ليس من العدل والإنصاف أن يستمتع الذكور من الشباب والرجال بالتنزه والتريض في الحدائق والمتنزهات خلال الأعياد والمناسبات والعطلات أو حتي المظاهرات, بينما تقبع الفتيات والسيدات في المنازل خوفا ورعبا من التعرض للتحرش في الطريق العام, وهو فعل فاضح سواء التلفظ بألفاظ جارحة إباحية أو جنسية أو ارتكاب انتهاكات بسيطة أو تصعيد صريح بلمس أي مكان في جسم الفتاة, ويعرف المركز المصري لحقوق المرأة التحرش بأنه كل سلوك غير لائق له طبيعة جنسية يضايق المرأة أو يعطيها إحساسا بعدم الأمان, والعجيب أن المتحرش لا يفرق بين من كانت محجبة أو منتقبة أو محتشمة, فهو كأي حيوان يري الأنثي فقط, ونتساءل عن تفاقم هذه الظاهرة في الحالة الراهنة مقارنة بفترات سابقة: لماذا كانت أقل بكثير؟, فنجد أسبابا كثيرة, وبالطبع لا تبرر بأي حال من الأحوال ارتكاب جريمة التحرش أيا كانت الدوافع, أول هذه الأسباب وأهمها هو الفراغ الأمني الذي حدث بعد ثورة52 يناير1102 واستغرق فترة كبيرة, وما أن بدأ جهاز الشرطة يسترد عافيته قبل ثورة03 يونيو3102 بقليل, ثم بعد03 يونيو, حتي انشغل بمكافحة بؤر الاعتصامات مثل رابعة والنهضة, ثم فضها, وبعدها المظاهرات المسلحة من جماعة الإخوان في المدن والإرهاب في سيناء, برغم تعضيده بقوات الجيش, ولكن المهمة ثقيلة, ونأمل أن يتفرغ لمكافحة الكثير من الجرائم ومنها جريمة التحرش, فهي مرتبطة بجرائم ملازمة لها مثل تناول المخدرات والخمور التي تدفع بقوة لذلك, بحيث تقوم الحملات الأمنية بمطاردتهم والقبض عليهم وتقديمهم للقضاء لينالوا العقاب الرادع, وياحبذا لو كتب علي جبينه بالحبر الفوسفوري متحرش خطر.. ولمن لا يتناول المخدرات من الشباب المتحرش نجد نقص الوازع الأخلاقي والديني الذي يعصمه من ارتكاب الفواحش حتي لو تأخر سن الزواج بسبب عدم المقدرة المادية, ناهيك عن عرض الأفلام السينمائية الهابطة المثيرة للغرائز, وكذلك المناظر الإباحية علي الإنترنت, وهي متاحة للشباب من الجنسين في غيبة الأهل, وتساهم في زيادة الإثارة لتؤدي إلي ارتكاب أفعال التحرش.. ويجب أن نحيي ما تقوم به جماعات ضد التحرش بدور مواز ومساعد للشرطة, حتي يجيء الوقت الذي تقوم فيه الشرطة بكل العبء, وهي قادرة علي ذلك بتفعيل نظام الدوريات اللاسلكية لتمشيط الشوارع من المتحرشين والبلطجية وإنقاذ أي فتاة تقع فريسة للتحرش.. وبرغم أن الشاب هو الذي يتحرش بالفتيات والسيدات, فإننا نطلب الاحتشام منهن, وعلي الأهل دور مهم في متابعة ذلك بالتوعية والحسم, فالاحتشام لا يقتصر علي الملبس فقط, وإنما هناك مشية محتشمة, وسلوك محتشم, وحتي الضحكة يجب أن تكون محتشمة, وبذلك يقطعن نصف الطريق أمام الشباب, ويساهمن في كبح جماحه, أما إذا تعمدت إحداهن ارتداء ملابس كاشفة بقصد الإثارة تحت دعوي الحرية المنفلتة فلا تلومن إلا نفسها, فهي لم تحترم قواعد مجتمعها الشرقي. د. مصطفي شرف الدين