رغم ما تقدمه الحكومة من تسهيلات لتشجيع الاستثمارات للوصول بالصادرات المصرية الي200 مليار جنيه خلال العام القادم وتشغيل العمالة.. فإن القاهرة شهدت منذ بضعة أيام معرضا صينيا ضم منتجات استهلاكية لأدوات الزينة والمفروشات والأجهزة المنزلية ومستلزمات الحدائق والمطابخ والحمامات عرضها10 آلاف مورد صيني لتسويق منتجاتهم من خلال عقد اتفاقات مع المستوردين المصريين في عقر دارهم للتخفيف عنهم من شقاء السفر ومصروفاته الي الصين والتخلص من حلقة الوسطاء, مما يساهم في تخفيض أسعار هذه المنتجات المحلية علي المنافسة, وتعميق سياسة الاستيراد والاستهلاك لهذه المنتجات الرديئة التي تستنزف الاحتياطي من العملات الأجنبية. الصناع والمصريون طالبوا بضرورة مراجعة اقامة المعارض الأجنبية لتكون مشجعة علي الانتاج والتصدير من خلال عرض ماكينات الانتاج والتجارب الناجحة خاصة في المشروعات الصغيرة واقامة معارض وطنية مجاورة لهذه المعارض الأجنبية بما يساعد علي زيادة القيمة المضافة وتعميق شراء المنتج المحلي لدي كل مصري كما يقول علي عيسي نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين. ويضيف.. أن المنتجين الصينيين لديهم منتجات علي أعلي جودة يصدرونها الي أوروبا وأمريكا ولا يجرؤا علي تصدير السلع الرديئة إلي مثل هذه الدول.. لكن ما يتم تصديره الي السوق المصرية هي سلع رديئة تستنزف العملات الأجنبية ولا تعود علي الاقتصاد الوطني بأي منفعة مشيرا الي أن هؤلاء الموردين الصينيين وغيرهم من الزجانب اعتمدوا علي دراسة أحوال المستهلك المصري التي تكشف أن دخله المعيشي وقوته الشرائية ضعيفة اضافة الي جشع المستوردين المصريين ورغبتهم في تحقيق هامش ربح كبير في الصفقات التي يستوردونها مما يساعد علي سرعة رواج هذه السلع الاستهلاكية الرديئة. ويؤكد ان المنتجات الصينية تدعمها الحكومة هناك بمختلف أنواع الدعم المالي علاوة علي الانخفاض في قيمة العملة الصينية مما يجعل المنتجات المصرية لا تقدر علي المنافسة في عقر دارها وهو ما يهدد الصناعة المحلية التي تئن من مشاكل وعقبات عديدة تحاصرها مثل الضرائب وارتفاع أسعار المدخلات وتذبذب سعر العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية. مراجعة تصريحات الدخول ويطالب وزراء الداخلية والسياحة والقوي العاملة بالتفتيش الدوري علي تصريحات الدخول التي يحملها الأجانب لأن أعدادا كبيرة من هؤلاء الصينيين والجنسيات من الدول الأخري يفدون الي مصر بتأشيرة سياحية ثم يتحولون الي مستوردين للمنتجات الصينية ويقومون بتوزيعها وترويجها في المنازل وعلي المحال التجارية الصغيرة وهو ما يهدد الصناعة المحلية ويهدد بإغلاق المصانع والورش الصغيرة المعروف عنها بالعمالة الكثيفة. الغاء حلقة الوسطاء ويقول محمد يحيي أحد المستثمرين في قطاع الأثاث: إن مثل هذه المعارض الصينية لا تهدف الي البيع القطاعي للمواطنين فقط.. بل هدفها الأساسي خدمة التجار والمستوردين الذين لا يهمهم سوي حسابات المكاسب العالية حتي ولو كانت علي حساب الجودة للمنتج الذي يستوردونه وان ما يعرضه الصينيين في مثل هذه المعارض منافسة غير مشروعة حيث تعرض سلعا