هداف الدوري السعودي.. رونالدو يواصل مطاردة ميتروفيتش وبنزيما    وزير الدفاع ينيب قادة الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية لوضع أكاليل الزهور على قبر الجندى المجهول    جنرالات النصر    11.7 تريليون جنيه ودائع مصريين وزيادة 181% في حساباتهم بالبنوك مقارنةً بعام 2016.. «البنك المركزي» يفحص 3210 شكاوى وطلبات    وزارة السياحة: انطلاق رحلة ركوب الدراجات الهوائية من الغردقة إلى مرسى علم    غدا إجازة بأجر للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر    زيادة إنتاج الغاز فى «باشروش».. و«توتال» تستعد لمناطق جديدة ..بدوى: شراكة مع شركات البترول العالمية وتسريع ضخ الاستثمارات    يسيطر عليها من رقم السيارة.. أساليب اختراق جديدة تغير قواعد اللعبة    الجيش الفرنسي يشهد حالة تأهب قصوى، اعرف السبب    مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: مصر تلعب دور تاريخي في دعمها للبنان    الادّعاء الروسي يطالب بسجن "مرتزق" أمريكي 7 سنوات    مسؤول سابق بالبنتاجون: «بايدن» يدعو دائما لوقف إطلاق النار في غزة وجنوب لبنان    الرئيس يتلقى التهانى بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر    أودينيزي يعود للانتصارات من بوابة ليتشي    «الدَّين» القاتل    "مكنش قصدى"، مقتل عامل على يد والده فى سوهاج    حالة الطقس بمحافظة البحيرة غدًا الأحد 6-10-2024    فرق مهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية تزور منطقة البحيرات المرة (صور)    يوم المعلم العالمي.. كيف يتبنى كل برج دور المعلم    الغيطانى وقبضايا وفاروق يوثقون لحظات النصر بالكلمة والصورة    نشوى مصطفي تغادر المستشفى غدا بعد تركيب 3 دعامات في القلب    طريقة عمل أم علي في البيت بأقل التكاليف    كيف تمنع ارتفاع مستويات السكر بالدم بطرق بسيطة من المنزل؟    الزمالك يسابق الزمن لتفادي إيقاف القيد مجددا    النني يفتتح أهدافه مع الجزيرة في الدوري الإماراتي    رواتب تبدأ من 6500 جنيه.. رابط التقديم على فرص عمل في القاهرة والتخصصات المطلوبة    قبرص: وصول أول رحلة تُقِل مواطنين أستراليين من لبنان    نادٍ إنجليزي جديد يزاحم ليفربول على ضم عمر مرموش    إصابة 13 شخصًا فى حادث انقلاب سيارة بالإسماعيلية    «الإفتاء» تنظم البرنامج التدريبي «التأهيل الفقهي» لمجموعة من علماء ماليزيا    الصحة: فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يتفقد مستشفى الغردقة العام ويحيل واقعة تقصير للشئون القانونية    إسرائيل تشن 5 غارات على ضاحية بيروت الجنوبية خلال الساعة الأخيرة    عاجل.. تأجيل إعادة محاكمة متهم بتفجير فندق الأهرامات الثلاثة لحضور المحامي الأصيل    نقابة المهن الموسيقية ترعى مؤتمر الموسيقى والمجتمع في جامعة حلوان    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 103 ملايين خدمة مجانية خلال 65 يوما    بعد انطلاق فعالياته.. 