أنا.. لست إخوانية ولا سلفية.. ولا يسارية أو ليبرالية.. أنا فقط مواطنة مصرية.. وفخورة أني مصرية.. أحب بلادي وعاشقة لترابها وأستنشق الحياة عبر أجوائها. . وأستمد ضعفي وقوتي من أحوالها.. فأنا معافاة وقوية عندما تحتل موقعها في الصفوف الأمامية.. وأمرض وأضعف عندما تمرض وتصيبها سهام الغدر من البعض عن جهل أو بسبب يد خارجية, ولأني حتي النخاع مصرية.. فلازلت أفرح وأبكي في نفسي الآن عندما أسمع أغانيها الوطنية, وهذا الوجد والشجن الذي يعتريني عند ذكر اسمها مصر ليس حالي وحدي إنما هو حال كل مصري مشي علي أرضها وارتوي من نيلها وغني أناشيدها الوطنية.. ووقف في طابور المدرسة وعلم مصر يرفرف من فوقه, وعلي موسيقي السلام الجمهور هتف بعلو صوته تحيا جمهورية مصر العربية.. والسؤال الآن كيف لنا أن نربي أبناءنا الصغار وفي أعمار مبكرة علي حب مصر العظيمة حتي يعلموا أولادهم- بدورهم- حب مصر؟ د.إيمان سعد السيد زناتي المدرس بقسم العلوم الأساسية بكلية رياض الأطفال جامعة القاهرة تؤكد أنه في ظل الأحداث السياسية المتلاحقة التي تشهدها مصر- والمجتمعات العربية- في السنوات الأخيرة, أصبح هناك ضرورة حتمية لغرس الوعي بأصالة وعراقة التاريخ القومي والتراث الحضاري لجميع الأطفال وفي أعمار مبكرة, وذلك من أجل حمايتهم من أخطار تزييف الهوية المصرية من قبل الدول الغربية التي ظهرت جميع مخططاتها- مؤخرا- للسيطرة والهيمنة علي المجتمعات العربية. فوعي الأطفال بتاريخهم القومي يجعلهم قادرين علي التعرف علي مظاهر الحياة الإنسانية عبر العصور التاريخية ويعرفهم بطرق استخدامها والاستفادة منها في العصر الذي يعيشونه, ويساعدهم علي فهم الحاضر من أجل التخطيط للمستقبل, فالتاريخ هو أعظم وثيقة لتسجيل أعمال الإنسان في الماضي بكل مايحمله من أفكار ومشاعر وتراث حضاري, وقد عرف العلماء الوعي بالتاريخ القومي بأنه ذلك الشعور الذي يربط الطفل بوطنه من خلال تنمية معارفه ومعلوماته عن الشخصيات والرموز التاريخية البارزة وإنجازاتهم البطولية عبر العصور المختلفة, ويتحقق الوعي القومي عن طريق التسلسل الزمني والمنطقي للأحداث التاريخية, وعن طريق شعور الفرد بالانتماء والفخر والاعتزاز بهويته التي تظهر في سلوكياته وفي إحساسه بالمسئولية في مختلف المواقف الحياتية. وقد أشارت العالمة أندرسون ليرس إلي أن برامج الأطفال التي تتجنب التدخل السياسي وتتجاهل قضايا الوطن لم تعد فاعلة, وأنه لابد من طرحها لمختلف القضايا الوطنية والأحداث الجارية في المجتمع, علي أن تتضمن العديد من القيم التي يحتاجها هذا المجتمع مثل الديمقراطية والانتماء والحرية والعدالة والمساواة. وبعد الانفتاح علي الغرب وتبادل الثقافات ومحاولات اللحاق بركب الحضارة, أصبح من الضروري بذل المزيد من الجهود لتأصيل الوعي القومي لدي الأطفال المصريين, وخاصة بعد أن أكدت الدراسات إمكانية تقديم المعاني الوطنية للأطفال في أعمار مبكرة لسهولة إدراكهم, بشرط أن تقدم لهم بأسلوب عملي بسيط وليست بأسلوب رمزي مجرد, ودليلهم علي ذلك أن معظم الشخصيات الوطنية كانت في أعمار صغيرة عندما بدأ وعيها القومي, ومن هذا المنطلق قامت وزارة التربية والتعليم في مصر بتطوير المنظومة التعليمية, بإصدار وثيقة المعايير القومية لرياض الأطفال, والتي تضمنت ضرورة تدريس التاريخ القومي للأطفال بطريقة سهلة تناسب أعمارهم, وتعد الروضة من أهم المؤسسات التربوية المعنية بتربية وتثقيف الأطفال الصغار لذلك فقد اهتمت بتدريس التراث الحضاري للأطفال بما يتضمنه من برامج وأنشطة تدعم حبهم للوطن وترسخ فيهم قيمة الاعتزاز به وتعلمهم كيف يكونوا مواطنين صالحين يحملون قيم الانتماء والولاء والفداء للوطن, وقد كانت اليابان وفرنسا هما الرائدتين في تعليم أبنائهما هذه البرامج بما تحمله من قيم وطنية عظيمة, ثم يأتي دور الأسرة والمدرسة وجماعات اللعب ووسائل الإعلام ودورها البارز في تطوير السلوك الانتمائي لدي الأطفال وتزيد من ثقتهم بأنفسهم ووطنيتهم وتساعدهم علي التواصل الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد. ولأدب الأطفال دور رئيسي في تأصيل الشعور القومي لدي الأطفال في تعليمهم التراث التاريخي لوطنهم, ومن أبرز فنونه القصص والحكايات التي تروي لهم بطريقة ممتعة للمراحل المهمة من حياة البشرية وبخاصة القصص التاريخية الحقيقية المشرفة للقادة والرموز. كذلك من المفيد القيام بزيارات ورحلات ميدانية للأماكن التي تذكر الشخصيات التاريخية مثل الموجودة- علي النصب التذكاري, وأسماء بعض الشوارع والميادين, والقطع النقدية- ورقية ومعدنية- والتي يستطيعون من خلالها مشاهدتها التعلم بسهولة, ومن الأعمال المشهود لها بالتقدير حرص الكتاب علي وضع مناهج مدرسية للتلاميذ تعرفهم بتاريخ وطنهم وإبراز وجهها المشرق قديما وحديثا, خاصة تلك التي تزيد من التضامن الاجتماعي والمصير المشترك لأصحاب الوطن الواحد بما يسمي إنسجام الأنا أمام النحن, وأيضا التي تقوم بتدعيم قيم الاستقلالية والحرية وحماية الخصوصية والاعتماد علي النفس, وتؤكد قيم التعاون والمشاركة وحرية التعبير, وتزيد من الشعور بقيمة الآثار الحضارية التي خلفها الأجداد عبر العصور التاريخية المختلفة- وعدم تحريمها, والتي تعمل علي إعلاء شأن الوطن واللحاق بركب الحضارة والتقدم, وإحترام اللغة القومية العربية لأنها رمز الوطن والعروبة, والأهم من كل ذلك توعية الأطفال بالمغذي من الطقوس التي تمارس داخل الروضة مثل تحية العلم وترديد الأناشيد الوطنية والحتفال بالمناسبات والأعياد وتعليق الصور ووضع المجسمات للرموز الوطنية والتي تقول جميعها بنحبك يامصر.