الهيئة العامة للاستعلامات, جهاز الإعلام الرسمي والعلاقات العامة للدولة منذ إنشائها عام1954,.. تقوم الهيئة بأدوار عديدة علي الصعيدين الداخلي والخارجي لشرح سياسة الدولة في المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومواقفها إزاء مختلف القضايا. وتنمية وعي المواطن ومشاركته في بناء وطنه وتعميق أواصر الصداقة والعلاقات الوثيقة بين مصر والعالم, إلا أنهاتعرضت لانتقادات متعددة في الآونة الأخيرة, ووجهت إليها أصابع الاتهام في الفشل عن الدفاع عن ثورة مصر في30 يونيو وما تلاها, وعدم تصحيح الصورة المغلوطة عنها في الخارج. السفير أمجد عبد الغفار الرئيس الجديد للهيئة العامة للاستعلامات يوضح في حوار صريح أسباب هذه الانتقادات, وكيفية تجديد شباب الهيئة مرة أخري, وتفعيل دورها والتواصل مع المراسلين الأجانب وتمكينهم من الحصول علي المعلومة الصحيحة حتي لا يقعوا فريسة في يد طرف آخر, وتكون النتيجة نشر معلومات تؤدي إلي تشويه صورة مصر في الخارج. فيما يلي نص الحوار: توليتم رئاسة الهيئة في توقيت صعب وحرج, تشار فيه أصابع الاتهام إلي الهيئة بالتقصير في أداء دورها الرئيسي وهو توضيح الصورة الحقيقية لما يجري في مصر عقب ثورة يونيو, فهل هذا الاتهام صحيح وما أسبابه؟ بالفعل كان التوقيت حرجا, وهو توقيت عزل الرئيسالسابق, وفي هذا التوقيت كان هناك هجوم حادللغاية علي الهيئة بالتقصير في دورها تجاه توضيح الصورة للعالم الخارجي عما يحدث في مصر بأنها ثورة شعبية وليس انقلابا عسكريا, وذلك بسبب بث بعض وسائل الإعلام معلومات مغلوطة عما يجري في مصر. هل ما حدث يحتاج إلي إعادة منظومة التعامل من قبل الهيئة تجاه المراسلين الأجانب؟ الحقيقة أن المنظومة موجودة في أساس عمل الهيئة منذ نشأتها, فالهيئة مسئولة عن تنظيم عمل المراسلين الأجانب وفقا لقواعد تقوم علي حقوق وواجبات, ونحن كهيئة واجبنا أن نكون مصدر توفير المعلومة الصحيحة عن الحكومة وقراراتها وسياستها وتقديم الرسالة المطلوبة منا, ولسبب أو لآخر حدث قصور في عمل الهيئة ووجهت إليها انتقادات, وهي انتقادات نابعة من مفهوم الغيرة الوطنية, ومن مفهوم أن الهيئة كان الأجدر بها أن تدافع عن مصالحنا وتصحيح الصورة الإعلامية المغلوطة في الخارج, وأنا متفق مع كل ذلك, ولكني لاحظت في ثنايا الانتقادات أن كثيرامنها لعدم فهم واضح لعمل الهيئة, فكثير من الناس لا يعرف أساسا دور الهيئة, والبعض يفهم أن الهيئة هي التي تنظم عمل التليفزيون والصحف المكتوبة وهو مفهوم خاطيء, فهناك لغط كثير لكن للهيئة دورا منذ الخمسينيات وحتي ثورة25 يناير وما بعدها, ثم في عهد الرئيس السابق وحتي الآن. لابد أن نلاحظ أننا الآن في حالة مجتمعية جديدة لم تعد الحكومة فيها وحدها, بل الفاعلون فيها أكثر ومطلوب التغيير. ثم يوجد قصور مع المراسلين الأجانب, صحيح أن الدور موجود وواضح لكن المطلوب منا التفاعل بشكل يومي, فالهيئة نفسها يجب أن توفر معلومات ورسالة واضحة لكل المراسلين عن حقيقة الأوضاع بأسرع وقت ممكن. إذا كان الأمر كذلك فيم تفسر ما حدث؟ ما حدث كان في فترة لم أكن موجودا فيها, لكن من خلال رؤيتي السريعة وتحليلي, أري أن الأمور سارت في الطريق الخاطيء, فالهيئة نفسها في فترة الحكم الأخيرة تعرضت للتهميش, حيث كانت مع نظام يعمل بآلياته الخاصة, ومنها آلياته الإعلامية الخاصة, وكان يتعامل مع المراسلين الأجانب بمنظومته, والفترة التي أعقبت ثورة30 يونيو كانت فترة انتقالية صعبة, غير أن الأجهزة الحكومية كلها تعرضت لهزة في هذه الفترة والهيئة مثلها, وفي تقديري المتواضع أن الهيئة لم تنل حظها المطلوب من التطوير مثلما حدث من تطوير في بعض الوزارات كوزارة الاتصالات, وأعتقد أن منظومة الاتصالات في مصر الآن أصبحت طليعة علي المستويين الإقليمي والعالمي, وتم توفير كوادر مؤهلة وتحديث وإنشاء آليات جديدة, وكذلك الأمر في القطاع المصرفي, وهو ما نسعي إلي تحقيقه في الهيئة ايضا. هل عدم التطوير نابع من التغيير المستمر لرؤساء الهيئة, والملاحظ أنهم في الفترات الأخيرة من الخارجية, وأن هناك بعض الدبلوماسيين بالخارجية ألقوا باللوم علي الهيئة في عدم توضيح الصورة المغلوطة بالخارج؟ انا اعمل بأسلوب عملي واضح اكتسبته من خلال عملي في وزاره الخارجية والأمم المتحدة, ولا أعمل من خلال الشائعات, فهناك أخبار تنشر ليست صحيحة, ثم إنه ليس هناك ما يسمي خارجية أو استعلامات, لكن هناك منظومة عمل حكومية متكاملة, وهناك رسالة إعلامية تتم صياغتها علي أعلي مستوي والكل في مجاله يعمل علي تنفيذها. مكاتب الإعلام الخارجية التابعة للهيئة شابها نوع من التقصير في أداء مهمتها الأساسية, وهو توضيح صورة مصر في الخارج؟ علما بأن بعض القائمين علي إدارتها ليسوا بالكفاءة المرجوة من مهارة أو إجادة لغة ويتم اختيارهم مجاملة؟ أولا الكفاءة هي المعيار الأساسي في الاختيار, وأتفق معك في أن دور مكاتب الاعلام الخارجية خطير وله أولوية في أجندة عملي بالهيئة وعلي رأس الأمور التي اهتم بمعالجتها في هذه المرحلة الدقيقة من خلال تنشيط دور الهيئة في مجال أساسي بعملها متعلق بالإعلام الخارجي عن طريق منظومتين; الأولي هي المراسلون الأجانب المعتمدون في مصر, والذين يعملون تحت مظلة الهيئة العامة للاستعلامات, وفي المرحلة الأخيرة جاء كثير من المراسلين الأجانب بعد ثورة30 يونيو وعملوا, ولأنه ليس لديهم فهم واضح للأوضاع في مصر فقد جاءت تقاريرهم غير موضوعية ولا تعكس حقيقة ما حدث. أما الشق الثاني فهو عملنا بالإعلام الخارجي المتعلق بمكاتب الإعلام الخارجية, والمكتب الإعلامي هو مكتب رسمي حكومي يعمل في إطار سياسة الدولة وليس مراسلا صحفيا, ونفعل دورها بإعطائها رسالة جيدة عن تطور الحدث والتغيرات التي تمر بها مصر الجديدة, وبالتالي لابد من تغيير هذه الرسالة عما سبق وتسهيل عمله في تصحيح حقائق الأوضاع من خلال توفير أرقام ومعلومات دقيقة عن كل ما يصدر من الحكومة من قواعد وقوانين وتوضيح خريطة الطريق وكل ما تمر به مصر حتي لا يكون في معزل. لدي رؤية في تفعيل عمل المكاتب الخارجية من خلال تعزيز الكوادر الشبابية والاستعانة بهم إلي جانب القدامي ذوي الخبرة, علي أن تكون قادرة علي التعامل مع العالم الخارجي وأن تتمتع بإجادة اللغة, ويأتي ذلك من خلال تدريب وتطوير مهني ولغوي بالإضافة إلي العناصر الجيدة من أبناء الهيئة الموجودة في بلاد كثير, والتي قدمت إنجازات كثيرة وقامت بدور إيجابي خلال تلك الفترة, لكن وقع الظلم عليهم من الجانب الإعلامي المصري فأصابهم بحالة من الإحباط, ومثال ذلك أحد التكليفات التي طلبتها منهم بالتفاعل بشكل كبير مع الجالياتالمصرية في أوروبا وأمريكا, وهي عناصر رأس مال أعتمد عليها في توضيح الصورة, لأننا نتعامل