فيما يزال الجدل دائرا حول أسعار الدواء.. تختلف وجهات النظر بين الصناع وبين المستهلكين.. حاولنا أن نبحث عن الحقيقة!! د. مكرم مهني رئيس مجلس إدارة إحدي شركات الأدوية يري أن صناعة الدواء مثل بقية الصناعات تتأثر بالمدخلات وهي التكلفة, وبذلك لابد من تغير المخرجات وهي السعر, ولكن الدواء هو السلعة الوحيدة الذي يشذ عن هذه القاعدة نظرا لتحديد سعره منذ سنوات طويلة دون تحريك, بسبب زيادة التكلفة أو تغيير سعر الصرف, مما جعل هذه الصناعة تبدأ في التراجع, حيث إن22% من عدد المستحضرات المتداولة في السوق تسبب خسارة للشركات المختلفة, ونظرا لأننا نتعامل مع دواء له بعد اجتماعي مؤثر كما يؤكد د.مكرم ويعمل علي صناعته مجموعة من الشرفاء, لكان هناك أكثر من 2000 صنف قد تم إختفاؤها من الأسواق تماما بمنطق الربح والخسارة. وهناك بعد آخر وهو أن الدواء أحد السلع الأساسية الثلاث مع البنزين ورغيف العيش. غير أن الأول والثاني يتم دعمهما من الحكومة, أما الدواء فليس له من يدعمه, ومطلوب من الصناعة أن تمتص كل هذه التبعيات! ورغم الجودة العالية والأمان اللذين يتمتع بهما الدواء المصري, إلا أنه يعد من أرخص الأسعار علي مستوي العالم, فالمطلوب كما يضيف د. مكرم مهني وضع نظام شفاف وعادل لتسعير الأدوية الجديدة, والنظر في الأسعار المتدنية والتي في بعض الأحيان تكون جنيهات قليلة لتحريك سعرها حسب التكلفة الفعلية ضمانا لاستمرارية هذه الصناعة, لأن البديل مخيف جدا وهو الاستيراد من الخارج, وذلك سيكون بخمسة أضعاف السعر الموجود حاليا!! ويخشي د. مكرم أن يضطر بعض الصناع تحت ضغط هذه الظروف إلي انتاج كميات صغيرة من هذه الأصناف المخسرة لتقليل خسائرهم, فيكون علي المريض البحث عن دوائه في أكثر من مكان وصيدلية, مما يكلفه جهدا وطاقة أكثر بكثير مما لو تحرك السعر. ويجب علي وزارة الصحة النظر إلي هذا الأمر بعين اقتصادية وتأخذ في الاعتبار أيضا البعد الاجتماعي ضمانا لاستمرار هذه الصناعة, وذلك بإصدار قرار تسعير جديد يتناسب مع كل ما سبق, وقد تم قبل ذلك مناقشة هذا الموضوع مع مجموعة من وزراء الصحة السابقين, ولكن غلب وقتها البعد السياسي علي البعد الاقتصادي مما جعلهم يؤثرون السلامة!! ويشدد د. مجدي علبة رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات علي حتمية الاهتمام بهذه الصناعة المهمة والحيوية, حيث انها تعتبر أمنا قوميا لهذا الوطن, والمثال حي أمامنا وهي شركات قطاع الأعمال التي تخسر اليوم 128 مليون جنيه سنويا بسبب عدم وجود استراتيجيات وخطط مستقبلية واضحة. كما يشير إلي عنصر مهم وهو أن صناعة الدواء وشركاتها جزء لا يتجزأ عن الصيدليات الخاصة, بمعني أن كلا منهما يكمل الآخر, فهذا ينتج وذاك يبيع, فإذا تأثر أحدهما تأثر الآخر بالتبعية, فما تعرضت له شركات الأدوية كان له تأثيرات سلبية علي هذه الصيدليات, وزاد من هذه التأثيرات ثبات نسبة ربح الصيدلي علي مدي سنوات عديدة.