التقت جهود المانحين الدوليين والدول العربية والإسلامية ومنظمات المجتمع المدني علي ضرورة دعم ماراثون السلام في دارفور بجهد إضافي من خلال حشد الأموال اللازمة للتنمية في الإقليم والأمر المؤكد أن التنمية هي كلمة السر المفقودة في الكثير من البلدان ومن بينها السودان, وإذا كانت النزاعات تتفجر أحيانا كثيرة بسبب التناحر الدموي علي الموارد المحدودة, أو الغنائم الجديدة كالبترول مثلا .. ففي المقابل فان معظم التوترات الطائفية والقبلية كان مرجعها دوما إهمال التنمية في بعض المناطق, الأمر الذي يفجر مشاعر الغضب والحنق ضد الحكومة المركزية للدولة. وفي حالة دارفور تجمعت جميع العوامل السابقة من إهمال التنمية والتناحر الدموي علي الموارد الضئيلة والصراع الإقليمي والدولي علي الثروات الجديدة التي تفجرت مثل البترول والغاز واليورانيوم.. الخ ولذا فلعل هذه الخطوة المهمة التي انطلقت من القاهرة بمشاركة57 دولة و33 منظمة إقليمية دولية و30 منظمة مجتمع مدني تحت شعار التنمية من أجل السلام.. لعلها ستكون القطرة الأولي من أجل إنهاء المعاناة لمواطني دارفور وإعادة السلام والأمل للسودان الشقيق. .. وقد يري البعض أن حشد ملياري دولار في صورة منح واستثمارات لتمويل عدد من المشروعات الواعدة في دارفور هو أقل مما يجب, أو يتصور البعض الآخر أن وفاء المانحين بتعهداتهم لم يكن دوما إيجابيا أو كاملا. إلا أنه بالرغم من ذلك فإن هذا الجهد ضروري بل حيوي للغاية من أجل سلام دارفور فيما لو صدقت النيات, وهذه النيات ليست فقط تتعلق بالدول والجهات المانحة بل هي أيضا ترتبط بأطراف الصراع في دارفور.. ولعل من أهم الخطوات المطلوبة في هذا المضمار هي تنسيق خالص النيات مابين المانحين من أجل إنهاء المعاناة لمواطني دارفور, لااشعال الصراع مجددا وهذه المرة بشأن أموال ومنح المعونات التي قد يرغب البعض في أن تتسرب إلي جيوب هذه الأطراف الموالية لهم أو تلك, بدلا من أن تذهب إلي المشروعات الحقيقية التي ترفع المعاناة وتقصر أمد الصراع ومن هنا جاءت دعوة مصر لجميع الأطراف إلي العمل علي نجاح مؤتمر إعمار دارفور حتي يكون حافزا للحركات المسلحة الأخري للحاق بركب السلام مما سوف ينعكس علي سيادة الأمن والاستقرار في دارفور. وفي هذه اللحظة الحاسمة لابد من الاقرار بأن السلام والتنمية هما بأيدي السودانيين أنفسهم وهم وحدهم الذين بمقدورهم انهاء القتال ووضع حد للمعاناة وعمليات القتل التي وقعت ولاتزال مابين أبناء الشعب السوداني الشقيق... ويبقي أن نشير هنا إلي أن الجهد المصري الكبير من أجل وحدة واستقرار السودان يرحب دوما بكل يد أخري يمكنها تقديم المساعدة, ولذا فإن اللجنة التحضيرية للمؤتمر ضمت مصر والسعودية وتركيا والسودان والأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الاسلامي. وهذا الجهد المتضامن يعكس جهدا جديدا يتطلع الكثيرون إلي نجاحه في دارفور, وذلك من أجل نقل هذا النموذج إلي بقية المشاكل الأخري في العالمين العربي والاسلامي لحلها, والأمر المرجح أن مؤتمر القاهرة لاعادة إعمار دارفور سيدشن مرحلة مهمة من أجل السلام في هذه المنطقة المضطربة, ولذا دعونا نأمل جميعا في أن تصدق النيات ويتم العمل علي تنفيذ كل الاتفاقيات والتوصيات والمشروعات من أجل سلام قريب في دارفور.