حذرت منظمة العفو الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان من أن معظم الحكومات العربية في الشرق الأوسط لا تعترف بأهمية ثورات الربيع العربي ولا تزال تقاوم موجة التغيير والإصلاح وتوقعت أن يستمر القمع خلال العام الحالي في ظل إصرار ورثة الحكم عن الأنظمة الدكتاتورية المخلوعة علي تبني نفس السياسات التي ثارت الشعوب عليها, إضافة إلي تصميم بعض الأنظمة في الدول التي لم تصل إليها بعد موجات الربيع العربي علي البقاء في الحكم مهما يكن الثمن, مما يدفعها إلي تبني أقصي درجات العنف. ففي تقرير من80 صفحة بعنوان عام التمرد:حالة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا, رصدت المنظمة المشهد السياسي والحقوقي في دول الربيع العربي, فخلصت إلي أن معظم الحكومات العربية لم تستوعب دلالات الربيع العربي, ولذا تعمد إلي الرد عليه إما بالقمع أو بإجراء بعض التغييرات الشكلية فقط, إلا أنها أضافت أن حركات الاصلاح لم تظهر أي علامة علي الوهن علي الرغم من عمليات القمع التي حدثت العام الماضي. وقال فيليب لوثر مدير فرع المنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إن إصرار بعض الدول علي محاولة تقديم تغييرات شكلية أو التعامل بوحشية مع شعوبها لإخضاعها يظهر أن بقاء النظام لا يزال هدف كثير من الحكومات, وأنها لم تدرك بعد أن كل شيء قد تغير, ولكنه أوضح في الوقت نفسه أن حركات الاحتجاج في المنطقة أظهرت مقاومة مذهلة في مواجهة قمع يثير الصدمة أحيانا. وقال لوثر خلال المؤتمر الصحفي الذي أعلن خلاله نتائج التقرير السنوي للمنظمة: إن رفض الناس العاديين أن يحرموا من نضالهم من أجل الكرامة والعدالة هو الأمر الذي يبعث الأمل في عام.2012 فقد برهنت الحركات الاحتجاجية التي عمت المنطقة وقادها في العديد من الحالات جيل الشباب ولعبت فيها المرأة دورا مركزيا, علي مرونة فائقة في وجه قمع شرس من جانب الحكومات. وأضاف: لقد أظهرت الجماهير المحتجة أنها لن تنخدع بسهولة بإصلاحات لا تغير شيئا يذكر, فالشباب الثائر يريد أن يري تغييرا جوهريا وحقيقيا للطريقة التي يحكم بها, وأن يحاسب المسئولون عن الجرائم التي ارتكبت بحقه, غير أن المحاولات المتكررة من جانب الحكومات لإجراء تغييرات شكلية ومحاولاتها المستمرة لمقاومة الإنجازات التي حققها المتظاهرون وقمع مواطنيها وإخافتهم تثبت أنه بالنسبة للعديد من هذه الحكومات ما زالت الرغبة في الاستمرار في السلطة تمثل هاجسها الوحيد. كما انتقدت المنظمة رد فعل المجتمع الدولي بشأن أحداث الربيع العربي والتناقضات في رده علي الأوضاع في ليبيا وسوريا والبحرين, وقالت إن طريقة تعامل القوي الدولية والهيئات الإقليمية, كالاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي, مع التطورات التي شهدها عام2011 اتسمت بعدم الثبات, وفشلت في أن تلتقط عمق التحديات التي تواجهها أنظمة الحكم القمعية, فجري ركوب موجة حقوق الإنسان كذريعة للتدخل العسكري في ليبيا, بينما لم يكن مجلس الأمن قد أصدر في نهاية العام, سوي بيان ضعيف بشأن العنف في سوريا. وعن حالة الدول, كتبت منظمة العفو في تقريرها أنه علي الرغم من التفاؤل العظيم الذي ساد في شمال إفريقيا عقب الإطاحة بحكام طال علي حكمهم الزمن في مصر وليبيا وتونس, فإن هذه المكاسب لم تصاحبها إصلاحات مؤسساتية حقيقية تكفل عدم تكرار الأنماط نفسها من الانتهاكات. فبالنسبة لمصر, نددت المنظمة بانتهاكات حقوق الإنسان من جانب المجلس العسكري الذي يتولي حكم البلاد منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك, واعتبرت أن هذه الانتهاكات أسوأ في بعض جوانبها مما كان يحصل إبان حكم الرئيس السابق, محذرة من تقييد حرية التعبير. وقالت المنظمة إن الجيش وقوات الأمن قمعا بعنف المظاهرات, مما أسفر عن84 قتيلا علي الأقل بين أكتوبر وديسمبر.2011 وأضافت أن التعذيب استمر أثناء الاعتقال, وأن عدد المدنيين الذين أحيلوا إلي القضاء العسكري ارتفع في عام أكثر من ارتفاعه خلال ثلاثين عاما من حكم مبارك. أما بالنسبة لتونس, فرأت المنظمة أن الثورة أدخلت تحسينات لها أهميتها علي حالة حقوق الإنسان, ولكن وبعد مرور عام كامل, يري العديد أن وتيرة التغيير ما زالت بطيئة للغاية, بينما لا تزال أسر ضحايا الانتفاضة تنتظر العدالة. كذلك, انتقد التقرير السلطات الانتقالية في ليبيا لعدم سيطرتها علي المسلحين الذين أسهموا في إسقاط العقيد الراحل معمر القذافي ومنعهم من تكرار أنماط الانتهاكات التي سادت في ظل النظام القديم, ولاستمرار عدم محاكمة نحو سبعة آلاف شخص يعتقلهم هؤلاء المتمردون. وتطرقت المنظمة إلي مواقف حكومات أخري في المنطقة, في مقدمتها الحكومة السورية المصممة بشدة علي التمسك بالسلطة, مهما يكن الثمن من الضحايا البشرية والكرامة. واتهمت الجيش والمخابرات السورية بارتكاب جرائم وعمليات تعذيب قد تعتبر جرائم ضد الإنسانية, في محاولة يائسة لإرهاب المعارضين وإسكاتهم وإخضاعهم. أما بالنسبة لليمن, فقالت المنظمة إن التعنت الذي أحاط بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح تسبب في الكثير من المعاناة في أوساط اليمنيين العاديين, حيث لقي نحو200 شخص مصرعهم خلال قمع الأمن للمظاهرات, بينما لقي مئات الأشخاص مصرعهم في مصادمات مسلحة, فيما اضطر عشرات الآلاف من اليمنيين إلي الفرار من ديارهم. إقرأ أيضا : التحرير يلهم النيجيريين المعتصمين في ميدان النسر مع بدء الإضراب شافيز يرفض التحذيرات الأمريكية من التضامن مع إيران إسرائيل تعزز انفاقها العسكرى ب780 مليون دولار لمواجهة الربيع العربى تركيا تدرس سحب صلاحيات شراء الأسلحة من الجيش براءة زعيم المعارضة في ماليزيا بعد13 عاما من إدانته بالشذوذ الماراثون الجمهوري لاختيار مرشح انتخابات الرئاسة الأمريكية يدخل محطته الثانية بعد اختطافهم علي أيدي ميليشيات:العثور علي جثث10 جنود باكستانيين في مقلب للقمامة