5 أفلام مصرية تشارك في مهرجان وهران السينمائي    خلال 24 ساعة.. تحرير 534 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    «إسلام وسيف وميشيل».. أفضل 3 مواهب في الأسبوع الخامس من كاستنج (فيديو)    رئيس الضرائب توضح تفاصيل جديدة بشأن إصدار فواتير إلكترونية    الكنيسة الأرثوذكسية تهنئ الرئيس والمصريين بذكرى نصر أكتوبر    التضامن تسلم 801 وحدة سكنية للأبناء كريمي النسب في 12 محافظة    خبيرة: مشروع رأس الحكمة أحدث استقرارا نقديا انعكس إيجابيا على مناخ الاستثمار    موعد مباراة منتخب مصر ضد موريتانيا في تصفيات أمم أفريقيا    في حوار من القلب.. الكاتب الصحفي عادل حمودة: "أسرار جديدة عن أحمد زكي"    شاهندة المغربي: أتمنى تحكيم مباراة الأهلي والزمالك في دوري الرجال    أكاديمية الشرطة تستقبل وفدا من أعضاء الهيئات الدبلوماسية بمجلس السلم والأمن    فرد الأمن بواقعة أمام عاشور: ذهبت للأهلي لعقد الصلح.. واللاعب تكبر ولم يحضر (فيديو)    تخفيضات 10%.. بشرى سارة من التموين بشأن أسعار السلع بمناسبة ذكرى أكتوبر    السد يعلن تفاصيل إصابة يوسف عطال.. ومدة غيابه    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها    تقرير أمريكي: السنوار اتخذ مواقف أكثر تشددا.. وحماس لا ترغب في المفاوضات    حاول إنقاذه فغرقا معًا.. جهود مكثفة لانتشال جثماني طالبين بهاويس الخطاطبة بالمنوفية (أسماء)    «تنمية المشروعات» يضخ 2.5 مليار جنيه تمويلات لسيناء ومدن القناة خلال 10 سنوات    بمناسبة اليوم العالمي للمعلم.. رسالة مهمة من وزير التربية والتعليم    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحالف بريطانيا مع الإسلام الراديكالي
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 12 - 2013

مادام الوصول إلي السلطة هو غايتهم الوحيدة فمن الطبيعي أن يكون التآمر والتخابر السري منهجهم. وما دامت سياسة الاغتيال واردة لمواجهة الخصوم أو مواجهة من يقف أمام مصالحهم, فالتجسس وإبرام صفقات خارجية نتيجة طبيعية كي تتحقق أهدافهم ومصالحهم.
وكل هذه الخطايا والسيئات للأسف هي باسم الإسلام وتحت شعار المخادعة والتلبيس لمصلحة الدعوة, فكل شيء وارد عند الإخوان وإن خالفوا صريح الشريعة التي يتسترون خلفها. هكذا يقول الصحفي البريطاني المخضرم مارك كيرتس في كتابه الأعلي مبيعا في المملكة المتحدة العلاقات السرية التحالف البريطاني مع الإسلام الراديكالي. وكشف الكتاب الوجه الخفي أو ما وراء الكواليس للعلاقات الخطيرة بين بريطانيا وجماعة الإخوان.فكل ما جاء في الكتاب تسنده وثيقة رسمية.ويعطي الكتاب أهمية خاصة لتلك الجماعة التي خرجت من مصر وانتشرت في دول العالم المختلفة ونجحت في البقاء علي قيد الحياة رغم كل ما تعرضت له من ضربات موجعة.ويقول كيرتس في كتابه إنه في وقت الاستعمار الإنجليزي وجد الاحتلال البريطاني لمصر مقاومة من قوتين: قوة الحركة القومية وقوة الحركة الدينية متمثلة في الإخوان المسلمين.وكانت سياسة بريطانيا تجاه الإخوان سياسة قمعية سعت للقضاء عليهم وكانوا بدورهم يحظون بحماية الملك فقد كان يمولهم في الأربعينيات, واعتبرهم قوة من الممكن أن يواجه بها الوفد والشيوعيين بحسب تقرير للمخابرات البريطانية عام.1942
يؤرخ لأول اتصال بين الإخوان والإنجليز في بعام1941, وهو العام الذي ألقي فيه القبض علي حسن البنا, مؤسس الجماعة, ولكن مع إطلاق سراحه سعت بريطانيا للاتصال بجماعته, وحسب بعض المصادر فإن بريطانيا عرضت علي الإخوان تمويلا ماليا مقابل تأييدهم لبريطانيا, لكن ليس هناك ما يثبت أو ينفي أنهم قبضوا التمويل فعلا, لكن في الوقت نفسه لوحظ هدوء نسبي في نشاط الإخوان المضاد لبريطانيا بعد العرض بقليل, ومن ثم فإن من المرجح أن العرض البريطاني حظي بقبول.
