من أهم معالم خريطة الطريق التي أعلنت عقب ثورة30 يونيو2013 تعديل دستور2012 علي أساس توافقي توصلا الي بناء دولة ديمقراطية حديثة قائمة علي العدالة وسيادة القانون فلقد أصبحت سيادة القانون هي الأساس الذي تبني عليه في عالم اليوم المجتمعات العادلة والمنصفة, كما أن احترام سيادة القانون والعدالة وتعزيزهما ينبغي أن يشكلا نبراسا يهتدي به في جميع أنشطة الدولة. وعلي الرغم من نص دستور2012 علي أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة, فإن هذا المبدأ العام في حاجة إلي التوضيح والتفسير في التعديل الدستوري الراهن مع بيان أوجه تطبيقه وتفعيله. فمن المتطلبات الأساسية في هذا السياق ضمان التطبيق العملي لسيادة القانون, من خلال كفالة المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين, دون أدني تفرقة وتميز بين الغني والفقير, بين صاحب السلطة والمواطن العادي, وهي ظاهرة لا تزال سائدة في كثير من المجتمعات, وترسيخا لتلك المساواة, يتعين إتاحة المشاركة لجميع أطياف المجتمع في اتخاذ القرارات الوطنية المصيرية, سواء في داخل مصر أو خارجها, كما يشترط في هذا الإطار توافر أمانة ونزاهة وشفافية في تطبيق القانون منعا للالتفات حوله والتحايل تجاهه, ولن يتأتي ذلك إلا بالحفاظ علي استقلال السلطة القضائية وضمان حيادها ونزاهتها, مما يكفل دعم دولة القانون وتحقيق العدالة لجميع المواطنين, وتأكيدا لهذا الاستقلال يتعين أن يكون فصل السلطات المنصوص عليه في الدستور فصلا حقيقيا وليس شكليا. وتلتزم الدولة بمقتضي سيادة القانون باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دونما تمييز من أي نوع, كما تلتزم بضمان تمتع المرأة بجميع حقوقها وكفالة حماية حقوق الطفل, كما تلتزم الدولة بتحقيق الاستقرار القانوني بحيث لا تتغير القوانين بين يوم وآخر, حيث يعوق ذلك فرص الاستثمار والتنمية الاقتصادية, والواقع أن هناك ترابطا وثيقا بين سيادة القانون والتنمية باعتبارهما عنصرين يدعم بعضهما بعضا, فإن النهوض بسيادة القانون أمر أساسي لتحقيق النمو الاقتصادي المطرد والقضاء علي الفقر والجوع وتحقيق الرفاهية الشاملة. ومن أهم المتطلبات كذلك في مجال سيادة القانون توفير شفافية قانونية لجميع الأعمال والأنشطة العامة والخاصة علي حد سواء, وتجنب الغموض والتهرب القانوني, هذا فضلا عن فرض المحاسبة القانونية الصارمة دون استثناء أو محاباة بغية الفساد الذي لايزال متفشيا في كثير من مجتمعاتنا, فإن سيادة القانون تعد عنصرا أساسيا في التصدي للفساد الذي يعوق النمو والتنمية الاقتصادية ويزعزع ثقة المواطنين ويضعف الشرعية. كما تتسم سيادة القانون بأهمية في مجال تحقيق العدالة الانتقالية علي نهج شامل من خلال التدابير القضائية وغير القضائية لكفالة المساءلة وتوفير سبل الانتصاف للضحايا وتعزيز المصالحة ثم إن سيادة القانون مبدأ أساسي في محاربة الارهاب وإدانته بجميع أشكاله وتجلياته, أيا كان مرتكبوه وحيثما ارتكب وأيا كانت أغراضه, بالإضافة إلي ذلك يتطلب مبدأ سيادة القانون احترام قواعد القانون الدولي وأحكام المواثيق الدولية فلقد أخذ الميثاق العربي لحقوق الإنسان بكثير من المعايير الدولية واستند إلي المبادئ الأساسية للقانون الدولي, مما يستوجب عدم تجاهلها في صياغة الدستور المصري والدساتير العربية الأخري وفي هذا السياق نتطلع إلي تنمية التعاون بين الدول العربية والاسلامية في مجال القضايا المتصلة بسيادة القانون كتبادل الخبرات وتنظيم الندوات والدورات التدريبية... إلخ. وختاما يراودنا الأمل في أن يسهم تعديل الدستور من خلال تأكيده مبدأ سيادة القانون وتفسير مفاهيمه في دعم الوعي القانوني وتنمية الثقافة القانونية لدي المواطنين, مما يعزز المسار الديمقراطي المنشود وفق خريطة الطريق. مساعد وزير الخارجية للشئون القانونية الأسبق لمزيد من مقالات د. حسين حسونة