أسعار اللحوم والدواجن اليوم 28 سبتمبر بسوق العبور للجملة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» 28 سبتمبر 2024    الضاحية الجنوبية في بيروت تتعرض لهجوم إسرائيلي واسع وعنيف ومتواصل    فصائل عراقية تعلن استهداف موقعا إسرائيليا في الجولان المحتل بواسطة الطيران المسير    بايدن يوجه بتعديل وضع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط    تشكيل ليفربول المتوقع أمام وولفرهامبتون.. محمد صلاح يقود الهجوم    بسبب الخلافات.. قاتل ابن عمه ب المنوفية في قبضة الأمن    اختبار شهر أكتوبر رابعة ابتدائي 2025.. المواعيد والمقرارات الدراسية    وفاة زوجة الفنان إسماعيل فرغلي بعد صراع مع السرطان    "الصحفيين" تحتفل بمئوية فؤاد المهندس، اليوم    عودة أسياد أفريقيا.. بهذه الطريقة أشرف ذكي يهنئ الزمالك بالسوبر الأفريقي    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    آخر تطورات لبنان.. الاحتلال يشن 21 غارة على بيروت وحزب الله يقصف شمال إسرائيل    اليوم.. جامعة الأزهر تستقبل طلابها بالعام الدراسي الجديد    «أنا وكيله».. تعليق طريف دونجا على عرض تركي آل الشيخ ل شيكابالا (فيديو)    وزير الخارجية: تهجير الفلسطينيين خط أحمر ولن نسمح بحدوثه    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 33    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    إيران تزامنا مع أنباء اغتيال حسن نصر الله: الاغتيالات لن تحل مشكلة إسرائيل    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    استعد لتغيير ساعتك.. رسميا موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2024 في مصر وانتهاء الصيفي    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    "الصحة اللبنانية": ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت إلى 6 قتلى و91 مصابا    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    ذكرى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر.. رمز الاستقلال الوطني والكرامة العربية    هشام جمال ينصح المشاركين في «كاستنج»: حاول مرة أخرى إذا فشلت    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    ميلان يتغلب على ليتشي بثلاثية بالدوري الإيطالي    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    نبيل الحلفاوي يوجة رسالة للزمالك بعد فوزه بلقب السوبر الإفريقي    تفاصيل إصابة شاب إثر الاعتداء عليه بسبب خلافات في كرداسة    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة من (هيئة العلماء) للمقاومة تدعوها إلى الاستعداد لما بعد النصر
نشر في الشعب يوم 22 - 09 - 2007

وجهت هيئة علماء المسلمين في العراق رسالة مفتوحة إلى المقاومة العراقية، داعية فصائل المقاومة لتوحيد صفوفها وعدم الركون لعدوها واستغلال النصر الذي بات قريبًا ومحذرة في الوقت ذاته من مكر الاحتلال في إفشال المشروع المقاوم بالدسائس والخداع بعد عجزه عن إفشاله عسكريًا.
وأشادت الهيئة، في رسالتها التي نشرتها على موقعها على الإنترنت، بالتضحيات التي قدمتها المقاومة العراقية من أجل إنهاء الاحتلال من البلاد، مشيرة إلى ثقل المهمة التي تحملتها فصائل المقاومة في مجابهة "دولة عظمى"، غزت قبل العراق دولاً عديدة، وتمتلك من الخبرات والأموال والعتاد والشركات والإعلام ما لا تملكه دولة في العالم.
ودعت المقاومة لعدم الالتفات إلى "ما يظهره المحتل من جلادة، وما يطلقه من مزاعم للبقاء طويلاً، فهذه مظاهر كاذبة، قوامها التمويه... فالمحتل ليس له من همّ سوى البحث عن وسيلة تيسر له الفرار بأقل قدر من الخسائر".
وحذرت الهيئة مما وقعت فيه الكثير من حركات الجهاد والمقاومة في عالمنا الإسلامي، حيث "تنجح في تحقيق النصر على أعدائها، بيد أنها في الغالب تفشل في التمكين لأهدافها بعد الصراع"، متسائلة: هل حسبت المقاومة العراقية حسابًا لذلك؟!