وبحلول عام1942 أصبح من المؤكد أن بريطانيا تمول الجماعة, ففي8 مايو عقد مسئولو السفارة البريطانية اجتماعا مع الوزير المصري الشهيرفي ذلك الوقت أمين عثمان باشا وناقشا العلاقة مع الإخوان واتفقا علي عدة نقاط منها تقديم مساعدات مالية لهم من حزب الوفد علي أن تتولي الحكومة بشكل سري التمويل الذي تأخذه من السفارة البريطانية, كما وافقت الحكومة علي دس مخبرين في الجماعة ومعرفة أسرارها ونقلها إلي السفارة البريطانية, يضاف إلي ذلك خلق شقاق بين حسن البنا وأحمد شكري, زعيمي الجماعة, دون اللجوء إلي ممارسات عنيفة ضد الجماعة فقد تبنت بريطانيا سياسة القتل الرحيم.
ونوقش في الاجتماع أيضا دور جماعة الإخوان في التصدي للحركات القومية المصرية المعادية للاستعمار, ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت بريطانيا تتعاون مع الإخوان علي الرغم من إدراكها خطورتهم.
وفي يونيو عام1952 صدر تقرير عن الخارجية البريطانية تحت عنوان مشكلة القومية رصد مخاطر المد القومي علي المصالح البريطانية, وبعد شهر من صدور هذا التقرير اندلعت ثورة يوليو أو ثورة جمال عبدالناصر الذي شكل تهديدا لبريطانيا, خاصة بعد تبنيه سياسة عدم الانحياز, وقد وصفت الخارجية البريطانية سياسته بفيروس القومية العربية. وفي محاولة للتصدي له سعت بريطانيا لاستغلال العناصر الدينية متمثلة في الإخوان المسلمين للقضاء عليه.في ذلك الوقت كان مرشد الجماعة حسن الهضيبي الذي عرف عنه عدم اللجوء إلي العنف, لكنه لم يكن قادرا علي إحكام سيطرته علي تيارات العنف داخل الجماعة, فأحيت الدعوة إلي الجهاد ضد البريطانيين, لكن تقريرا من السفارة البريطانية في القاهرة صدر عام1951 أكد عدم جدية الإخوان في شن هجوم علي التواجد البريطاني بمصر, وأشار تقرير آخر إلي أن بعض العمليات التي قام بها الإخوان ضد الإنجليز هي نتاج عدم انضباط داخل الجماعة ووجود تضارب بين سياسات القادة.
وكشفت وثائق بريطانية سرية عن محاولات لعقد اجتماع مع الهضيبي وعقدت بالفعل اجتماعات مع أحد مستشاريه, وهو ما يثبت أنهم علنا كانوا يعلنون الجهاد ضد الإنجليز وسرا يلتقون بهم, ووفقا للخارجية البريطانية فإن هذه الفترة شهدت تلقي الإخوان رشاوي ضخمة من الحكومة المصرية من أجل عدم إجرائهم أعمال عنف ضد النظام.
