ما من شك في أن حرية التعبير عن الرأي والتظاهر حق مكفول لكل طالب جامعي مادام ذلك يأتي في إطار الانضباط والسلمية, ومن المعلوم أن دور العلم لا تقل احتراما عن دور العبادة وأن الجامعة محراب له قدسيته وأنشئ خصيصا من أجل تحصيل العلم والبحث العلمي وتكوين شخصية الطالب وليس ساحة للصراع السياسي والتحزب والاحتقان المجتمعي بين الطلاب المؤيدين والمعارضين لنظام الحكم, الأمر الذي يلقي بظلاله علي الأوضاع داخل الحرم الجامعي, هكذا يبدو المشهد داخل جامعة الأزهر وجامعة القاهرة والجامعات بالأقاليم مشتعلا ومشحونا بحالة من الغضب والانقسام والاحتقان بسبب مظاهرات مغلفة باتجاهات سياسية وخرجت عن سلميتها وأدت في النهاية إلي إصابات وصدامات واشتباكات وتخريب منشآت وممارسات عنيفة الأمر الذي قد ينشأ من أجل تعطل العملية التعليمية واظهار حالة عدم الاستقرار بالبلاد وأضعاف الدولة وضياع هيبتها ووضعها موضع العاجز عن إدارة شئون البلاد, وفي كل الأحوال نحن نرحب بالتظاهر السلمي في إطار من الحرية والتعبير عن الرأي, فالطلاب المتظاهرون من المفترض أن لديهم رسالة يوصلونها من خلال تظاهراتهم السلمية, لذا يجب تنظيم عملية التظاهر السلمي داخل الحرم الجامعي باعتبارها حقا أصيلا من حقوق الطالب وواحدا من مكتسبات ثورة25 يناير, وفي هذا السياق اقترح بعض الضوابط الأساسية التي ينبغي أن تتسم بها المظاهرات داخل الحرم الجامعي علي النحو التالي: ينبغي الحصول علي تصريح مسبق من إدارة الجامعة بمدة لا تقل عن ثلاثة أيام من بدء انطلاق المظاهرة وتحديد مسارها والأماكن التي تمر بها وموعد انطلاقها ومن يقودها وأسباب التظاهر الذي يقتصر علي منسوبي الجامعة فقط. أن تسير المظاهرة بعيدا عن المدرجات والمعامل والفصول الدراسية لعدم تأثيرها علي سير العملية التعليمية مع عدم دخول الطلاب المتظاهرين كليات الجامعة والتظاهر فيها والاعتصام بها فضلا عن عدم استخدام ميكروفونات أو أبواق مكبرات صوتية أو دفوف وطبول وآلات موسيقية لكي لا تؤثر علي أداء المحاضرات والدروس العملية. عدم توجيه القذف والسباب أثناء التظاهر إلي أي فرد من أفراد الدولة مع عدم استخدام شعارات وتعبيرات بذيئة تسيء لأي فصيل أو عناصر لها انتماءات خاصة, فضلا عن عدم توزيع مطويات أو منشورات أو تعليق لافتات تنطوي علي الدعاية الحزبية والتحريض ضد فصيل ما. منع إقامة خيام أو منصات داخل الحرم الجامعي الهدف منها التجمع والاعتصام واستخدامها كغرفة عمليات لتحريك الطلاب وحثهم علي الصدام واستخدام العنف والشدة داخل الحرم الجامعي. عدم ارتداء أقنعة أو تغطية وجه المتظاهر في شكل ملثم مع عدم حمل سلاح أيا كان نوعه لأن هذه الممارسات تعني أن الطالب عقد العزم والنية علي الخروج علي القوانين والأعراف الجامعية. عدم تخريب أي منشأة جامعية أو التعدي علي ممتلكات الجامعة بصفة عامة فضلا عن عدم تشويه المظهر العام بتلك المنشآت بالكتابة علي جدرانها بالأحبار والاسبراي الملون بشعارات وكلمات ورسم أشكال تسيء لفصيل ما أو تؤيد فصيلا آخر. ينبغي علي طلاب الجامعات المتظاهرين المواظبة علي حضور المحاضرات والدروس العملية وعدم المشاركة في المظاهرات إلا في أوقات الفراغ فقط. يجب توقيع العقوبات التأديبية المتدرجة حسب المخالفة والنصوص عليها في قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية علي الطلاب الخارجين علي القانون ويجوز لرئيس الجامعة إحالة الطلاب الحاملين للأسلحة والشماريخ والمولوتوف وغيرها ومخربي الممتلكات الجامعية والمتسببين في إحداث الشغب إلي النيابة العامة للتحقيق معهم مع عدم دخولهم الجامعة لحين الانتهاء من التحقيق. ينبغي علي الجامعة تأمين وحماية الطلاب المتظاهرين مادام التظاهر في إطار سلمي متحضر تماما والتصدي لأي اشتباك بين الطلاب المؤيدين والمعارضين وتأمين الجامعة وأفرادها مع الاستعانة بكاميرات مراقبة لإحكام السيطرة ومراقبة جميع الممارسات داخل أروقة الجامعة, وإن تطلب الأمر استدعاء الشرطة داخل الحرم الجامعي في حالة الضرورة القصوي للقبض علي هؤلاء الطلاب الخارجين علي القانون في ضوء قرار مجلس الوزراء في هذا الشأن. د.حسن علي عتمان - نائب رئيس جامعة المنصورة