وشددت على ضرورة أن يكون للمقاومة برنامج موحد يجمع بينها لمنع أي احتمال لنشوب قتال داخلي فيما بينها كما وقع في دول إسلامية أخرى وبالتحديد في أفغانستان.
وقالت الهيئة: إن هذا الاقتتال لو وقع نسأل الله السلامة فإن تداعياته ستكون جسيمة للغاية، حيث ستفقد الأمة الثقة بأبنائها، وربما يتطور الأمر إلى اهتزاز الثقة بأمر دينها، مشيرة إلى الإحباط الذي أصاب الأمة عندما تحول الجهاد الأفغاني إلى اقتتال داخلي في مرحلة ما بعد تحرير أفغانستان؟!!
كما حذرت الهيئة من سرقة النصر الذي حققته المقاومة من قبل بعض المنتفعين أو أذناب الاحتلال، داعية المقاومة إلى اليقظة وأخذ الحيطة.
وطالبت الهيئة المقاومة أن تتهيأ لما بعد خروج الاحتلال وأن تكون على مستوى المسئولية، وترسم للبلاد سياسة مستقبلية ناجحة.
وقالت: أنتم بحاجة أولاً إلى أن تتفقوا قبل كل شيء على برنامج سياسي موحد، ترسمون من خلاله مستقبل هذا البلد الذي وثق أهله بكم، وعقدوا من أجل الخلاص من المأزق الذي هم فيه آمالاً عليكم"، مشيرة إلى خطوات بدأت في هذا السبيل.
وذكرت الهيئة فصائل المقاومة بضرورة استيعاب الأوضاع التي تمر بها المنطقة في أي تحرك مستقبلي.
كما ذكرت بأنه ليست المقاومة فقط صاحبة المشروع الجهادي في البلاد وإن كانت هي في القلب منه، فهناك الشعب الذي تحمل تبعات العمل المقاوم وهناك المجاهدون بأموالهم الذين دعموا المقاومة بما يملكون, وهناك الإعلاميون الذين ناصروا المقاومة بالكلمة والقلم.
وأخيرًا أوصت الهيئة المقاومة بالشعب العراقي خيرًا من شماله إلى جنوبه، وبكل أطيافه وطوائفه
نص الرسالة المفتوحة الموجهة من هيئة علماء المسلمين الى المجاهدين المرابطين على ارض العراق:
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة مفتوحة من هيئة علماء المسلمين في العراق إلى أبنائنا وإخواننا المجاهدين، الصابرين المرابطين على أرض العراق ))يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم))7/سورة محمد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد:
فإننا نخاطب في هذه الرسالة المفتوحة من كنا ننتظر الفرصة المناسبة لمخاطبتهم، ويحدونا الشوق للحديث معهم، فهم قرة العين، وتاج الرأس، ودرة البلاد..
نخاطب من كانوا للدين الذي ارتضاه الله لنا، وأعلى به قدرنا، جنوداً أوفياء، وكانوا للبلد الطيب الذي أقامنا الله فيه أبناء بررة، فهم حماة الأرض والعرض.
يا من غسلتم عنا عار احتلال بغداد، ويا من رفعتم رؤوسنا عاليا، ويا من لقنتم أعداء الدين والإنسانية دروساً في التضحية والفداء، والصبر على البأس، لن ينسوها عبر التاريخ .
لقد تجلى فيكم قبس من معاني قول الله عز وجل ((..فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم )) من آية 54/المائدة
يا أبناءنا ويا إخواننا الصابرين المحتسبين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ بداية الاحتلال ومع انطلاقة جهادكم المبارك، كنا ندرك ثقل المهمة التي قررتم حملها على عاتقكم، فأنتم في صراع مع دولة عظمى، غزت قبلنا دولا عديدة، وتمتلك من الخبرات في تأسيس حكومات على أمزجتها، واحتواء ما يبدو من مقاومة لها، وأموال توظف لخدمة أهدافها، ما لا يملكه احد في العالم.
