كانوا دائما وأبدا في كنف النظام, وللتأكيد إنهم جزء لا يتجزأ منه راحو يتملقونه, يرمون الخارجون عليه بالكفر والضلال, متوعدين اياهم بعذاب يضاهي ما استحقه ابو جهل وامرأته حمالة الحطب, كونهم لم يطيعوا الله واولي الأمر. منه. إدعوا إحتقارهم للدنيا الفانية, أما أمور الحكم فتلك لها اهلها, أما هم فضالتهم الوحيدة إبتغاء مرضاة الله, يعكتفون في المساجد يحضون الملة علي الخير والبعد عن الرذيلة. لكن سبحان من له الدوام, فقد انقلب الحال, ليركبوا موجة ثورة يناير العظيمة, بعد أن تأكد لهم نجاحها المبين, ونالوا اصوات الغلابة الذين اعتقدوا فيهم إنهم بتوع ربنا, لكن سرعان ما انصرفوا عنهم ليتفرغوا لحشر الدين بالسياسة, بعد أن كانوا يعتبرونها أضاليل ويصفونها بالمستنقع, فإذ بهم ينغرسون فيها. ويالها من سخرية, لقد نسوا زهد الأمس, وأخذتهم نشوة السلطة الزائفة وزهوة الدنيا الفانية, لم يعد لهم هم سوي المزايدة بالشريعة علي البلاد والعباد, في حين هم أبعد الناس عنها, وكم هي الوقائع المخجلة التي لم يفعلها من يصفونهم بالعلمانيين الكفرة, لتوصمهم بالعار إلي يوم القيامة, وبالمشاركة مع أقرانهم المتأسلمين صاغوا دستورا دينيا بغيضا, لا يليق ببشر, وبعد أن منعوهم من الذهاب إلي اللجان, إدعوا زورا وبهتانا ان الشعب إختار الهوية الاسلامية. غير أن الجماهير إنتفضت وقامت بثورتها الثانية الكاسحة في الثلاثين من يونيو, وهي بالاساس لم تكن ضد حكم الاخوان المسلمين فحسب بل رافضة الاسلام السياسي جملة وتفصيلا, غير أن حزب النور لا يدرك تلك الحقيقة الناصعة والتي لا تحتاج إلي تأويل, بيد أنه مازال غارقا في دولة المماليك الثانية علي حد تعبير المستشار مصطفي حجازي. ويبدو أن هذا الحزب ينتظر ثورة ثالثة, وهي بالتاكيد قادمة أن لم ينص صراحة دون مواربة علي أن مصر دولة مدنية, وأن المسيحيين واليهود عليهم الاحتكام لشرائعهم في أحوالهم الشخصية لمزيد من مقالات سيد عبد المجبد