد تبددت قوتها: سأكف عن المحاولة. هنا بدأت الشمس محاولاتها.. أرسلت أشعتها هادئة دافئة فتسللت تحت ثياب الرجل, الذي وجد نفسه يترك أطراف معطفه تتهدل حوله. وقليلا قليلا رفعت الشمس حرارة أشعتها. وما إن أحس الرجل بالهواء الساخن وبحبات العرق التي انعقدت علي جبينه وبدأت تنحدر علي وجهه, حتي خلع معطفه عن كتفيه, وطواه- بغير تفكير- فوق ذراعه! عندئذ هتفت الشمس: تنبهي أيتها الريح.. طريقتي الهادئة الناعمة نجحت وبسرعة, حيث فشل عنفك وعدوانك, وأسلوبك الخشن الفظ!!