كان المحتل قد أعد لكل شيء عدته، فاصطحب معه آلافاً من الشركات الأمنية وفرق الموت، وجيشاً من الساسة والعملاء، لتوظيفهم في سبيل دعم قواته العسكرية البرية والجوية والبحرية، وعدتها المتفوقة بكل المعايير، من اجل الوصول إلى هدفه في احتلال العالم الإسلامي في عقر داره، فضلا عن آلته الإعلامية الضخمة التي لم تنقطع منذ أمد طويل قبل الاحتلال وحتى اللحظة من اجل تهيئة العالم للقبول بالوضع الجديد على أرض العراق.
أدركنا في هيئة علماء المسلمين خطورة الحدث، فبدأنا طريقنا، بتعبئة الناس ضد الاحتلال، وإحياء مفاهيم الجهاد وقيم المقاومة في النفوس.
وليس سرا القول: إننا كنا وراء الإعداد والتخطيط والحشد،وضمن دائرة المشاركة ،في التظاهرة الأولى التي قادها علماء الشريعة ضد الاحتلال في العاصمة بغداد، وفي قلبها النابض : الأعظمية، في الجمعة الثانية بعد الاحتلال بتاريخ 16 /صفر /1424ه الموافق 18 /4 / 2003م، وكذلك في مدينة الفلوجة المباركة التي قادها العلماء أيضا بتاريخ 28/صفر/1424ه الموافق30/4/2003م ، وسقط فيها عدد من الشهداء، وكانت الجذوة التي انطلق منها الجهاد في تلك الديار .
أما أبناء شعبنا، فحالهم آنذاك يرثى لها، فقد أصيبوا بما يشبه الدوار، ونالت منهم الصدمة كل منال، ولم يكن يخطر في بال أحدهم أن يرى يوما ما على أرضه دبابة أمريكية، أو جنديا محتلا.
كما أن المسلسل التخريبي لبلادهم الذي أعقب احتلال بغداد، وأتقن المحتل فصوله، والذي طال مؤسساتهم، ومعالم مدنهم، على أيدي مخربين، وبعض الغوغاء من أبناء بلدهم عبدت لهم الطريق إلى هذا التخريب بخبث ودهاء جعلهم في حيرة من أمرهم .
وزاد الطين بلة أن جزءا منهم، طلبت منهم مراجع لهم يثقون فيها التزام الحياد، وإمهال قوات الاحتلال شهورا، قبل حمل أي سلاح في وجوههم، وخلال هذه الشهور تمكن الاحتلال من مناطقهم ، وانتشرت الأجهزة الأمنية والميليشيات في مدنهم، وتمت السيطرة عليهم على نحو ضيق عليهم فرص الجهاد والمقاومة، وجزءا آخر منهم كان خاضعا لهيمنة أحزاب مستبدة تمكنت لعقد مضى من الانفراد به، وإحكام السيطرة عليه، واستغلال مظلمته للابتعاد عن هذا الشرف العظيم ، مما جعل فرص المقاومة بالنسبة له أكثر ضيقا من الأولين .
وعلى الرغم من ذلك، كان لكل جزء منهما، نشاطات مقاومة هنا وهناك، لكنها على العموم أشبه بالمبادرات المحدودة، تقف وراءها دوافع شتى، ومع ذلك يلزمنا إذا أردنا الحفاظ على وحدة العراق أن نعمل على إنمائها، وتصحيح مسارها، ودعمها بالموقف والكلمة.
أما انتم أيها الأسود الأشاوس فقد مَنَّ الله عليكم منذ بدء الاحتلال لتكونوا أصحاب زمام المبادرة في الجهاد والمقاومة، وفي طليعة هذا الركب الميمون، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، وهو أمر يستلزم الشكر لله سبحانه، ،والتواضع ،والشعور بالمسؤولية، ليس إلا.
وكان الله في عونكم ..فالمهمة التي وطنتم أنفسكم لها صعبة للغاية، والتحديات التي كانت ومازالت تعترض سبيلكم كبيرة، والمعركة في الميدان ضروس، والتخذيل والإرجاف محيط بكم كما يحيط السوار بالمعصم .