ومع قيام ثورة يوليو52 سارع الإخوان لتأييد الضباط الأحرار معتمدين علي وسيط سابق هو أنور السادات, وفي بداية1953 عقدت لقاءات مباشرة بين مسئولين بريطانيين وحسن الهضيبي, ولأن بعض الوثائق لا تزال سرية فإن المناقشات التي دارت بين الطرفين لم يكشف عنها بعد, إلا أن ريتشارد ميتشيل, المحلل الشهير لشئون الإخوان, أشار إلي أن هدف اللقاءات كان دفع الإخوان للمشاركة في مفاوضات الجلاء البريطاني عن مصر, مع ضمان وقوفهم ضد عبد الناصر الذي أدان هذه اللقاءات واتهم الهضيبي بقبول بعض الشروط البريطانية للجلاء وهو الأمر الذي صعب من موقف الحكومة المصرية في المفاوضات, ومارست بريطانيا سياسة فرق تسد, وتشير مذكرة رسمية إلي أنها هي التي أبلغت عبدالناصر بلقاءات الهضيبي معها.وتتضمن الملفات البريطانية أيضا إشارة لحدوث لقاءات بين الإنجليز وقيادات إخوانية في7 فبراير عام1953, وفيها أبلغ شخص يدعي أبو رقيق المستشار السياسي تريفور إيفانز رسالة مفادها إذا بحثت مصر في العالم بأجمعه عن صديق لها لن تعثر علي صديق سوي بريطانيا, وهي رسالة اعتبرتها السفارة البريطانية بمثابة إعلان عن وجود قادة داخل الإخوان لديهم الاستعداد للتعاون مع بلادها.وفي عام1954 أعلن جمال عبدالناصر حل الجماعة وفي أكتوبر من نفس العام تعرض عبد الناصر لمحاولة اغتياله علي يد التنظيم السري للإخوان في حادثة المنصة بالمنشية, وألقي القبض علي مئات من الإخوان وتعرض أغلبهم للتعذيب وهرب البعض الآخر للخارج, وفي ديسمبر تم إعدام ستة إخوان وتعرضت الجماعة إلي انتكاسة كادت تقضي عليها.العديد من الوثائق تؤكد ضلوع المخابرات البريطانية في محاولات قتل عبد الناصر والقضاء علي نظامه ويشير بعضها إلي اتصال بين مسئولين بريطانيين ومنهم نورمان داربيشير, رئيس مكتب المخابرات البريطانية, في جينف مع الإخوان المسلمين في سويسرا في إطار محاولات قلب نظام الحكم في مصر.
وعلي الرغم من تعاون بريطانيا مع الإخوان المسلمين, فإنها كانت مدركة لخطورة الجماعة وخطورة وصولها للحكم في مصر ولهذا فهي كانت لا تمانع في استغلالها لتحقيق أهدافها في المنطقة لكنها بالتأكيد لم تكن تدعم وصولها للحكم.
في تلك الفترة بدأت السعودية في نشر الفكر الوهابي لمنع المد الناصري, وساندتها بريطانيا في ذلك عام1962 عندما أعلن ولي العهد الأمير فيصل بن سعود عن تأسيس جامعة العالم الإسلامي التي تديرها وتمولها المؤسسة الدينية السعودية ونشرت الدعوة وبنت مساجد في مختلف أنحاء العالم, وكان من ضمن العاملين الأوائل فيها قيادات من الإخوان الذين ذهبوا إلي السعودية في الخمسينيات.
وتوثقت علاقة السعودية بعد وصول فيصل إلي الحكم مع عناصر الإخوان باعتبارهم وسيلة القضاء علي عبد الناصر الذي شن حملة جديدة لتفكيك الجماعة في منتصف ستينيات القرن الماضي.
ويقول كيرتس إن علاقات بريطانيا مع الجماعات والعناصر الإسلامية لم تكن في بلدان الشرق الأوسط فقط وإنما كانت داخل بريطانيا نفسها.
في هذا الإطار ظلت بريطانيا حريصة علي الحفاظ علي علاقاتها بالإخوان. فقد كان التحالف البريطاني مع الإخوان وسيلة للقضاء علي الحركات القومية العربية. واليوم وبعد مرور عقود من الزمن علي انهيار القومية العربية تواجه لندن وواشنطن مرة أخري موقفا يائسا من جديد في الشرق الأوسط, فسياساتهما تتعرضان للتحديات في أغلب الجبهات ولهذا فإنهما تبحثان عن حلفاء لهما وبالتالي فإن علاقة بريطانيا اليوم مع الإخوان هي استمرار لحرصها علي استخدام الإسلاميين كأداة مباشرة في سياستها الخارجية الساعية لصنع تحالفات تواجه أعداء محتملين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.