منذ ان هبط أبونا آدم من جنة السماء الي الارض وحلم العودة للجنة الموعودة يسكن أحفاده حتي قيام الساعة.. ومنذ ذلك الوقت سكن الحلم النبوءة الدينية وتعلق بنبوءة تغيير المناخ لتعود به للفردوس. وكان ومازال العرب أحفاد القبائل العربية القديمة أو البائدة الذين سكنوا منذ خمسة الاف عام قبل الميلاد فردوسهم بمنطقة الربع الخالي هم الاكثر اشتياقا لحضارتهم القديمة ولفردوسهم المفقود. ومنذ ثلاثينات القرن الماضي جرت محاولات للعثور علي مدن العرب الاسطورية وفك طلاسمها لمعرفة حقيقة التغيرات المناخية التي جرت منذ خمسة آلاف سنة وأدت لهجرة قبائل العرب البائدة شمالا للعراق وللشام لتبدأ مرحلة جديدة من رسالة السماء لهداية أهل الارض ببعثة خليل الله ابراهيم عليه السلام في حقبه مناخية جافة سادت بلاد العرب وشمال افريقيا ومنها مصر. ومع مجيء بعثة محمد بن عبدالله ص كان حلم العودة للفردوس المفقود يسكن عقول ووجدان قبائل العرب فاكد لهم نبي الله ما تخبرهم به حكاياتهم عن هذا الفردوس المفقود بانه كان حقيقة ونبأهم في حديث مسند للصحابي أبي هريرة بفردوس ارضي موعود قائلا: لن تقوم الساعة حتي تعود بلاد العرب مروجا وأنهارا. وموضع الجنة الموعودة هو الربع الخالي من اي مظاهر للحياة والذي لاتقل مساحته عن650 الف كيلو متر و لم يجرؤ أحد علي الدخول اليه حتي البدو الرحل كانوا يعيشون علي اطرافه ولم تجر محاولات اقتحامه إلا مؤخرا. الدكتور الجيولوجي حسني حمدان قال لي أن منطقة الربع الخالي أو بلاد العرب القديمة تمتد من حضرموت باليمن الي البتراء بالاردن وأن معظمه حاليا ضمن حدود المملكة السعودية وأجزاء منه في الإماراتوالكويت. ومرت هذه المنطقة بفترات مطيرة عديدة كانت آخرها من10 الاف سنة حتي بداية الألف الخامسة قبل الميلاد قبل ان يحتلها الجفاف وخلال هذه الفترة قامت حضارة عربية سادها الرخاء والثراء كانت تجري في أراضيها الأنهار والبحيرات وتزدهر بالبساتين والاشجار والغزالان والحيوانات وأسود الغابات ويعيش سكانها حياة مترفة وأطلق عليها المؤرخ اليوناني القديم هيرودوت اليمن السعيد ورسم لها بطليموس المصري خريطة. القبائل العربية التي سكنت هذه المنطقة حسب تاريخ ابن كثير هم أصل للعرب ومنهم عاد وثمود وجرهم وطسم وجديس وأميم وعبيل وبار. وقد انقرضت قبل مجيء الاسلام. إلا أن نسبهم العربي استمر بزواج نبي الله إسماعيل بامراة تنسب لقبيلة جرهم لذا فان اسماعيل السرياني هو أصل العرب المستعربة. ويحاول علماء الانثوبولوجي علم الانسان التأكد من أن العرب الذين هجوا من جفاف الربع الخالي هم اصل الأكاديين والأموريين الذين سكنوا العراق والشام ومنهم جاء نبي الله ابراهيم الذي بشر بالتوحيد مرة أخري بعد اختفاء قوم عاد وثمود الذين جحدوا نعمة الله وكفروا بأنبيائه. واهتم المؤرخون والجغرافيون العرب القدامي بأساطير ومدن العرب الغابرة وبالذات قوم عاد وثمود الذين شيدوا مدنا من أشهرها إرم ذات العماد الضخمة والتي قال عنها الله ألم تر كيف فعل ربك بعاد, إرم ذات العماد, التي لم يخلق مثلها في البلاد, وثمود الذين جابوا الصخر بالواد... ويري الدكتور حمدان أن تحليل الصور الفضائية التي التقطتها الأقمار الصناعية كشفت عن أنه تحت رمال الربع الخالي نهر كبير يخترق شبه الجزيرة العربية من الغرب للشرق تشغل دلتاه دولة الكويت. ودلت الصور علي أطلال قلعة بالقرب من عدن معروفة باسم حصن الغراب عثر فيها علي نقش علي رخام يتحدث عن العيشة الرضية والرفاهية وأنهار تفيض بالماء مندفعة وتحيط بها مياه البحر في فترات المد البحري ويرفل سكانها في ملابس حريرية موشاة. كما كشف أيضا في منطقة شيسعر في ظفار بسلطنة عمان عن طريق للقوافل مدفون تحت الكثبان الرملية علي مكمن أو بئر مائية قديمة وقلعة مثمنة الأضلاع ذات أبراج وجدران شاهقة لمباني يصل ارتفاعها لعشرة أمتار تضم عددا من غرف التخزين وغرف للسكن فوقها. ويبدو أنها المدينة التجارية التي كان يتحدث عنها أعراب الربع الخالي وسموها أوبار ويري باحثون انها مدينة إرم ذات العماد حيث ذكرت في سجلات مدينة تجارية سورية قديمة حيث احتكر قوم عاد لالآف السنين تجارة الصمغ أو اللبان العربي والبخور مع مصر القديمة وفينيقية أوالشام. وآثار