تبذلون نفوسكم رخيصة في سبيل الله ،وتنفقون أموالكم ومقتنياتكم ،وتفارقون أهليكم وأبناءكم ،من اجل إعلاء كلمته ،وتحرير الأرض والعرض من الغاصبين ،وبدل أن توجه إليكم كلمات الدعم والتأييد من الجميع، ينهال المرجفون عليكم بشتى التهم، ويتآمر عليكم المبطلون بشتى الوسائل.
قوات الاحتلال وأجهزتها السرية ضدكم، والحكومة وأجهزتها العسكرية والأمنية والإعلامية ضدكم، والميليشيات الطائفية ضدكم، وبعض دول الجوار ضدكم، وبعض أبناء جلدتكم ضدكم، ولكنكم بفضل الله صامدون لم تفتر لكم عزيمة، ولم يلن لكم جانب، وماضون في تسديد الضربات الموجعة للعدو..حتى طفق الترنح والدوار ينالان منه، ويقربانه من الهزيمة، من دون أن ينال الإرجاف من عزمكم، وهذا لعمر الله شأن الرجال الذين قال الله سبحانه فيهم ((من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ..))من آية23/الأحزاب
أيها الأبطال الأشداء:
لا يشغلن بالكم ما يظهره المحتل من جلادة، وما يطلقه من مزاعم للبقاء طويلا ، فهذه مظاهر كاذبة، قوامها التمويه، والتسلي بالأماني، والحقيقة انه في ظرف مرٍ، وواقع أليم، فخيبة الأمل تملأ جوفه، والرعب يسكن جوانحه، والموت يأتيه من كل جانب وما هو بميت، وهو اليوم ليس له من هم سوى البحث عن وسيلة تيسر له الفرار بأقل قدر من الخسائر،فلم يعد يحتمل منها المزيد.
فاستعدوا للحظة النصر، التي تحبونها ((...نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ...))من آية13/سورة الصف..
ولكن ..وهنا نلفت نظركم الكريم إلى قضية مهمة، وهي: ان حركات الجهاد والمقاومة في عالمنا الإسلامي كثيراً ما تنجح في تحقيق النصر على أعدائها، بيد أنها في الغالب تفشل في التمكين لأهدافها بعد الصراع ..فهل حسبتم لذلك حسابا؟.
هذا السؤال مهم للغاية، وقد آن الأوان لتضعوه نصب أعينكم.
دائماً كنا نقول لمن يشكو ما ينزل على العراقيين من البلاء، إن هذا زائل حتما، فوجود الاحتلال في أرضنا من شأنه أن يوحد الجهود، ويفضي بالمحصلة إلى التحرير، ولكن السؤال الصعب هكذا كنا نقول له ماذا بعد ؟ ماذا بعد خروج المحتل ؟!
إن الخوف من المجهول يكمن هنا ..والقلق يرد من هذا الموطن!
وما لم تفكروا في تلك المرحلة من الآن ،وتعدوا لها العدة ،وتبكروا في الاتفاق عليها ،فقد تفاجؤون بحصاد مر، يجعل شعبنا يحن إلى مثل هذه الأيام، على الرغم من مرارتها، إذا ما واجه أياما أكثر مرارة، لا من حيث وجود الاحتلال، ولكن من حيث حصول الفرقة والاختصام ، والتردي في جوانب الحياة كافة، تماما كما تلاحظون هذا الشعب بدأ يحن إلى أيام النظام السابق ،على الرغم من أنها لم تكن أيام سلام ورفاه.
إذا لم تفعلوا ما تقتضيه المعالجة منكم لتلك المرحلة، فإن ثمة عدة مآلات ستنتهي إليها الأحوال،عليكم التفكير فيها بجدية، وعدم إهمالها، ومنها مآلان، هما في غاية الخطورة :
الأول: أن يقطف ثمرة الجهاد والمقاومة غير أصحابها الشرعيين.
إن المحتل قد يخرج من الباب بفعل الجهاد والمقاومة، لكنه من الممكن أن يعود من الشباك بفعل من سيخلفه في إدارة البلاد، وهو من دون شك حين يقرر المغادرة، يهيئ البديل، والبديل الذي يقع عليه اختيار المحتل يكون عميلا لا محالة، ليحقق لأسياده ،ما عجزوا عن تحقيقه بأنفسهم من خلال الحرب..
