تضافرت نصوص شرعية محكمة, وقواعد فقهية راسخة, وإجماع أئمة العلم الذين يعتد بعلمهم, علي شرف الجندية للدفاع عن الأرض والعرض والمال وأناط بهم واجبات من الرباط والجهاد معا. فأما الرباط معناه المعاصر ملازمة الحدود الدولية لحمايتها وصيانتها, قال الله عز وجل- اصبروا وصابروا ورابطوا- جزء آية200 آل عمران- وأئمة العلم علي أن المراد بالرباط في الآية القرآنية المحكمة هو الملازمة في سبيل الله, وأنه أصل الجهاد و فرعه, وقال سيدنا محمد, صلي الله عليه وسلم: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها... ومما يلحق بالرباط الحراسة, وكلاهما يتحققان في الجيش والشرطة. وأما الجهاد ومفهومه فهو مجاهدة العدو الظاهر بالقتال والدفاع للذود عن البلاد والعباد, وفضله عظيم, وحاصله بذل الإنسان نفسه ابتغاء مرضاة الله, وتقربا بذلك إليه ويتحقق في الجهاد المشروع, أما جرائم البغي, الحرابة, الصيال, فليست جهادا ولا رباطا, بل هي جرائم مخلة بالأمن العام والدماء والأعراض والأموال ولها عقوباتها الدنيوية المفصلة في التشريع الجنائي الإسلامي بصفة عامة, وأبواب الحدود والجنايات علي النفوس, والدفاع الشرعي الخاص. والجيش والجندية جهاد مشروع في الدين الحق, قال أئمة العلم: الذين يقاتلون ويدافعون الأعداء, قد بذلوا مهج أنفسهم و النصوص الشرعية في فضل الجندية( القوات المسلحة) كثيرة منها: من القرآن الكريم: وفضل الله المجاهدين علي القاعدين أجرا عظيما الآية95 من سورة النساء. وإن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة.. الآية111 من سورة التوبة. و ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون الآية169 من سورة آل عمران. ومن السنة النبوية: قول الرسول صلي الله عليه وسلم:مثل المجاهد في سبيل الله, والله أعلم, بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم, وتوكل الله للمجاهد في سبيله, بأن يتوفاه أن يدخله الجنة, أو يرجعه سالما مع أجر, أو غنيمة-. وروي أن رجلا جاء إلي النبي- ص- فقال: دلني علي عمل يعدل الجهاد؟قال لا أجده, ثم قال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر, وتصوم و لا تفطر؟قال ومن يستطيع ذلك؟. وإذا علم هذا, فإن من أبشع و أفظع الجرائم الاعتداء علي الجند بتنوع رتبهم ومهامهم لما في ذلك مما قرره الفقهاء من إرجاف وتخذيل مما يسبب مفاسد عظمي علي سلامة البلاد و أمن العباد. والإرجاف, مفهومه الشرعي الاصطلاحي هو التماس الفتنة, وإشاعة الكذب والباطل للاغتمام به) وحكمه الشرعي انه حرام شرعا, وتركه واجب لما فيه من الإضرار بالمسلمين وفاعله آثم, قال الله سبحانه وتعالي لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا. ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا. وروي أن رسول الله, بلغه أن ناسا يثبطون الناس عن الجهاد في سبيل الله, فبعث نفر من أصحابه, وأمرهم أن يحرقوا عليه البيت, ففعل ذلك طلحة بن عبيدالله ذلك. ومن مضار الإرجاف نشر الاضطراب بين الناس, لصدهم عن الرباط والجهاد, وترك البلاد عرضة لاحتلال الأعداء. والتخذيل: هو تزهيد الناس في حراسة البلاد والعباد, وترك الجندية والتخذيل كالإرجاف في العدوان الأثيم علي الجيش ومضاره منع الناس من النهوض للقتال, وترك الحراسة و الجهاد, ويجب صد ومنع المرجفين والمخذلين, وقد ذمهم الشرع المحكم, قال الله- في الآية46 و47 من سورة التوبة... ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين. لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة.... وعلي ضوء ما سلف: يحرم الاعتداء علي الجند بالإرجاف والتخذيل والشائعات والأباطيل لأثاره الخطيرة في أمن البلاد والعباد, كما يحرم الاعتداء بالجناية علي النفس ومادون النفس, لما هو معصوم من عصمة الدماء والأموال والأعراض, الثابتة بالنصوص الشرعية المحكمة العامة و المطلقة.ولا تخفي إلا علي( متعامي أو متغابي). ومما يدعو إلي الغرابة والنكارة تفوه قواد جماعات وفصائل الإرهاب والإرعاب ومنظري العنف المسلح, وقواد ميليشيات قطع الطرق( الحرابة) وتهديد السلام الاجتماعي للبلاد( البغي), والتعرض للدماء والأموال والأعراض( الصيال) باستهداف واستحلال دماء ومنشآت الشرطة والجيش, ومعروف أن الاستحلال تحليل ما حرمه الشرع المحكم. وخلاصة ما ذكر أن الجندية بتنوع رتبها في الجيش والشرطة شرف عظيم, وقام كريم لها في الدين توقير وإجلال, ووجوب إعانتهم وتأييدهم ومساعدتهم علي شتي المستويات الفردية والأهلية, الجماعية والحكومة. وتحريم وتجريم إضعافهم وتخذيلهم لأضرار جسيمة تلحق بسيادة الدولة, وأمنها الخارجي و الداخلي بشائعات وأباطيل كالإرجاف والتخذيل. وتحريم وتجريم الاعتداء علي الجند مطلقا- سلما أو حربا- جهادا أو رباطا سواء علي أبدانهم أو منشآتهم ومؤسساتهم. ويجوز للجيش والشرطة مقاومة المعتدين عليهم بكل سبيل بالقتل والتدمير, فالمعتدون علي الجيش والشرطة مرتكبون لجرائم ثلاث: الحرابة, والبغي, والصيال, مستقون- أي المعتدون- العقوبات الدنيوية والزجرية. وتذكرة للمغرر بهم بحديث الرسول, صلي الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا. والمصلحة العامة تقدم علي المصلحة الخاصة, ودفع المفاسد مقدم علي جلب المنافع.