الفوضي الإعلامية التي تشهدها بعض برامج' التوك شو' علي القنوات الفضائية تدعو لوقفة للتأمل, فلابد من الإلتزام بمعايير الأداء المهني حتي يكون لتلك البرامج دورا في النهوض بالمجتمع وكشف الحقائق وليس الإضرار به وتضليل المشاهدين. فكم من جرائم إعلامية ترتكب علي الشاشات بسبب عدم تطبيق القواعد المهنية من خلال تحيز المذيع وإغفاله لسرد الحقائق وإنحيازه لجانب ووجهة نظر واحدة وهو ما ينطبق علي المذيعة لميس الحديدي, التي علقت علي خبر بجريدة الأهرام العريقة بشكل غير محايد مما أثار حفيظة الكثيرين وتناست أن احترام وجهات النظر المختلفة وتقصي الحقائق وعدم إقحام رأي المذيع بالتعليق مع أو ضد أحد الأطراف أمور ضرورية بل هي أساس قواعد مهنة الأداء الإعلامي. فقد كانت لميس الحديدي تقود الحملة الإنتخابية للرئيس الأسبق حسني مبارك ومع ذلك أصبحت من مؤيدات ثورة52 يناير بعد نجاحها ووجهت طاقتها وبرامجها علي الشاشة من أجل إثبات ذلك, وتقبل منها البعض ذلك مراعاة لمفهوم اختلاف وجهات النظر وهو ما لم تتبعه في برنامجها هنا العاصمة الذي يذاع علي قناة سي بي سي. وعلق علي ذلك د.عبد الله زلطة أستاذ الإعلام قائلا: أتعجب مما تقوم به لميس الحديدي من إقحام رأيها في كل صغيرة وكبيرة وتدخلها بشكل فج في التعليق علي الأحداث وأري أنه من الخطورة إقحام رأي المذيع في تناول القضايا التي تشغل اهتمام الرأي العام فقد يكون متحيزا لجانب دون الآخر, فمن أدبيات العمل التليفزيوني بصفة خاصة ألا يقحم المذيع رأيه علي المشاهدين. ففي واقعة تناولها لما نشره الأهرام حول ما يمكن تسميته صفقة بين المحامين ورئاسة اللجنة حول منح حصانة علي غرار حصانة القضاء في مقابل الإبقاء علي مجلس الشوري تعجبت من أدائها الإعلامي وطريقة سردها للخبر, فكان كافيا إجراء المذيعة اتصالين مع عمرو موسي وسامح عاشور لاستيضاح الحقيقة وإعلام الرأي العام والملاحظ أنها هي الوحيدة التي أثارت هذه القضية ولو كانت قضية بالفعل وتستحق التناول لتناولتها معظم البرامج في معظم القنوات إلا أن هذا التناول من جانبها كان تناولا في غير موضعه, وإساءة ما كانت يجب أن تحدث منها لجريدة كبري كجريدة الأهرام. وأضاف: لماذا أقحمت لميس نفسها في موضوع التغييرات الصحفية دون داع وذلك في الوقت الذي كانت تتناول فيه موضوعا آخر ولماذا تسئ لتناول جريدة كبري كجريدة الأهرام اجتهدت في قضية تهم الرأي العام, ثم إن هناك مصادر أدلت بهذه المعلومات للمحرر الذي لم يختلقها ولم يدل برأيه فيها بل نقل ما ذكرته المصادر ولذلك فقد جاء تناول القضية بطريقة فجة وغير موضوعية ووقعت في خطأ مهني بأدائها. وهو ما أكده د.عادل عبد الغفار أستاذ الإعلام قائلا: لابد أن يتنبه المذيعون الصحفيون لخطأ جسيم يقعون فيه بشكل كبير حيث يخلطون بين سرد الخبر وبين التعليق بالرأي, وهو ما يحدث مع لميس الحديدي فلابد من اتباع قواعد المهنية المتفق عليها في الأداء الإعلامي ولذلك فنجد فرقا كبيرا بين أدائها الإعلامي علي الشاشة وأداء مذيعين تليفزيونين كمعتز الدمرداش وريهام السهلي مثلا اللذين يستطيعان تحقيق التوازن والأداء المهني وفق المعايير السليمة لأنهما من مدرسة الإذاعة والتليفزيون فيلتزمان بالحياد والإعتدال علي عكس غيرهما ممن يعتبرون البرنامج التليفزيوني امتدادا لمادة الرأي وهو أمر مرفوض. واتفق علي نفس الرأي د.رفعت الضبع أستاذ الإعلام الذي أكد أن الإلتزام بقواعد ومعايير العمل الإعلامي هي أساس التفاف المشاهدين حول أي مذيع ولذلك فلابد أن يكون المذيع محايدا ولا يلتزم بوجهة نظر طرف واحد لمهاجمة الطرف الآخر وألا يقحم رأيه الشخصي فبعض برامج التوك شو يصح أن يطلق عليها مسمي برامج الرأي لأن المذيع لا يلتزم بدوره في الأداء الإعلامي.