ومن دون شك فان العميل القادم إذا تسلم السلطة فستكون من أولوياته ضرب عناصر الجهاد والمقاومة، وتصفية هذا التوجه الحيوي لها في رفض المحتل، ولعموم أبناء الشعب.
وهاهو ذا المحتل اليوم على أبواب لعبة سياسية جديدة، يحاول من خلالها استبعاد وجوه، وتقريب أخرى، في حركة يائسة منه، لتحقيق شيء مما عجز عن تحقيقه طيلة الفترة الماضية.
فالحذر الحذر من إن تفتنكم بهذا الصدد عروض، قال الله تعالى ((أم حسبتم ان تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولارسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون )) آية 16/التوبة
الثاني:الاقتتال بين الفصائل.
وهذا احتمال وارد للغاية، إذا لم يكن للفصائل برنامج موحد.
لا ينبغي أن ننسى تجربة المجاهدين الأفغان، وهذا لو حدث نسأل الله السلامة فإن تداعياته ستكون جسيمة للغاية ..
فمن جهة ستفقد الأمة الثقة بأبنائها، وربما يتطور الأمر إلى اهتزاز الثقة بأمردينها.
لنسأل أنفسنا كم أحبطنا عندما تحول الجهاد الأفغاني إلى اقتتال داخلي في مرحلة ما بعد تحرير أفغانستان ؟!!.
هذا يمكن أن يتكرر وعلى نحو أشد إذا تكرر الخطأ في العراق!!.
فالعراق ليس متطرفا في المكان الجغرافي مثل أفغانستان، والمعركة فيه حظيت بتغطية إعلامية أكثر بما لا يقاس مما حظيت به المعركة الأفغانية، وبالتالي فإن التفاصيل التي ستعقب الانتصار، سيطلع عليها الجميع،وعلى نحو أكثر سعة وشمولا، فإذا كانت حينها محبطة، وكاشفة عن نزاع داخلي،وصراع دموي، فمن الممكن والحالة هذه أن ينقلب أهل الجهاد في نظر الناس من حماة للبلاد، يفتخر الناس ببطولاتهم إلى محاربين هواة، غايتهم الاستحواذ على السلطة، وبناء مجد لهم على الجماجم والدماء.
ولا ننسى أن المحتل انفق كثيرا من الأموال والجهود في سبيل شق صف المقاومين المجاهدين، ولم ييأس بعد.
ولا نكتمكم القول: إن ثمة بوادر مقلقة بهذا الشأن للأسف الشديد تأتي بمثابة طوق نجاة للعدو، ففي الوقت الذي يبدو فيه الرئيس الأمريكي أحوج ما يكون إلى إقناع الكونغرس الأمريكي والشعب الأمريكي ودول العالم بضرورة بقاء قواته في العراق، تلوح في الأفق مثل هذه البوادر المقلقة .
إن نزاعا من هذا القبيل سيكون حتما طوق النجاة المنشود بالنسبة له، سيقول الرئيس الأمريكي لمعارضيه: لقد نجحنا في معركتنا مع أعدائنا، فالانشقاق طفق يدب في صفوفهم، امنحونا بعض الوقت ،لننهي وجودهم !!.
قال الله تعالى ((ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)) من آية 217/البقرة
لذا نصيحتنا لكم ألا تقعوا في هذا الفخ، وقد من الله عليكم بتجاوزه سنوات،لاسيما أنكم على أبواب النصر العظيم بإذن الله.
يجب أن تعملوا على احتواء أي خلاف بينكم بسرعة البرق ،وان تتساموا على الجراح ،وان اقتضى ذلك أن تتجرعوا شيئا من المرارة،لان الهزيمة أمام المحتل بعد كل هذه التضحيات ، ستكون بمنزلة السم الذي سيصيب منا جميعا مقتلا واحدا.
قال الله تعالى ((ياأيها الذين آمنوااذالقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون .واطيعوا الله ورسوله ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ) )الآيتان 45 46/الانفال
إن التوتر الملحوظ هذه الأيام في العمل الجهادي بين الفصائل ،متوقع وليس مفاجئا ،وله أسباب ،منها :أن المحتل وقد قرر الخروج من العراق لا يريد أن يخلفه مشروع جهادي ناجح، بل يسعى بما يملك من مكر ودهاء إلى دس بذور الفتنة بين الفصائل، إلى الحد الذي يبدون فيه أمام الناس أصحاب أهواء وأطماع ليس إلا .
