أقرت لجنة الخمسين المعنية بصياغة الدستور عددا من المواد المهمة الخاصة بوضع وسائل الإعلام في الدستور الجديد, وتبشر هذه المواد في مجملها العام بعصر جديد لحرية الإعلام, باعتباره دعامة أساسية لتحقيق الديمقراطية المعاصرة في مصر. تتضمن مواد الإعلام إيجابيات عديدة, يأتي في مقدمتها النص الصريح علي أن حرية الإعلام بجميع وسائله وأشكاله مكفولة, كما صار بنص واضح وصريح أن الرقابة محظورة علي وسائل الإعلام باستثناء حالة الحرب أو التعبئة العامة لها. كما يحق للمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية إصدار الصحف بمجرد الإخطار. وينظم القانون إجراءات التملك والإصدار. وعلي مستوي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والرقمية يحق للمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية إنشاء هذه الوسائل علي النحو الذي ينظمه القانون. كما نصت مواد الإعلام في الدستور الجديد أيضا علي عدم جواز مصادرة أو تعطيل أو إيقاف الصحف بشكل تعسفي. كما تحقق مواد الإعلام في الدستور الجديد نصرا جديدا للجماعة الإعلامية في مصر من خلال إلغاء عقوبة الحبس في جرائم النشر, وذلك بالنص صراحة علي عدم جواز حبس الصحفيين في جرائم النشر باستثناء التحريض علي العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في الأعراض. كما حققت الجماعة الإعلامية انتصارا كبيرا بالنص صراحة في مواد الإعلام بالدستور الجديد علي التزام الدولة بضمان استقلال وسائل الإعلام المملوكة للدولة من صحف وإذاعة وتليفزيون, بما يضمن تعبيرها عن جميع الاتجاهات والآراء في المجتمع. ووفقا لمواد الدستور الجديدة, تلتزم الدولة أيضا بالإفصاح عن المعلومات وتوفير البيانات والإحصائيات وإتاحتها وتداولها بشفافية, بما يحقق مطلبا تاريخيا للإعلاميين بأهمية حرية تداول المعلومات بما لا يضر بالأمن القومي للبلاد. ولعل إقرار مواد الإعلام في الدستور الجديد, تبرهن علي بدء مرحلة تاريخية جديدة في حياة الإعلام المصري ليتحول إلي إعلام خدمة عامة بدلا من وصفه بالإعلام الحكومي. إن استقلال إعلام الدولة وتعبيره عن جميع الاتجاهات والآراء في المجتمع المصري يتطلب النص الصريح في الدستور الجديد أيضا علي أن المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع والمجلس الأعلي للصحافة ينعمان في تشكيلهما وأداء مهامهما بالاستقلال الكامل, حتي نضمن التحول الكامل للإعلام المصري من إعلام حكومي إلي إعلام خدمة عامة. ورغم أن مواد الإعلام في الدستور الجديد تعد نصرا تاريخيا وتتويجا واضحا لكفاح الجماعة الإعلامية من أجل حرية الإعلام, إلا أنها تتضمن في ذات الوقت مسئولية مستقبلية كبيرة علي الجماعة الإعلامية في تفعيل آليات الضبط الذاتي لمهنة الإعلام, وذلك من خلال المسارات المختلفة التي تضمن تحقيق الكود المهني والأخلاقي في أداء الإعلام المصري. وذلك بتفعيل عدة مسارات للضبط الذاتي في الأداء الإعلامي, من خلال تفعيل دور نقابات الإعلام في محاسبة أعضائها, وعقد برامج التدريب وتنمية المهارات المهنية للإعلاميين المبتدئين, وتفعيل دور جمعيات المشاهدين والمستمعين والقراء في تحقيق الرقابة الجماهيرية علي الأداء الإعلامي, وذلك بهدف الحفاظ علي حرية الإعلام والارتقاء بالأداء المهني والأخلاقي له. لمزيد من مقالات د . عادل عبد الغفار