حينما كتب المبدع الكبير احمد فؤاد نجم رائعته الورد اللي فتح في جناين مصر بعد ثورة يناير, لم تأت كلماتها من فراغ, ولكن ثوار هذا الوطن كانوا الالهام لها, فاليوم يحصد شباب الفنانين اولي ثمار تلك الثورة بعد أن فاز المخرج مازن الغرباوي والمؤلف محمود جمال بجائزة الدولة التشجيعية في الإبداع الفني والمواطنة عن مسرحيتهما هنكتب دستور جديد والتي عرضت في أبريل2011 علي مسرح الشباب, وهي جائزة قد تبدو متأخرة قليلا إلا أن التأخير كان بسبب توقف منح جوائز الدولة التقديرية منذ ثورة يناير, ورغم ان العرض هو الأول لمخرجه ضمن عروض البيت الفني للمسرح, إلا أنه عبر عن آمال المواطنين في دستور عادل يضمن حقوق المواطنة بين الجميع. أكبر مأزق يتعرض له أي فنان في بداية مشواره هو أن يحصل أول عمل له علي جائزة ما, لأن ذلك يضعه دائما في اختبار مستمر أمام نفسه خوفا علي هذا النجاح, ولكن الأمر قد يبدو مختلفا بالنسبة للفنانين الشابين مازن الغرباوي ومحمود جمال, فالغرباوي الذي تخرج من قسم التمثيل والإخراج بمعهد المسرح عام2010, ومحمود جمال خريج تجارة عين شمس عام2008, اختارا الطريق الأكثر مجهودا لاستعادة جمهور المسرح وهو الطريق الذي لا اظن انهما سيتخليان عنه قريبا, ألا وهو طريق المسرح التفاعلي, ففي ابريل2011 كانت تشغل الناس فكرة الدستور, والقواعد الأساسية التي تضمن حياة كريمة للجميع, وهي في هذا التوقيت كانت أشبه بانتظار جودو ذلك الشخص المجهول الذي ينتظره الناس دون أن يأتي أبدا, وهو ما عبر عنه صمويل بيكيت بطريقة عبثية ساخرة, ولكن في حالتنا هذه اتخذ الفنانان قرارهما, وشرعا في كتابة دستور جديد علي خشبة المسرح, ليس من طرف واحد وهم الممثلون, ولكن بمشاركة جمهور العرض, ومن هنا جاء التحدي, الغرباوي وجمال قرآ دستور البلاد الذي تم إيقاف العمل به, وشرعا في تحويل القوانين الجافة إلي لوحات درامية تعبر كل منها عن دستور حياتي يتعامل فيه المواطنون مع بعضهم البعض خلال تعاملاتهم اليومية, فمشهد يتناول قانون الطوارئ, وآخر يتناول حرية التعبير ومشاهد اخري تم استدعاء المشاهدين غليها لمشاركة الممثلين بالغناء والشعر, ضمن نسيج درامي دقيق للغاية.. ليس هذا فحسب, بل كان المخرج يقوم في نهاية كل عرض بعرض ورقة منفردة بأسماء اللوحات يعلق فيها كل مشاهد علي ما اعجبه من مشاهد ولوحات, وبناء عليه يتم إعادة ترتيب اللوحات كل ليلة بناء علي رأي الجمهور, ذلك هو التحدي والصعوبة في المسرح التفاعلي الذي يتطلب قدرة خاصة جدا علي الارتجال, دون الإخلال بمضمون الدراما التي تسعي في النهاية إلي تكوين وجهة نظر لدي المتلقي عما يمكن أن يكون عليه دستور البلاد المنتظر, وبحيث يتحقق للمسرح هدفه الأساسي في خدمة المجتمع. أما محمود جمال مؤلف العرض فرغم صغر سنه إلا أنه كتب اكثر من23 مسرحية, تم تقديم18 عرضا منها علي خشبة المسرح, وكان آخرها مسرحية1980 وانت طالع التي نالت جائزة أفضل عرض مسرحي وأفضل إخراج لمخرجها محمد جبر ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح هذا العام. وبعد الفوز بالجائزة التي جاء الترشيح لها من قبل الفنان ناصر عبدالمنعم رئيس البيت الفني وقت عرضها والكاتبة فاطمة المعدول عضو المجلس الأعلي للثقافة, يستعد حاليا المخرج مازن الغرباوي لإعادة عرضها بعد قرار فتوح أحمد رئيس البيت الفني للمسرح احتفاء بفوزها, علي أن يتم إضافة لوحة جديدة عن فكرة المصالحة المنشودة وضرورة تقبل الآخر بل وإيجاد لغة حوار مشتركة بين جميع فئات الشعب.