مصطلح "الأستاذ" في عالم الصحافة, يعني, محمد حسنين هيكل لأسباب عديدة, فما بالنا في "الأهرام", الذي مازال ينطق حجرا وأثاثا وبشرا بذلك الاسم الذي ترك من البصمات ما جعل الزائر والصحفي علي السواء, يرددونه مع كل حديث, وفي كل مناسبة, مهنية كانت, أو قومية. جمعتني بالأستاذ في مكتبه علي ضفاف النيل ساعتان إلا الربع بالتمام والكمال, ورغم أنها كانت المرة الأولي التي ألتقيه هكذا علي انفراد, إلا أنه كان أستاذا وأبا وصديقا بمعني الكلمة, تحدث عن كل شيء, في السياسة صال وجال, وفي الصحافة أبدع وأبدي من النصائح الكثير, وفي الأمور الشخصية فتح قلبه متحدثا عن المنزل, والمكتب, وهدايت رفيقة العمر, وبرقاش, والسفر, والعلاقات الاجتماعية, وفي المستقبل بدا مهموما بالشأن المصري, والإقليمي, وحتي الدولي. ذاكرة الأستاذ المدعمة بالتواريخ والأرقام والوثائق ربما في غني عن الشرح, وروح الأستاذ المفعمة بالود والحب ليست في حاجة إلي وصف, فغالبيتنا قد فطن وتوقف مسبقا أمام هذه وتلك, إلا أن معلومات الأستاذ وخاصة فيما يخص الشأن المحلي, فربما لن تحصل إلا علي القليل منها خلال أي حوار معه, فالمعلومات غزيرة, سواء عن الماضي, أو الحاضر, أو حتي عن المستقبل, ولم لا؟, وهو المخبر الصحفي الأول في بلاط صاحبة الجلالة بلا جدال. تحتفل الصحافة المصرية, والعربية بل والعالمية اليوم بعيد الميلاد التسعين للأستاذ, وعلي الرغم من الظروف التي تمر بها مصر حاليا, بل والمنطقة بأسرها, إلا أن أحدا لم ينس ذلك التاريخ الثالث والعشرين من سبتمبر, عيد ميلاد الأستاذ, فقبل أسابيع سألني العديد من الزملاء, كيف سنحتفل بعيد ميلاد الأستاذ هيكل؟ وذلك علي الرغم من أن معظمهم إن لم يكن جميعهم لم يتتلمذوا علي يديه, فقد غادر "الأهرام" عام1974 لأسباب سياسية في عهد الرئيس الراحل أنور السادات ولم يسعفهم الحظ للحاق به قبل المغادرة, ليس هم فقط, وإنما كاتب هذه السطور أيضا. إلا أننا جميعا وجدنا في "الأهرام" المبني والورق, تراثا للأستاذ هيكل, ندر أن يجود به عالم الصحافة, لدرجة أن اسمه ارتبط بالأهرام, فأصبح هناك من يردد: أهرام الأستاذ هيكل, علي الرغم من أنه قد مكث برئاسة تحرير الأهرام ثمانية عشر عاما, ليست هي الأطول في عمر رؤساء التحرير, فهناك من تجاوز هذا الرقم الذي كان علامة بارزة في علاقة الصحافة بالسياسة, أو علاقة رئيس التحرير بالزعماء, الذين كان أبرزهم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر, والذي يواكب ذكري رحيله الأحد المقبل28 سبتمبر. اليوم.. نقول للأستاذ كل سنة وأنت طيب,.. وندعو له بطول العمر, والمزيد من العطاء للصحافة, ولمصر, وللإنسانية جمعاء.