ومع حجم الأموال التي أنفقها المحتل في هذه السبيل، وإحداث الاختراقات في بعض الصفوف، وما جبلت عليه بعض النفوس من ضعف، وما يعتريها أحيانا من أثرة وأنانية، فإننا كنا نتوقع مثل هذا التوتر، وأحيانا الصراع.
وفي كل الأحوال يجب أن تتذكروا أن الله سبحانه لن يبارك يدا تقول إنها مجاهدة تمتد لتريق دم مجاهد آخر، أو تصده عن المضي قدما في سبيله، أو تسعى لاستغلال جهاده لمآرب من شأنها بث الفرقة في الصفوف، وإضعاف حال الجهاد.
ويجب أن تتذكروا في الوقت ذاته ان الذي لا يُقبل تحت أية ذريعة هو الاستعانة بالكافر المحتل على أخ لكم في الطريق ،مهما فحش خطؤه ،فهذا الداء الذي لا دواء له ،والعلة القاصمة للظهور،التي تأتي الهزيمة من قبلها.. فإياكم وإياكم..
قال سبحانه ((ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد ايمانكم كافرين. وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم ايات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم )) الآيتان 100 101/آل عمران
ومن جهة أخرى إذا حدث مثل هذا النزاع عافانا الله وإياكم فإننا سنمنى بخسارة معنوية فادحة، تتجلى في فقداننا الإحساس بنشوة النصر العظيم في معركة فاصلة كهذه يندر وقوعها عبر التاريخ، وهذا يجر إلى أن نفقد الرصيد التربوي والأخلاقي الذي يمكن أن نحصل عليه جراء النصر في هذه المعركة ،والذي نعول عليه في تربية أجيالنا القادمة على الثقة بالنفس ،والاعتزاز بالتاريخ، والتحلي بروح المثابرة والإقدام .
نحن إلى اليوم نربي أجيالنا على بطولات الصحابة الأجلاء، وآل البيت الأطهار، أمثال سادتنا عمر الفاروق وعلي الكرار وجعفر الطيار،وسيف الله خالد بن الوليد ،وبطل القادسية سعد ابن أبي وقاص وغيرهم رضي الله عنهم جميعا، فنروي قصصهم في الجهاد والفداء، للصغير والكبير، والنساء والرجال، فنشحذ الهمم، ونشد القلوب نحو السماء .
ويجب الإقرار من غير مجاملة بان ما قدمه المجاهدون المقاومون من بطولات في معركتنا هذه لا يقل شأنا عما قدمه الجيل الأول، وإذا انتهت الأمور على خير، ولم ينزلق أهل الجهاد في الفتنة، فان أبناء هذا البلد،والمسلمين بشكل عام سيظلون يستذكرون هذه البطولات بكثير من الفخر والاعتزاز حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، يستمدون منها العزم، ويستنبطون من قصصها دروسا عظيمة في التربية والسلوك، يتعاهدون أبناءهم عليها، ويغذون أجيالهم بمعانيها، وهذا في تقديرنا ما يسعى العدو إلى تفويت خيره علينا.
وهنا نجد أنفسنا مضطرين إلى التنويه بالحل الذي يقيكم الوقوع في مثل هذه الفخاخ، والذي ينبغي في تقديرنا أن يتخذ على عجل، وقبل فوات الأوان، ويتلخص في ضرورة العمل بشكل جماعي متناغم على تشكيل رؤية متفقة في تحديد معالم المستقبل للعراق، وأن يعلم كل فصيل انه لوحده لن يكون قادرا على رسم هذا المستقبل، والانفراد بصياغته على أرض الواقع، فالوضع في بلدنا معقد للغاية، ويحتاج الخروج من مأزقه إلى جهود كبيرة، وهذا لن يتأتى إلا بتوحيد القوى، وتركيز العمل، ومن ظن انه لوحده يستطيع أن ينجز هذا العمل فهو واهم للغاية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.