مع مراكز صنع قرار في الخارج, إعلام خارجي, برلمان خارجي, مجتمع مدني خارجي ودولها الديمقراطية, وتكون عناصر صنع القرار فيها غير مركزية, ولابد أن تتنوع أدوات المخاطبة الإعلامية, وطلبت من مكاتبنا الإعلامية عدم الاقتصار علي مخاطبة الصحف أو القنوات فقط, وإنما الجاليات المصرية في الخارج والسفارات وتزويدهم بالأفلام والمواد الاعلامية والقرارات الحكومية الصادرة, وشرح خريطة الطريق والتفاعل مع تلك الجاليات المصرية في كتابة الدستور ونقل آرائهم للمعنيين بالأمر, كما أن هناك اتجاها لأن يكون لمكاتب الإعلام الخارجية دور مكمل في مساعدة الدولة علي تنفيذ خططها الاقتصادية مثل السياحة, فهي صناعة بها جانب إعلامي ودعاية. كيف ستحقق ذلك ؟ بالتعاون مع كل الوزارات, وبدأت بوزارة الاتصالات لإعادة تطوير إدارة تكنولوجيا المعلومات لتكون سريعة في التواصل مع المكاتب الإعلامية الخارجية والمراسلين الأجانب الذين يمتلكون أحدث أنواع وسائل الاتصالات, أريد أن أرسل لهم فيديوهات توثق الأمر, لكن في المقابل تصلهم فيديوهات من الجهات الأخري أسرع وأنشط. هناك بروتوكول تعاون موقع بين الهيئة ووزارة الاتصالات في هذا الأمر, وهو أمر عاجل ونعمل فيه الآن, وأؤكد أنه بسبب هذا القصور ضاعت منا فرص ذهبية عديدة. هل انتقال تبعية الهيئة من وزارة الإعلام إلي رئاسة الجمهورية يعني شيئا؟ ما يهمني أن جميع مؤسسات الدولة تصب في خطة حكومية واحدة وضعتها الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور الببلاوي, وكلنا نتعاون, وقد كان أول لقاء لي مع الدكتورة درية شرف الدين وزيرة الإعلام, واتفقنا علي التعاون من أجل إعلاء مصلحه الوطن. ما خطة الهيئة في المرحلة المقبلة؟ سيتم عقد مؤتمرات صحفية مع المراسلين الأجانب, أحيانا أتحدث فيها أنا شخصيا عما توافر لدي من معلومات, وذلك كل أسبوع أو أسبوعين, وسوف يتم تنظيم ندوات ومؤتمرات صحفية لمسئولي الدولة والمجتمع المدني لتوضيح صورة مصر للمراسلين, لأنهم بحاجة إلي من يوضح لهم مجريات الأمور في مصر, والتي تختلف أحيانا عما يحدث في بلادهم, مثلما ذكر لي أحد المراسلين الأجانب في أثناء لقائي بهم, فإنهم لم يقصدوا فعل ذلك لأن هناك موضوعات مهمة تصب في خانة الديمقراطية ومقدسة لديهم منها حرية عمل المنظمات الأهلية وحرية الصحافة وضرورة استمرار الرئيس المنتخب لآخر فترته, فأوضحت له الوضع, فالأمر بحاجة إلي توضيح, وأطالب الإعلام المصري بأن يلعب دورا إيجابيا لنقل الصورة الصحيحة للمراسلين بدلا من حالة الاستعداء, والانفتاح عليهم, وعمل حوارات ومقابلات مع المسئولين الأجانب الذين يزورون مصر ويناقشونهم, مثلما يحدث في الغرب, خاصة أن فيهم من يحب مصر ويتكلم اللغة العربية جيدا ولا ندعهم فريسة لجهات مضللة. كشفت المؤتمرات الصحفية العالمية حول الأحداث الأخيرة التي عقدت بالهيئة عن ضعف شديد في مستوي الترجمة الفورية؟ اتفق معك بشدة, يوجد قصور في جانب الترجمة, وبدأت علي مستوي متوسط الأجل في اجتذاب كوادر جديدة ذات خبرة, وكونت قائمة من أفضل مترجمين في الدولة كحل عاجل, بالإضافة إلي تدريب الكوادر الموجودة بالهيئة مع النهوض بمستوي الأدوات التكنولوجية من إنترنت وترجمة وموقع إلكتروني, والاستعانة بالشباب الذين يجيدون التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة في تصحيح الصورة.