بأسعار متدنية لكن جودتها منخفضة عن مثيلاتها المصرية التي بالطبع تكون أسعارها مرتفعة مما يؤثر علي الصناعة الوطنية مشيرا الي ان دول اوروبا لا تسمح للمصدرين الصينيين بالمشاركة في معارض الأثاث العالمية مثل معرض ميلانو بل يسمح لهم بالدخول كزائرين فقط وتفرض عليهم قيودا عند الدخول حيث لا يسمح لهم بالتصوير أو أخذ بروشورات للتعريف بالمنتج حتي لا يقلدونه ثم يغزو هذه المنتجات في عقر دارها. أما الدكتور صفوت العالم أستاذ التسويق والإعلان بإعلام القاهرة فيصف إقامة مثل هذه المعارض بالقول ان المسئولين في مصر يحاربون أنفسهم بأيديهم عمدا لأن الموردين الصينيين يهدفون من ورائها القضاء علي الوسطاء المصريين في عملية استيراد هذه السلع الصينية بغرض تخفيض اسعار استيرادها وضمان وصولها الي مصر بأسعار متدنية لتوسيع نشاطهم التصديري وضرب الصناعة الوطنية مما يمثل استنزافا للعملات الأجنبية فيؤدي الي ارتفاعها وظهور السوق الموازية وما يقال علي السلع الصينية ينطبق علي المعارض السورية والتركية مما يؤدي الي اغراق السوق المحلية بمثل هذه المنتجات التي تدعم الاقبال علي السلع الأجنبية الاستهلاكية وتحارب المنتج المصري. ويؤكد العالم إن مثل هذه الدول تنفذ خططا تسويقية تجريها مسبقا في مصر بواسطة وكلاء لها سواء كانوا أجانب أو مصريين. ويطالب بضرورة عودة أسواق ومعارض الشباب التي تهتم بالصناعات الصغيرة وأن تحاور هذه المعارض التي تنظمها الدول الأجنبية حتي تبعث برسالة وطنية الي المستهلك بتشجيع المنتج المحلي ولابد للدولة ان تقف بجوار هؤلاء الشباب في تطوير منتجاتهم وتوفير التمويل الرخيص والسهل ومدهم بالخبرة والتكنولوجيا لتمكينهم من المنافسة. ويضيف الأسواق المحلية أصبحت متخمة بالمفروشات وأدوات الزينة والتوك توك وغيرها من السلع الاستهلاكية التي تستنزف الاحتياطي من العملات الأجنبية في الوقت الذي أغلقت فيه الورش والمصانع الصغيرة. جانب ايجابي في الظروف الحالية لكن الدكتور سعيد عبد الخالق وكيل أول وزارة الاقتصاد الاسبق له رأي اخر.. فهو يري إن مثل هذه المعارض لها جانب ايجابي يعكس رؤية إعلامية للمستثمرين الأجانب بأن مصر بدأت تسيير فيها الأمور بشكل طبيعي وانها تستقبل الاستثمارات وليس هناك أي عقبات كما تردد بعض وسائل الإعلام الأجنبية بل إن هذه المعارض تعد رسالة تشجع علي جذب السياح والموردين الأجانب علي ان يفدوا الي مصر لتشجيع السياحة وزيادة الاشغال في الفنادق, أما الجانب السلبي فهو اقتصادي يتمثل في ضرب الصناعة الوطنية وليس من الذكاء أن يسمح المسئولين بإقامة مثل هذه المعارض للدول الأجنبية دون أن يكون هناك معارض للمنتجات المحلية تجاورها في المكان والزمان مؤكدا ان الحكومة ازاء مثل هذا الإجراء قد جانبها الصواب وهي تمتلك زمام الأمور في يدها لأن الصناعة والمنتجات الصينية ليست بحاجة الي ترويج لكن هؤلاء اقتحموا كافة مجالات الاستهلاك ولابد من تشجيع مصنعي الالات والماكينات التي تضيف قيمة مضافة من الخامات المحلية الي المنتج المصري وليس تعميق نزعة الاستهلاك للمنتج الأجنبي.. فنحن بحاجة الي رواد الأعمال لمساندة الدولة والاقتصاد.