هذه المدينة قريبة الشبه من مدينة إرم التي لم يخلق مثلها في البلاد. وتحدثت عنها كتب اليمن القديمة وذكرها الامام القزويني الذي عاش في القرن الثالث عشر الميلادي, في كتابه آثار البلاد وأخبار العباد, ولكن بصورة مبهرة ولذلك يعتقد البعض أنها قد لاتكون مدينة إرم المفقودة. وفي كتابه, ذكر أن هذه المدينة تقع بين صنعاءوحضرموت والذي بناها هو شداد بن عاد, وكان من الجبابره أو العماليق وكان يسعي لتحدي الله ويحاكي بها علي الأرض جنته في السماء والتي قصورها من ذهب وفضة وتجري الأنهار تحت مساكنها وغرفها فوقها غرف أعدت للمتقين. ورواية القزويني عن إرم منسوبة لشخص عاش في زمن معاوية ابن أبي سفيان ويدعي عبدالله بن قلابة بكسر القاف, وكان الشخص الذي تنطبق عليه الأوصاف التي ذكرها رواة الأساطير العربية لدخول هذه المدينة المفقودة حيث قادته إبله الضالة لابوابها وأنه قدم لمعاوية جواهر من جدرانها ومسكا وزعفرانا من شوارعها!. وذكر القزويني أن شداد بن عاد وقومه أماتتهم صيحة قوية من السماء وهم في طريقهم لدخول المدينة الأسطورية إلا أن حديث العقاب الالهي الوارد بالقرآن كان رياحا باردة شديدة مصحوبة برمال كثيفة لمدة سبع ليال وثمانية أيام قتلتهم جميعا وأخفت مدينتهم تحت الرمال الكثيفة ولم ينج منها إلا من اتبع النبي هود وكان من أتباعه أحد أبناء شداد ورحلوا لحضرموت. وكان عقاب الله لهم بسبب كفرهم وتجبرهم وتحديهم له وعدم الخوف من انتقامه برغم تحذير هود لهم. والغريب أن القزويني ذكر أنه عثر بعد زمن علي قبر شداد محفورا في جبل بحضرموت وأنه كان عظيم الجسم, أما السرير الذي وضع فيه فكان من الذهب وعليه نقش بحكايته في شكل شعر عربي. واعتمد رحالة بريطانيون في القرن العشرين علي كتب وخرائط يمنية واغريقية قديمة في محاولات لم تنجح لتحديد موقع هذه المدينة إلا مؤخرا عن طريق الاقمار الصناعية. وكانت أول رحلة موثقة للرحالة الإنجليزي برترام توماس عام1932 وتحدث فيها لأول مرة- نقلا عن أعراب- عن مدينة أوبار. أما عميل المخابرات البريطانية جون فيلبي الذي عرف لدي القبائل العربية في هذه المنطقة باسم الشيخ عبدالله فقام بعدة رحلات استكشافية للعثور علي هذه المدينة في نفس ذلك العام ولم ينجح أيضا. ورغم أن الرمال الناعمة تغطي الربع الخالي بارتفاعات تصل لنحو200 متر إلا انه حسب رأي الدكتور حمدان فان بين هذه الرمال فراغات تحتها صخور صلبة تحتها أنهار من المياه خزنها الله في باطن الأرض خلال حقب جيولوجية عديدة كان الشتاء يغطي خلالها سطح الكرة الأرضية. والنبوءة الدينية تلتحم الآن بنبوءة مناخية باحتمال حدوث تغير كبير في مناخ الكرة الأرضية شبيه بفترة عصر ما بين الجليدين حيث ساد مناخ معتدل منطقة الربع الخالي, وكان الجليد يغطي شمال أوروبا في إشارة لاحتمال تكرار الدورات المناخية التي مرت علي الكرة الأرضية. فهل هبوب عواصف مدمرة علي الأرض وآخرها عاصفة ساندي علي الساحل الشمالي الشرقي لأمريكا في أكتوبر2011, والتي قتلت121 شخصا وأظلمت خلالها نيويورك, هي إرهاصات لانقلابات قادمة في مناخ الكرة الأرضية؟ خبير الارصاد الدكتور مجدي عبد الوهاب تحدث لي عن تزحزح أحزمة الأمطار مؤخرا من الهند إلي باكستان وبنجلاديش وأحزمة السخونة من فوق السعودية إلي البحر الأحمر ومصر وشمال إفريقيا مشيرا الي أن التغيرات الأساسية للمناخ يتحكم فيها أساسا تغيير محور الارض وأن الدورات المناخية تتم كل30 أو40 ستة نشهد خلالها عشر سنوات أسخن من عشر سنوات أخري إلا أنه لا يمكن التنبوء بهذه الدورات لعدم وجود خرائط لها وأن أقصي مدة للتنبؤ بالطقس لاتزيد علي عشرة أيام فقط, وهذا يعني أن التنبؤ بدورات مناخية صعب علميا وأن الانقلابات المناخية في يد العلي القدير, مما يربط التنبؤ بالمناخ- حتي الآن- بالنبؤة الدينية. أما ظاهرة الاحتباس الحراري بسبب تلويث الانسان لبيئة الأرض ليس سوي خربشات طفل علي سطح الأرض كما وصفها بذلك لي المرحوم الدكتور عبده شطا شيخ الجيولوجيين المصريين, وأن الانقلاب المناخي لن يحدث إلا تدريجيا. وإذا هطلت الأمطار شتاء بالاضافة لهطولها الموسمي صيفا علي هضبة الحبشة فان الأمطار الغزيرة ستعود لأرض العرب وعندئذ فقط يعود الفردوس الموعود وتتحقق النبؤة.